سوريا في حرب أهلية والحكومة فقدت السيطرة على أجزاء واسعة بالبلاد

عواصم - (وكالات): ذكر تقرير للأمم المتحدة نشر أمس أن القوات السورية قامت بإعدام أطفال في سن الثامنة وتعذيبهم واستخدامهم “دروعاً بشرية” خلال عمليات عسكرية ضد معارضين، وأدرجت الأمم المتحدة الحكومة السورية من بين الأسوأ على قائمتها “السوداء” السنوية للدول التي تشهد نزاعات يتعرض فيها أطفال للقتل أو التعذيب أو يرغمون على القتال. وتقدر مجموعات حقوق الإنسان أن قرابة 1200 طفل قتلوا منذ بدء الاحتجاجات الشعبية قبل 15 شهراً ضد نظام بشار الأسد الذي تعرض لانتقادات شديدة للقمع العنيف الذي يواجه به الانتفاضة الشعبية.

وصرحت ممثلة الأمم المتحدة الخاصة لشؤون الأطفال في النزاعات المسلحة راديكا كوماراسوامي أنه “نادراً ما رأيت مثل هذه الوحشية ضد الأطفال كما في سوريا حيث الفتيات والصبيان يتعرضون للاعتقال والتعذيب والإعدام ويستخدمون دروعاً بشرية”. وأضاف التقرير حول “الأطفال في النزاعات المسلحة” أن قوات حكومية جمعت عشرات الصبيان الذين تتراوح أعمارهم بين الثامنة والثالثة عشرة قبل شن هجوم على بلدة عين لاروز في محافظة ادلب في 9 مارس الماضي.

وجاء في التقرير أن الأطفال “استخدموا من قبل الجنود وعناصر الميليشيات دروعا بشرية فوضعوا أمام نوافذ حافلات تنقل عسكريين لشن الهجوم على البلدة”. وبعد نحو شهرين على إنشاء بعثة المراقبين الدوليين، أعلن مسؤول عمليات حفظ السلام في الأمم المتحدة هيرفيه لادسو أن سوريا باتت “في حرب أهلية” وأن الحكومة السورية فقدت السيطرة على “اجزاء واسعة من أراضيها”. وأضاف “هناك ارتفاع هائل في وتيرة العنف”.

وفي الإطار نفسه أعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون أن تمديد مهمة بعثة المراقبين في سوريا بعد يوليو المقبل سيكون صعباً إذا لم يحصل تقدم في تطبيق خطة المبعوث الدولي كوفي عنان لإحلال السلام في البلد. وصرحت أن الولايات المتحدة قلقة من معلومات تشير إلى إرسال مروحيات روسية هجومية إلى سوريا، متهمة موسكو بالكذب بشأن شحناتها للأسلحة. ميدانياً، قتل 62 شخصاً في سوريا أمس في قصف وأعمال عنف أخرى بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وتعرضت 3 سيارات تقل مراقبين دوليين إلى إطلاق نار بعد أن أجبرت على مغادرة منطقة الحفة في محافظة اللاذقية، بحسب ما أفادت المتحدثة باسم البعثة سوسن غوشة في بيان. وذكرت غوشة أنه “تم إطلاق النار على 3 سيارات تقل المراقبين فيما كانوا يغادرون منطقة الحفة غرب باتجاه ادلب”. ومنع عدد من سكان قرية الشير في ريف اللاذقية من الموالين للنظام السوري وفداً من المراقبين الدوليين من بلوغ مدينة الحفة المجاورة، وفق المرصد. واتهمت سوريا الولايات المتحدة بـ “دعم المجموعات الارهابية المسلحة” والتغطية على جرائمها، في حين تواصل القوات النظامية السورية لليوم الثامن على التوالي قصفها لمدينة الحفة المحاصرة في محافظة اللاذقية غرب البلاد. وقال المرصد السوري إن “قوات النظام تستخدم في قصفها قذائف الهاون والمدفعية وراجمات الصواريخ”، مشيراً إلى أن “مئات المقاتلين المعارضين يتحصنون في الحفة وجبل الأكراد المجاور”.

وقال إن “النظام فقد السيطرة على مناطق عديدة دون أن يعني ذلك أن المقاتلين المعارضين سيطروا عليها”.

في الوقت نفسه، يتواصل القصف على مدينة حمص ومدن أخرى في المحافظة.

ونشر المراقبون الدوليون شريط فيديو مصور لزيارة وفدهم إلى كل من الرستن وتبليسة شمال مدينة حمص، حيث وصفوا بحسب بيان عن الناطقة باسم المراقبين الشوارع الخالية والأبنية التي يتصاعد منها الدخان في البلدتين بالإضافة إلى آثار دماء “حديثة العهد”، لافتين إلى أن مروحيات كانت تقوم بالقصف.

وعبرت فرنسا بلسان الناطق باسم خارجيتها برنار فاليرو عن “القلق من أن تكون مجازر جديدة تحضر” في سوريا، مؤكدا في الوقت نفسه حصول اتصالات فرنسية روسية في محاولة لإيجاد مخرج دبلوماسي للازمة.

كما حذر وزير شؤون التنمية الدولية البريطاني الن دنكان من خطورة تدهور الوضع الانساني في سوريا ان لم يتم وقف العنف “بشكل فوري”.

ويامل الموفد الخاص للامم المتحدة والجامعة العربية الى سوريا كوفي عنان في عقد اجتماع قريباً لمجموعة اتصال حول سوريا.

من جهته دعا المجلس الوطني السوري في بيان “المنظمات الإنسانية وعلى رأسها الصليب الأحمر الدولي الى التوجه مباشرة الى حمص والحفة لادخال المواد الطبية والغذائية وتجنب كارثة إنسانية كبيرة وشيكة”. من جهتها، اعتبرت منظمة أطباء بلا حدود أن الاتفاق الإنساني بين سوريا والأمم المتحدة الذي يسمح لبعض المنظمات غير الحكومية بالعمل على الأرض “غير كافٍ” وطالبت بأن تتمكن منظمات متخصصة في الطوارىء الطبية مثلها من التدخل.

من جهة أخرى، أكد محللون أن المذابح الطائفية في سوريا قد تظهر الميليشيات التي تدعمها السلطات في صورة المسخ الذي سينفر حلفاء سوريا ويدفع بالتدخل الخارجي وتمزيق أوصال البلاد الأمر الذي سيسرع بسقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

وقد هنأ وزير الخارجية الإيطالي جوليو تيرزي الرئيس الجديد للمجلس الوطني السوري المعارض الكردي عبد الباسط سيدا، مشدداً على ضرورة “أن يتوحد المعارضون حول خطاب مشترك”. من ناحية أخرى، أفاد مصدر أمني أن اللبناني سليمان الأحمد أعيد إلى ذويه في منطقة وادي خالد شمال لبنان بعدما كان مخطوفاً في سوريا، فبادر هؤلاء إلى الإفراج في المقابل عن 7 سوريين كانوا محتجزين لدى أهالي الوادي في انتظار الإفراج عن الأحمد.