يقول العرب “اشتدي أزمة..تنفرجي”، هل نحن على أبواب انفراج الأزمة التي دخلنا فيها منذ بدأ شيطان فبراير تحركه الكريه؟ ألم نبلغ بعد حد اشتداد هذه الأزمة لتبدأ في الانفراج؟ ما حصل للبحرين منذ أكثر من عام كثير عليها وعلى أهلها ولا تستحقه، خاصة أنه يمكن للبحرينيين حل أي مشكلة فيما بينهم بوصفات بحرينية بحتة. فقد تعودنا في البحرين أن نحل مشكلاتنا في جلسة تراضٍ و”تشره” وبروح بحرينية صرفة لنعود أكثر حباً لبعضنا البعض وأكثر استيعاباً، ولم نكن بحاجة حتى إلى الدخول في الحوار. فنحن أهل البحرين طوال حياتنا أسرة واحدة ولا شيء يمنعنا من التعبير عن آرائنا ومواقفنا وطرح مشكلاتنا التي تجد الحل غالباً عن هذا الطريق التقليدي البسيط خاصة في وجود قيادة وحكومة تمتازان بالمرونة، والأمثلة في هذا الصدد كثيرة.

لكن الدخول في الحوار “مش غلط”، أيضاً كما يقول إخواننا في الأردن، فطالما أن الأمور تطورت ووصل بعضها إلى حالة من التعقيد غريبة على مجتمعنا البحريني فلا بد من الدخول في الحوار ليقوم كل طرف بطرح ما يراه مناسباً للخروج من هذا المأزق والذي فيه أيضاً ستسيطر الروح البحرينية وستسهل مسألة الوصول إلى تفاهمات حقيقية ستوفر علينا الكثير من المآسي والكثير من الأخطاء. التطورات التي حدثت في الأسبوع الماضي تبين أن الأزمة اشتدت إلى حد كبير وأنه ليس بعد كل ذلك الاشتداد إلا الانفراج حيث لا يعقل أن تشتد أكثر وحيث لا يعقل أنه لم يعد مكان للعقل في بلاد أهل العقل والحكمة، فما الذي يمكن أن يأتي بعد كل هذا الذي حل علينا من نوائب؟ وما الذي يمكن أن يحدث من تطورات؟ الواضح أن ما ظل ينتظره البعض ممن اتخذ طريق العداء مع الدولة وقطع كل الحبال مع الثوابت لن يتحقق، فكل الوقائع على الأرض وكل المؤشرات تؤكد ذلك، عدا أن من راهنوا على ذلك ركنوا في جانب من مراهنتهم على الأحلام والخيالات وفي جانب آخر على خبرتهم المحدودة في عالم السياسة ووضعوا كل بيضهم في سلة المنظمات الدولية التي لا تمتلك من الأدوات ما يمكنها أن تغير أنظمة.. وعلى بعض الدول ممن ليس لها شعبية ولا يمكن الركون إليها، بينما تمتلك الحكومة ورجالاتها من الخبرة السياسية الكثير وتمتلك الكثير من القدرات والكثير من العلاقات الدولية التي لا يمكن للآخرين أن يفرطوا فيها حيث الدول مصالح، وحيث لا مصلحة لتلك الدول في المغامرة بدعم جهات أو أفراد لا يمتلكون أساسات العمل السياسي الدولي باستثناء تلك التي لها مصلحة واضحة وفي النهاية سيكتشف أيضاً أنها إنما اتخذت هذه المجموعة مطية لتصل إلى مراميها الواضحة لمن لديه القدرة على قراءة الواقع بشكل صحيح. حسب تعبير أولئك الذين يلعبون “الدامة” فإن اللعبة “قفلت” وبالتالي لا مفر من الدخول في حوار قد لا يكون متاحاً غداً، حيث السياسة هي فن الممكن وفن اقتناص اللحظة وليست فناً يتيح لممارسه أن “يركب رأسه” كما تفعل هذه المجموعة التي من الواضح أنها اليوم فرحة بقدرتها على تحريك جزء من الشارع والتحكم فيه بما تمتلكه من قدرة في عملية الشحن العاطفي.. والطائفي وتعتبره ورقة رابحة في يدها. ترى ماذا بعد كل هذا الذي حدث يمكن أن يحدث في البحرين التي أهلها مسالمون بالفطرة؟ ماذا بعد كل هذا الذي صار أكيداً أن ما ظل معشعشاً في بعض الرؤوس غير قابل للتحقق؟ ماذا بعدما فشلت كل المحاولات للإطاحة بالحكومة والنظام؟ ماذا غير الانفراج؟