عندما تلقى خبير التكنولوجيا المعلوماتية تومك فارفرتسيسزك عبر البريد شجرة طولها 50 سنتمتراً كان ينوي غرسها في حديقة منزله في سيليزيا جنوب بولندا، لم يعرف من يمكن أن يكون مرسلها.
وكتب على موقع المدونات الصغرى “تويتر” “من تلطف وأرسل لي شجرة؟ لا أعرف من يتوجب علي شكره”.
ولم يلقَ جواباً من أحد، لكن بفضل المعلومات المذكورة على الرزمة، تبين له أن الشجرة أرسلت إليه في إطار حملة ضخمة على الإنترنت تهدف إلى غرس 61 ألف شجرة في مختلف أنحاء بولندا بين 7 و14 مايو.
وتقضي هذه المبادرة المسماة “بيو سيكي” بإرسال شجرتين صغيرتين إلى كل متلقٍ، واحدة يحتفط بها لنفسه وأخرى يرسلها إلى صديق. ويقول ياسك بوفالكا (36 عاماً) وهو منظم هذه المبادرة التي تعتبر الأولى من نوعها في بولندا “من السهل جداً حث الناس على التعبير عن أنفسهم على (فيسبوك). ولكن من الصعب حثتهم على اتخاذ خطوات ملموسة”.
وقد أطلق بوفالكا الذي يدير قسم التسويق في شركة في وارسو هذه الحملة لتشجيع البولنديين على إدارة شؤونهم بأنفسهم، من دون انتظار مبادرات من السلطات. ومن أحد أهداف الحملة استعمال مساحات ضيقة للتشجير تعتبرها السلطات المحلية صغيرة جداً.
ويشرح بوفالكا أن “هناك مساحات حجمها 10 أو 15 متراً مربعاً عند زواية أحد الأرصفة ينبت فيها العشب. وقد تكون مكاناً مثالياً لغرس شجرة”.
أصبح اسم ياسك بوفالكا معروفاً في العام 2007 عندما حول أرضاً صغيرة في الحي الذي يقطنه في وارسو إلى واحة خضراء جميلة غرس فيها أشجاراً اشتراها من مشتل.
وقد انضم عدد من جيرانه إلى هذا المشروع وقرروا معاً تنظيم هذه الواحة الخضراء كي يقيموا فيها فعاليات مختلفة، مثل عروض سينمائية في الهواء الطلق.
وهذه السنة، كلفت حملة “بيو سيكي” 130 ألف يورو ومولتها جهات راعية عدة، منها شركة البريد التي يعمل فيها بوفالكا والإذاعة الرسمية التي ساهمت في الحملة من خلال الإعلانات.
وانضم عدد من المدارس والمستشفيات والبلديات وعامة الشعب إلى الحملة بشراء أشجار. ووعدت بعض المشاتل والمتنزهات الوطنية بالمشاركة في الدورة الثانية من الحملة، وذلك بتوفير عدد من الأشجار.
وطلبت الجالية البولندية الكبيرة في لندن أيضاً المشاركة في المبادرة السنة المقبلة.
ويعتبر ياكوب شوليفكا (30 عاماً) الذي اشترى شجرة زان لنفسه وشجرة قيقب لزوجته أن الحملة قادرة على حث البولنديين على شراء الأشجار وغرسها ورفع الوعي لديهم بشأن المشاكل البيئية.
ويقول مدير الفرع المحلي من منظمة “غرينبيس” البيئية إن بولندا تتعرض للانتقادات بسبب انبعاثات غازات الدفيئة وإنتاجها الكهرباء من خلال الفحم، لكن البولنديين يدركون في الواقع المشاكل البيئية.
ويعتبر أن مبادرة ياسك بوفالكا أضفت روحاً جديدة على أنشطة المدافعين عن البيئة.
ويختم بالقول إن “عدم الاكتفاء ببعث الرسائل الإلكترونية وتوقيع العرائض، وإطلاق مبادرة ملموسة تقضي بغرس الأشجار هو خطوة جديدة أدعمها من كل قلبي”.