هل أرضعت المرجعيات الدينية -غير البحرينية- حليب كره الوطن لأبنائنا البحرينيين؟
سؤال يطرح نفسه؛ إذ لا يمكن أن يكون هذا الذي يفرح لخسارة وطنه ويفرح بآلام أبناء وطنه ويشوه سمعة وطنه، وهذا الذي يحرق الإطارات والحاويات ويلقي الحجارة والقمامة والأسياخ، وذاك الذي يتسلق السفارات ويقتل رجال الأمن ويعرض أمن أهله وناسه وبني وطنه والمقيمين للخطر؛ لا يمكن أن يكون تربية آباء وأمهات هذه الأرض أو تربية مآتم البحرين الأصيلة.
كيف وأمه وأبوه من أهالي القرى الطيبين الذين تربوا على حب الوطن وعلى زرعه وبنائه وعلى حياكته وعلى صناعته وعلى نسيجه وعلى صيد بحاره؟ فمن ربى هذا الجيل الجديد؟ من رباهم على هذه القيم المقلوبة؟ وكيف سمح الآباء لأبنائهم أن يتعلموا وينشؤوا بغير ما تعلموا هم عليه ونشؤوا هم عليه؟ وهل اختطف أبناء القرى من حضن آبائهم وأصبحت المرجعيات غير البحرينية هي المربي لهم؟
ألهذه الدرجة بلغت الثقة العمياء بالمرجعيات الدينية حتى نسلمهم فلذات أكبادنا، وهم مرجعيات من قوميات أخرى؟ ألا ترون كيف أن تلك المرجعيات مواطنون يحبون أوطانهم ولا يرضون بكلمة سوء على وطنهم ويدافعون عنه في المحافل الدولية، ولا يقبلون أن يتكلم أحد على وطنهم أو ينتقدها، وداخل أوطانهم لا يجيزون التظاهر غير السلمي ولا يجيزون العنف ولا يجيزون قتل رجال الأمن في أوطانهم، في حين يعطون الضوء الأخضر لأبناء الأوطان الأخرى، ومنها أبناء البحرين، أن يحرقوا وطنهم ويدمروه؟ ألا يقف آباء هؤلاء الأبناء دقيقة ليسألوا أنفسهم لم فرطنا في احتضان أبنائنا؟ وكيف تركناهم لمرجعيات يفرقون بين أوطانهم وأوطاننا؟ فهل الوطن لا يكون وطناً إلا إذا كانوا هم حكامه وهم واضعو نظامه السياسي؟ كيف سمح الآباء أن تتحول أوطاننا إلى لعبة في يد المرجعية الإيرانية أو العراقية أو غير البحرينية؟ كيف تركنا أبناءنا لعبة في يد تلك المرجعيات تحرق بهم أوطاننا؟
كيف سمحت البحرين كدولة وكمجتمع أن تنتشر (دعوة) قلبت لهم المفاهيم والقيم والمبادئ، وحولت الحرام إلى حلال والخطأ إلى صواب، وشحنتهم بتلك المفاهيم المقلوبة ثم أطلقتهم في الشوارع كالوحوش يحرقون الأخضر واليابس بلا أدنى إحساس لا بالوطنية فقط؛ بل حتى بالقيم والمبادئ التي حث عليها الإسلام وأصلتها عادتنا وتقاليدنا؟
مازالت الدهشة تعقد لساني حين أرى فرحة أي بحريني بخسارة وطنه، مازالت هذه المشاهد رغم مرور عام على بروزها بهذا الشكل القبيح والمخزي تصدمني، على الأقل زمان كانت الخصومة السياسية لا يمكن أن تساوم على الأرض، الآن أصبحت الأرض مستباحة بالمفاهيم النضالية السابقة!! وأصبحت قلة الأدب والشتيمة والألفاظ البذيئة التي تتوارى الوجوه من لفظها أصبحت عادية ويحمل مطلقها ألقاباً كريمة وبطولية!!
أذكر لقاء قناة الجزيرة مع الدكتور مجيد العلوي حين ساومه المذيع على جزيرة حوار، فما كان من د.مجيد العلوي إلا أن قال أراضي الوطن خارج المساومة، وقد قدر جلالة الملك للدكتور مجيد هذا الموقف المشرف الذي أخرج الوطن من مساومة الخصومة وأبقى على الخلاف السياسي بعيداً عنها، لذلك جلالة الملك هو من بدأ بمخاطبة د.مجيد وهو من دعاه للعودة للوطن، على الأقل كانت هناك أرضية مشتركة نقف عليها كلنا مهما اختلفنا مع خصومنا السياسيين وهي أرض الوطن، أين ذهبت هذه الأرضية؟ أين الوطن عند هؤلاء الذين يفجرون ويحرقون ويشوهون ويستميتون في خسارة أرضهم؟
مرجعيات إيرانية ومرجعيات عراقية أصبحت هي المربي وهي المعلم وهي القيادات السياسية لبحرينيين، فهل خليت؟
البحرين لا تعني شيئاً لهؤلاء، لا تعني لهم “أرض” البحرين شيئاً، لم يقربوها لم تلمس أقدامهم ترابها، لم يتنفسوا هواءها، لم يتربوا على ثراها، أصبح الإيراني أو العراقي هو من يحدد لأبنائنا علاقتهم بهذا التراب، هم من يجيزون له حرقه وتدميره وتشويه سمعته والانفصام عن إخوتهم في أوطانهم أم لا، وأبناؤنا مستسلمون وآباؤهم مستسلمون. إنه جيل مقتطع من جذوره البحرينية، رباه حزب سياسي إيراني الهوى بحجة أنها تربية مرجعيات دينية.. أسفي على آباء وأمهات تخلوا عن مسؤوليتهم إلى هذه الدرجة وثقة عمياء ألقت بأبنائهم إلى الهاوية.