عندما تم اقتحام السفارة البريطانية بطهران في ديسمبر 2011، أمهلت بريطانيا الدبلوماسيين الإيرانيين بلندن 48 ساعة للرحيل. وقال وزير خارجية بريطانيا إن الاقتحام ما كان ليحدث لولا الموافقة الضمنية للنظام الإيراني بحسب تصريحات له نشرتها الصحف آنذاك. وقال وزير خارجية بريطانيا وليام هييغ لا يمكن تصديق فكرة عدم قدرة السلطات الإيرانية على منع اقتحام السفارة. ثم أجلت بريطانيا دبلوماسييها من طهران وعلى خلفية ذلك استدعت النرويج وألمانيا وإيطاليا سفراءها من طهران بعد وقت وجيز من سحب لندن سفيرها. 

ووصف رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون اقتحام السفارة البريطانية في طهران بأنه “مشين ولا يمكن الدفاع عنه. لقد كان تقاعس الحكومة الإيرانية عن الدفاع عن العاملين البريطانيين والممتلكات البريطانية مخزياً”. بريطانيا تركت مقتحمي سفارة البحرين يقدمون “العرض” الخاص بهم بعد تهافت الإعلاميين، وتناقلت أنباء عن محاولة “تفاوض” الشرطة مع المقتحمين ولا ندري علامَ التفاوض فلم يكن هناك رهائن فهل هي لعبة وفرت لها بريطانيا الغطاء لا سيما وهي الراعية لما يسمى بالمعارضة البحرينية المتطرفة المرتبطة بالأجندة الإيرانية والتي كشفتها الوثائق؟ وهي من يمنح هؤلاء حق اللجوء والتحرك وتفتح لهم القنوات والمنظمات لضرب البحرين بكل الوسائل تحت حماية بريطانية، بينما تتحدث الدبلوماسية البحرينية عن علاقات متميزة ومتينة مع بريطانيا التي تحمي المجندين لضرب البحرين ثم تتساهل مع اتفاقات العلاقات الدبلوماسية وتترك المقتحمين ينفذون خطتهم حتى الآخر. هل يحق لنا أن نصف ما جرى هناك كما وصف رئيس وزراء بريطانيا اقتحام سفارة بلاده في طهران؟ هل حدث الاقتحام بتواطؤ ضمني من بريطانيا التي لاتنفك عن احتضان المحرضين على البحرين؟ تُطالَب الدول بحزم شديد تجاه أية محاولات لاقتحام السفارات أو الاعتداء عليها ويتم الردع بأقسى الوسائل. البحرين ملتزمة بذلك كما رأينا بأعيننا في حالات حاول فيها البعض التظاهر والتجمهر أمام السفارة البريطانية وحتى الإيرانية وغيرهما فقد تكفلت البحرين بحماية البعثات الدبلوماسية من أي اعتداء وهذا واجبها حسب الاتفاقات الدولية التي لاتنفك بريطانيا وأوروبا وأمريكا بذكرها إذا تعرضت سفاراتها أو سفارة إسرائيل لأي أذى. قبل فترة عندما اقتحمت مجموعات مصرية السفارة الإسرائيلية بالقاهرة كانت بريطانيا على رأس الدول المنددة بالاقتحام وانتقدت الحكومة المصرية حيث قال ديفيد كامرون رئيس وزراء بريطانيا إن السلطات المصرية مطالبة باحترام التزاماتها وفق معاهدة جنيف والتي تنادي بحماية أملاك وأرواح الطواقم الدبلوماسية بما في ذلك السفارة الإسرائيلية في القاهرة. ودعا الرئيس الأمريكي أوباما الحكومة المصرية إلى “احترام التزاماتها الدولية وحماية أمن السفارة الإسرائيلية”، وذكرت وزارة الخارجية الأمريكية أن وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون اتصلت بوزير الخارجية المصري محمد كمال عمرو لحث مصر على الوفاء بالتزاماتها وفقاً لاتفاقية فيينا لحماية الممتلكات الدبلوماسية، علماً بأن قوات الأمن المصرية تعاملت مع المحتجين ووقع بينهم حالات وفاة وإصابات، لكن عندما يأتي الأمر لسفارة البحرين تتغير اللهجة وتخفت ونسمع كلاماً عن مفاوضــــات وحقــــوق تعــــبير وغـــــير ذلك مـــــن تلـــــوٍ وتلــــوّن. نذكّر ختاماً بأهم ما جاء في اتفاقيات فينا للعلاقات الدبلوماسية التي تقضي بأنه يجب على الدولة المستضيفة للسفارة أن تضمن وتلتزم باتخاذ جميع الخطوات لضمان أمن وسلامة مبنى البعثة الدبلوماسية وحمايتها من أي اقتحام أو ضرر من أي نوع. كما يجب أن تتمتع مباني البعثة الدبلوماسية بالحرمة والخصوصية ولا يجوز لأي فرد أن يدخل المبنى دون إذن من رئيس البعثة الدبلوماسية، وعلى الدولة المستضيفة اتخاذ جميع الخطوات المناسبة لمنع أي اعتداء على حرية وكرامة البعثة الدبلوماسية.