كتب - علي الشرقاوي:
النجاح الحقيقي لا يقاس بالوظيفة التي وصل إليها أي إنسان ـ أي إنسان تعب وكد وسهر من اجل الحصول عليها، ولا يقاس بالمال الذي يحصل هذا أو ذاك من الناس ولا بالمنصب. النجاح الحقيقي هو الوصول إلى الصفاء الداخلي والانسجام مع الطاقة الكونية والرضا. من هنا نرى إن العديد من الناس لا يكتفون بما وصلوا إليه من نجاح وظيفي، إنما يسعون لتقديم الجميل و الصحي و المحفز لذواتهم أولاً، وللآخرين ثانيا ، طارحين ضرورة العودة إلى الإخوة الإنسانية، التي تشظت بفعل التكنولوجيا العالمية.
د.أمل الجودر واحدة من اللواتي لم يكتفين بالوظيفة الأم، لذلك أرادت الحصول على ما هو خارج الوظيفة، خارج العادي والمألوف ـ خارج المكرر واليومي والمهني البحت، فذهبت إلى ما هو أجمل وأرقي، وهو تقديم الخدمة للآخرين، ومساعدتهم على تجاوز إحباطاتهم، ودفعهم للنجاح، دون انتظار كلمة شكر أو تقدير أو تكريم. يكفيها أن تقوم بمساعدة الآخرين بالكلمة الطيبة المشجعة المحفزة الإيجابية القادرة على إعادة الثقة إلى من فقدها، حيث إن كل إنسان أعطاه الله كنزاً في داخله، لكنه لم يستطع أن يكتشف هذا الكنز، لذلك عملت وتعمل أمل الجودر على مساعدة الآخرين، لاكتشاف الكنوز الداخلية والطاقة الهائلة التي يملكونها، من أجل إعمار الأرض، وهي واحدة من المهمات الأساسية التي خلقنا الله من أجل تنفيذها بكل محبة وإتقان.
الحرية
في كتابها (عالم مختلف) تحاول د.أمل الجودر تشجيع جميع القراء على أن يكونوا أحرار في اتخاذ القرارات المناسبة لهم في رحلتهم الحياتية بين الظلمتين، ظلمة الرحم وظلمة القبر، مؤكدة على إن المسؤولية، كل المسؤولية، تقع على كاهل الإنسان وحده، فهو المحاسب على كل ما يقوله ويفعله في هذه الحياة. ونشد على يد أمل الجودر بحرارة ونقول إنه الكتاب الأول، وأمامك طريق طويل يحتاج إلى كم هائل من الصبر لتحقيق الاستراتجية الحياتية التي بدأت في تنفيذها. فإن كتاب ( عالم مختلف) هو خطوة من خطوات المسار الطويل، مسار الفكر ومسار الفعل ومسار التسامح والغفران للوصول إلى مدينة المحبة الكونية.
من أجل الوصول إلى ما وصلت إليه هذه الإنسانة المحبة إلى كل ما خلقه الله على الأرض، دعونا نستمع إلى حكايتها مع العالم المختلف الذي دخلته... تقول في مقدمة كتابها (عالم مختلف): «عرفت عن البرمجة اللغوية العصبية لأول مرة من رئيس لجنة مشاعل الخير بالجمعية الإسلامية الأخ الفاضل يوسف البدر، حيث دعاني مشكوراً لحضور دورة أقامها بالجمعية للعضوات هناك وكان ذلك في يناير 2001 ، والحقيقـــــة تقال بأني أعجبت كثيراً بهذا الموضوع ورغبت بشدة أن أتعرف على تفاصيله وبالتحديد من منبعه الولايات المتحدة الأمريكية، خصوصاً لاحتوائه على كثير من المفاهيم المتعلقة بالتواصل والسلوك البشري والتي تعتبر أساس عملنا بالتثقيف الصحي، إلا أن أحداث سبتمبر وما ترتب عليها جعلتني أسوف الذهاب. وظلت الرغبة كامنة، تطفو كلما شاهدت إعلاناً محلياً عن دورة تدريبية حول الموضوع، أو جاء ذكرها على لسان أحد المعارف وذات يوم وبعد مرور بضع سنوات على معرفتي عنه. وبينما كنت أقرأ وبالتحديد «الفصل الخاص بكتابة الأهداف من كتاب أيقظ قواك الخفية لأنتوني روبنز» فإذا بالكاتب يطلب من القارئ بالإقدام على الخطوة الأولى مهما كانت صغيرة نحو تحقيق هدفه قبل مواصلة القراءة. ولأن تعلم البرمجة اللغوية العصبية كان على قائمة أهدافي في ذلك الوقت، ما هي سوى لحظات معدودة حتى وجدت نفسي أزور الموقع الإلكتروني الخاص بالمعهد الذي تخرج منه الأخ يوسف وأرسل لهم رسالة إلكترونية مستفسرة عن المواعيد والرسوم والسكن وخلافه وجاء الرد... بأن أقرب دورة تبدأ في منتصف يوليه وتنتهي منتصف أغسطــــــس 2004». وتضـــــيف: «أتقدم لوزيرة الصحة آنذاك د.