كتبت ـ هدى عبدالحميد:

أوصت الندوة الترويجية الثانية لمشروع منظمة المرأة العربية في ختام أعمالها، أمس، بدراسة أسباب إخفاق المرأة في الوصول إلى حقوقها، وحثها على اللجوء إلى القضاء، والعمل على زيادة الوعي القانوني لديها وتبصيرها بحقوقها وبطرق وأساليب الدفاع عنها.

كما أوصت الندوة، التي رعتها صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة عاهل البلاد المفدى رئيسة المجلس الأعلى للمرأة ونظمها المجلس بالتعاون مع منظمة المرأة العربية والمجلس الأعلى للقضاء وانطلقت أعمالها أمس بفندق السوفيتيل بمملكة البحرين، بعدد كبير آخر من التوصيات أبرزها: تعميم هذا النوع من الدراسات، وتشجيع الدراسات الميدانية والإحصائية المبنيّة على التقصّي والاستبيان لما تم تحقيقه في مجال حقوق المرأة، واستحداث موقع إلكتروني خاص بالأحكام القضائية المتعلقة بحقوق المرأة الإنسانية، بما يضمن سرعة استدعائها أمام القضاء، ويجعلها رافداً أصيلاً في تأسيس الأحكام في الموضوعات المشابهة، ونشر هذه الأحكام وتعميمها على كل العاملين في مجال القانون والمهن القانونية، وإنشاء مرصد إقليمي يهتم بالقضايا المرفوعة أمام القضاء والتي تكون المرأة طرفاً فيها من أجل متابعتها قضائياً وإعلامياً.

كما أوصت الندوة، التي أقيمت تحت عنوان «حقوق المرأة الإنسانية: علامات مضيئة في أحكام القضاء العربي»، باستخدام وسائل الاتصال والإعلام لتوعية المجتمع بنحو عام، والمرأة بنحو خاص، بالقضايا الشرعية والقانونية، وبالإجراءات الواجب اتباعها لممارسة حقوقها في مختلف المجالات، وتكوين المهارات القيادية لدى النساء للمطالبة بحقوق المرأة وإعداد الخطط الاستراتيجية وحشد التأييد، بالإضافة إلى تزويد المنظمات المدنية العاملة في مجال حقوق الإنسان بشكلٍ عام، وحقوق المرأة بشكلٍ خاص، بالإطار القانوني المستقر في أحكام القضاء تجاه الحقوق الإنسانية للمرأة لنشره ضمن برامجها الهادفة إلى إرساء ثقافة حقوق الإنسان.

وتضمنت التوصيات كذلك دعوة المؤسسات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني إلى بذل الجهد لتعديل المفاهيم التقليدية المتعلقة بالمرأة، وإحداث إصلاح ثقافي توجيهي يأخذ بعين الاعتبار التطورات المعاصرة، ويسهم برفع مستوى الوعي لردم الهوة المعرفية حول حقوق المرأة وواجباتها، وإدراج حقوق المرأة الإنسانية في المناهج التربوية على مختلف مستوياتها، والتأكيد على استقلالية القضاء، لأن القضاء المستقل يشكل أهم ضمانة لحقوق الإنسان بصفة عامة، وحقوق المرأة بصفة خاصة، واعتماد الصرامة في تطبيق القوانين التي تكرّس حقوق المرأة، ووضع آليات ملاحقة وإنزال عقوبات رادعة بحق منتهكي هذه الحقوق.

وقالت الدكتورة ليلى عازوري منسقة المشروع، خلال تقديمها خلاصة الدراسات المقدمة للندوة في جلستها الختامية، إن مجال الأحوال الشخصية هو المجال الأول الذي يدفع المرأة إلى اللجوء إلى القضاء.

وأضافت أن حماية حقوق الإنسان عموماً، وحقوق المرأة الإنسانية خصوصاً، لا تعني جهة قضائية معيّنة دون غيرها، مشددة على أن زيادة الوعي القانوني لدى المرأة هو شرط لازم لضمان حماية حقوقها.

وتم استعراض تجارب الدول العربية في مجال حقوق المرأة والقوانين والتشريعات المتبعة، والتطرق إلى تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة، إذ بين المستشار محمد العياطة أن 90%من حالات الطلاق تحصل بسبب الضرر الذي يوقعه الزوج على المرأة. أما 10? من الطلاق فيكون بسبب المرأة نفسها.

