كتبت - سماح علام:

أوصى الباحث السعودي المنتدب في وزارة التربية والتعليم صالح يوسف الفرهــــود بضرورة العمل على تطوير أداء المشرفين التربويين عن طريق تفعيل أساليب وأنماط الإشراف التربوي، والاهتمام ببرنامج صناعة المدربين التربويين القادرين على تطوير الناحية المهنيّة للمعلّمين، لافتاً النظر إلى أهمية الانتقال إلى الجانب التطبيقي فيما يقدّمه المشرفون التربويون من مساندة علاجية ومقترحات نظريّة للمعلّمين وعدم الاقتصار على الجانب النظري، والسعي لأن يكون التقويم لا التقييم هو الهدف الرئيس من الأساليب الإشرافية، وذلك من خلال دعم وتحفيز الإيجابيّات وعلاج السلبيّات، إضافة إلى الممارسات التطبيقيّة.

وبخلاف ما يشاع حول أثر سنوات التدريس واختلاف المرحلة في مستوى تقديم الخدمة التربوية ، تأتي دراسة الفرهود لتبين عدم وجود أي إثبات أحصائي يدل على وجود اختلافات بين المعلّمين والمعلّمات في هذا الجانب، مما يفتح الأعين على وجوب تطبيق المعايير العلمية في رصد الواقع، وعدم الأخذ بالمقاييس القديمة غير المثبتة علمياً.

جاء ذلك في دراسة أجراها الفرهود تحت عنوان: (واقع ممارسة المشرفين التربويين لصور العلاقات الإنسانيّة والأساليب الإشرافية في المدارس ومدى تحقيقهم لنموذج الإشراف الإبداعي من وجهة نظر المعلّمين في مملكة البحرين)، والتي هدفت إلى قياس وجهة نظر المعلّمين في الممارسات الإشرافية للمشرفين التربويين في ثلاثة مجالات هي العلاقات الإنسانيّة، الأساليب الإشرافيّة، الإشراف الإبداعي، وطبقت على عينة من 100 معلّم ومعلّمة موزعين على 12 مدرسة من مدارس البحرين تتضمّن مراحل التعليم الثلاث.

وخلص الباحث الفرهود إلى توصيات هامة مقسمة على محورين يعنى الأول منها بجهاز الإشراف التربوي، إذ يتوجب تدريب المشرفين التربويين أثناء الخدمة على تصميم البحوث التربوية، وتشجيعهم على دراسة الواقع التربوي ورصد الإيجابيات والسلبيات واقتراح الحلول، والعمل على تطوير بطاقة تقييم أداء المعلّم بما يتناسب مع طرق واستراتيجيات التدريس الحديثة من جهة، وتكريم المتميزين من المشرفين التربويين ، وذلك بأن تكون له الأولوية مثلا في الترشيح لمناصب إدارية أو دورات وبرامج تدريبية أو بامج الدراسات العليان إضافة إلى تصميم بطاقة تقييم ذاتية للمشرف التربوي تساعده على تطوير أدائه بشكل مستمر.

أما النوع الثاني من التوصيات فعنيت بالمشرفين التربويين، إذ أوضح الفرهود أهمية تحديد البرامج التدريبيّة للمعلّمين وفقاً لحاجاتهم، بحيث لا يكون تحديدها وفقاً لجدول مُعدّ مُسبقاً من جهاز التدريب أو الإشراف التربوي، إضافة إلى أهمية تشجيع المعلّمين وتحفيزهم لممارسة بعض الأساليب التربوية كالتجارب الميدانية، ونقد المناهج وتحليلها، ونقد أسئلة الامتحانات وتحليلها كذلك، والاهتمام بأسلوب المداولة الإشرافية (لقاء المشرف بالمعلّم) باعتباره فرصة للتشاور مع المعلّم ومناقشته ومنحه الفرصة الكافية لطرح آراءه ومقترحاته وتشجيعه على ذلك، لا أن تكون المداولة عبارة عن إملاءات من المشرف للمعلّم، وتفعيل أسلوب الاجتماعات الدوريّة مع المعلّمين بين الفترة والأخرى (فصليّة مثلاً) بحيث تكون مجالاً للتعارف فيما بين المعلّمين، لمناقشة جميع الجوانب المتعلّقة بعناصر العمليّة التعليميّة.