ندى عباس حفاظ على موافقتها لتعويضي للرسوم الدراسية والتي سبق أن دفعتها من حسابي الخاص وشراء تذكرة السفر. وعند الموعد المحدد كنت هناك في تلك البقعة الجميلة من ولاية كولارادوا الجبلية وبالتحديد في ونتر بارك حيث أنعم الله عليهم بطبيعة خلابة تحوي الجبال والأنهار والوديان وجو ساحر ولو كان للجنة وجود في الدنيا لكانت هي ونتر بارك بلا منازع».
تجربة متميزة
وتواصل الجودر: الدورة بحد ذاتها كانت عجيبة، فرغم حضوري للعديد من الدورات في البحرين وخارجها طوال ما يربو على العشرين عاماً، إلا أنني لم أصادف تجربة مثل هذه التجربة، فمعظم الدورات التي حضرتها متجانسة بالمشاركين فيما أما هم أطباء أو إداريين أو عاملين صحيين، غير أن دورة البرمجة لا يوجد شخصان متماثلان في الخليفة الدراسية أو العملية، فهناك العامل والمدرس والممرض ورجل الأعمال الذي يصل دخله لمليون دولار ويود أن يضاعفه خلال عام والشرطي والمصور وربة الأسرة والواعظ الديني والطالب الجامعي، بل كانت هناك مريضة نفسية أشار عليها طبيبها المعالج بأن تلتحق بالدورة، ناهيك عن اختلاف الأديان والأجناس والأعمار والبلدان. ورغم كل هذه الاختلافات في هذا الصف الواحد العجيب الغريب الخليط من المراهقين والبالغين والمسنين من كل صوب وحدب وكل واحد منهم عالم فريد بحد ذاته، بتجاربه وثقافته، اجتمعنا على رغبة مشتركة وصادقة في التعلم، مما أضفى علينا نكهة خاصة، فتعلمنا من بعضنا البعض ومن هيئة التدريس واستمتعنا في جو بسيط مريح خال من التعقيد والرسميات، فمنا من كان جالساً أو مستلقياً على الأرض أثناء الدرس أو على العشب الأخضر الندي عند إجراء التمارين العملية مرت الأيام بسرعة ومضى الشهر وكأنه أيام قلائل. أما الأساتذة فكانوا مثالاً للتواضع والبساطة فالبرعم من خبرتهم الواسعة ومؤلفاتهم العديدة في هذا المجال إلا أنهم في تعاملهم معنا لم يشعر أي فرد منا بفرق، وكان تعاملهم معنا تعامل الند للند فلم يستخدموا العروض التقديمية على الحاسب الآلي بل مجرد الأوراق الكبيرة حيث كان التركيز الأكبر على الجزء العملي
هيئة تدريس مختلفة
وحول هئية التدريس تقول الجودر: «كانت الهيئة تضم ستيف أتدريس وهو حاصل على البكالوريوس في الهندسة العام 1957 وماجستير في علم النفس العام 1961 حيث درس مع أبراهام ماسلو في جامعة برامديس، وفي العام 1977 تعرف على البرمجة اللغوية العصبية ومن ذلك الحين وهو يبحث ويؤلف ويدرب في هذا الموضوع مع زوجته وهما من مؤسسي معهد البرمجة اللغوية العصبية في كولارادوا، وله العديد من الكتب والأشرطة السمعية والمرئية حول البرمجة. كذلك كانت تضم تشارلز فولكر وهو في الأصل مهندساً ومنذ انضمامه إلى عالم البرمجة اللغوية العصبية وهو يدرب ويؤلف ويشارك في التأليف وله مجموعة من الأشرطة السمعية والمرئية حول الموضوع نفسه بالإضافة إلى العديد الآخرين مثل جين برنس مؤلفه كتاب من الداخل للخارج بناء كيان صحي وجين اليفين وجيف ستاجس وتم هولبوم الذين يجوبون العالم لتدريب العاملين في مختلف المؤسسات المهنية».
تطبيق ما تعلمت
تذكر الجودر أنها رجعت بعد ذلك للبحرين، وتضيف «رجعت للبحرين وبدأت في تطبيق ما تعلمته للراغبين بالاستفادة خلال تخصيص صباح يوم الإثنين من كل أسبوع لاستقبالهم في مكتبي بالوزارة بدون مقابل، كما قدمت بعض المحاضرات والورش للموظفين بالوزارة ودورة خاصة في الفترة المسائية، كما أجريت بضعة مقابلات تلفزيونية وإذاعية وصحفية حول الموضوع نفسه. ومن أجل تطوير نفسي أكثر ذهبت مرة أخرى في صيف 2005 وعلى حسابي الخاص لحضور دورة متقدمة حول تقديم الإرشاد والتوجيه من خلال البرمجة اللغوية العصبية، ونلت شهادة معتمدة من معهد البرمجة اللغوية العصبية بكاليفورنيا. وها هو كتابي عالم مختلف في مجال البرمجة اللغوية العصبية يرى النور ولو أردت الاستفادة القصوى منه عليك بتطبيق التمارين العملية قبل الانتقال إلى الجزء التالي وتخصيص كراسة صغيرة لتدون فيها أهدافك في الحياة حيث يساعدك ذلك على التركيز في تحقيقها. وكل طموحي أن يساهم هذا الكتاب في تحفيز القارئ أن يكون إنساناً إيجابياً متسامحاً مع نفسه ومع محيطه وسائر المخلوقات على كوكبنا الأرضي. إنساناً قادراً على استقبال الحب وإرساله إلى الآخرين. إنساناً يزيح الحقد والكراهية والحسد ليكون كالشجرة المباركة، ثمرها الطيب ورائحتها المحبة. ويسعدني ويشرفني أن أتقدم بجزيل الشكر والامتنان للأستاذ الشاعر علي الشرقاوي لمراجعته الكتاب واقتراحاته القيمة لتطويره والشكر موصول لكما عزيز القارئ عزيزتي القارئة.
«مرايا للفنون» يستضيف المشروع العالمي «الرحلة إلى الضعف»
استضاف مركز مرايا للفنون في القصباء بدعم من شركة الإمارات للاتصالات المتكاملة (دو)، مؤخراً محاضرة للفنانة الإيطالية ماريا ريبيكا باليسترا حول مشروعها البارز «رحلة إلى الضعف»، قدمت خلالها باليسترا الرؤى الفريدة حول هذا المشروع المُلهم والذي يشمل العالم، والمستوحى من «بيان أرينزانو حول الأرض والإنسان»، من إعداد وابتكار ماسيمو موراسو في أرينزانو، إيطاليا، العــــــام 2001. وقالـــــــــت باليسترا: «يسرني تقديم هذا المشروع الفني الجوال «رحلة إلى الضعف» في مركز مرايا للفنون، والعمل من خلال الفن على رفع الوعي حول القضايا البيئية التي نعيشها. ونأمل أن تُسهم هذه الفعالية في تثقيف الحضور بمدى ضعف القلب الذي نعيش من خلاله، واقتراح التفكير أكثر بقضايا هامة من قبيل الغذاء، والموارد، والطاقة. ونسعى عبر هذه الفعالية لفتح فرصة بناء حوار جماعي مع الجمهور حول البيئة، والفن، والعلوم».