العلاقات الإنسانية منخفضة

وتوصل الباحث الفرهود إلى أن مجال العلاقات الإنسانية قد حصد مستويات منخفضة في كل من محور التواصل مع المعلمين ومحور تحقيق صفة التواضع، في حين حصد تقدير مشاعر المعلمين مستوى منخفض جداً، وقد كانت أكثر المتوسّطات الحسابيّة انخفاضاً هي تلك التي أظهرت عدم اكتراث المشرفين التربويين الزائرين بالسؤال عن أحوال وشؤون المعلّمين والتي قد يكون لها تأثير في النواحي النفسية والمهنية لهم.

كذلك أظهر هذا المجال انخفاضاً كبيراً فيما يخصّ اهتمام المشرفين التربويين بجانب التواصل مع المعلّمين أو حتّى جانب التعارف فيما بينهم وبين المعلّمين، كما أظهر هذا المجال عدم حرص المشرفين التربويين على الخصوصيّة في توضيح السلبيّات ونقاط الضعف لدى المعلّم على انفراد.

تطوير الأساليب الإشرافية

وفي مجال تنفيذ المشرفين التربويين للأساليب الإشرافيّة أشارت النتائج إلى أنّ ممارسة المشرفين التربويين لهذه الأساليب منخفضة جدّاً، حيث كان جانب تنفيذ المشرف التربوي لدرس تطبيقي أو جزء من الدرس أمام المعلّم أكثر الجوانب انخفاضاً في هذا المجال، إلى جانب عدم حرص المشرفين التربويين على غرس القيم التربويّة في نفوس الطلبة من خلال الالتقاء بهم ومناقشتهم في بعض مشكلاتهم.

وكان المتوسط الحسابي منخفضاً جدّاً في جانب حرص المشرفين التربويين على مساعدة المعلّمين في إعداد الدروس بطرق حديثة كطريقة التمايز، وجانب مراعاة المشرفين التربويين للإمكانات البيئيّة، وجانب تشجيعهم للمعلّمين في استشعار حاجات ومشاكل الطلبة النفسية والاجتماعية والإيعاز بها لذوي الاختصاص بالمدرسة، وكذلك جانب اهتمام المشرفين التربويين باستعراض الأبحاث التربوية الميدانية ونتائجها مع المعلّمين.

وأظهرت النتائج قصوراً كبيراً من قبل المشرفين التربويين في تدريب المعلّمين على طريقة بناء الامتحانات وتحليل المنهج، أو في تشجيعهم على أساليب نقد المناهج ونقد أسئلة الامتحانات. كما أظهرت عجزاً كبيراً لدى المشرفين التربويين في طرح المقترحات والأفكار التي تساعد على التجديد والابتكار في طرق التدريس والوسائل التعليميّة .

الإشراف الإبداعي ضرورة

أمّا في مجال ممارسة المشرفين التربويين لنموذج الإشراف الإبداعي، فقد أشارت نتائج البحث - حسب الفرهود - إلى عدم استفادة المشرفين التربويين من المعلّمين المتميّزين في تنفيذ الدورات التدريبيّة أو في تنفيذ الدروس النموذجيّة، وفي السياق ذاته أظهرت قصوراً كبيراً في تكريم وتقدير المتميّزين.

وأظهرت النتائج أيضاً عدم مبادرتهم لنشر التجارب الموجودة بمدارس أخرى أو حتى إعطاء فكرة عن تلك التجارب، إضافةً إلى افتقارهم لأساليب التعامل مع الفئات الخاصة من الطلبة (كالموهوبين والمتميزين أكاديميًّا وذوي صعوبات التعلّم) وإرشاد المعلّمين إلى تلك الأساليب .

وأظهرت النتائج في هذا المجال ضعفاً واضحاً لدى المشرفين في تشجيع الأفكار الناجحة غير المألوفة في التدريس، كما أظهرت اختزال المشرفين التربويين للزيارة الصفيّة في توجيه الملاحظات دونما اقتراح أساليب وطرق تناسب احتياجات المعلّم.

وكان من ضمن النتائج بيان القصور الكبير لدى المشرفين التربويين في تزويد المعلّمين بأفكار إبداعيّة لعلاج مشكلات التدريس المتوقّعة، والضعف في مساعدة المعلّمين على توقّع المشكلات التي قد تواجههم وتعيق عملهم.