وأشار إلى أن أغلب قضايا الطلاق المتداولة حالياً في محاكم دولة الإمارات، تقع بسبب الضرر، سواء النفسي أم الجسدي، منها القذف والسب والعنف والضرب والهجر، بالإضافة إلى سوء المعاملة.

وأوضح أن القانون الجديد للأحوال الشخصية في الإمارات الصادر عام 2005، أنصف المرأة، ودعم حقوقها، خصوصاً في ما يتعلق بقضايا الطلاق.

ولفت العياطة إلى أن المحكمة تأخذ بالأسباب الواهية التي يقدمها الزوج لتطليق زوجته، وتعدّه طلاقاً تعسفياً، كما لا يجوز إجبار الزوجة وأخذها إلى منزل الزوجية بالقوة في دعوى الطاعة.

من جانبه، استعرض القاضي فوزي خميس التجربة اللبنانية في مجال حقوق المرأة، مشدداً على ضرورة الرقي في مواضيع الأحوال الشخصية، خصوصاً القضايا الجنسية، ووضعها في سُلَّم الأولويات، مؤكدا ضرورة إيجاد حلول منطقية تؤمن الاستقرار العائلي، حتى ولو تطلَّب الأمر تدخُّلاً تشريعياً.

وأشار خميس إلى ضرورة بلورة الدور الاجتماعي للمرأة، وتطوير مفهوم تمكين المرأة، وضرورة تأمين المشاركة القيادية لها على قدم وساق مع الرجل، وضرورة تأمين التوازن في المجتمع على صعيد لعب الأدوار، وضرورة إلغاء العنف القانوني الممارس بوجه المرأة.

واستعرضت المستشارة تهاني الجبالي التجربة المصرية، وأوصت في ورقتها بضرورة توفير قاعدة بيانات منضبطة ومنظمة على كل موضوع يتصل بحقوق المرأة الإنسانية، وإدراج التطبيقات القضائية في مجال تدريس القانون، وتزويد المنظمات المدنية العاملة في مجال حقوق المرأة وحقوق الإنسان بالإطار القانوني المستقر في أحكام القضاء، والعمل على تقدم البحث العلمي في مجال الحقوق الإنسانية للمرأة .

وفي السياق نفسه، استعرضت زهور الحر تجربة المغرب في مجال حقوق المرأة الإنسانية، مبينة أن هناك حواراً ونقاشاً يدوران حالياً حول العدالة الجنائية للنساء من حيث قوانين الشكل أو الموضوع خاصة ما يتعلق بالعنف الممارس ضد النساء، والتحرش الجنسي، والتهديد والاختطاف، والاغتصاب.

وتم استعراض التجربة الموريتانية للدكتور حاتم إلمامي، والتجربة اليمنية للدكتور عبدالمؤمن شجاع الدين.

من جانبها ألقت المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية الدكتورة ودودة بدران كلمة توجهت فيها بجزيل الشكر لقرينة عاهل البلاد ورئيسة المجلس الأعلى للمرأة لصاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة لرعايتها المناسبة.

وكان اليوم الأول شهد تقديم دراسات كل من المملكة الأردنية الهاشمية، ومملكة البحرين، والجمهورية التونسية، بالإضافة إلى الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، وجمهورية السودان، وجمهورية العراق.

وتهدف هذه الندوة التي تعد منصة للترويج لأحد المشاريع المهمة لمنظمة المرأة العربية في مجال الحقوق الإنسانية للمرأة العربية إلى تسليط الضوء على ممارسات قضائية منصفة في مجال حقوق المرأة الإنسانية، كما تهدف إلى زيادة الوعي بالحقوق الانسانية للمرأة لدى المسؤولين، وردم الهوة بين النص المنصف للمرأة وواقع تطبيقه.

وكانت الجمهورية اللبنانية استضافت الندوة الإقليمية الأولى للترويج لنتائج المشروع التي نظمتها منظمة المرأة العربية بالتعاون مع الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية وبمشاركة خبراء قانونيين مشاركين بالمشروع في بيروت في يناير 2012 ، إذ قدم الخبراء عروضاً لدراساتهم ركزت على الآثار النوعية للأحكام القضائية التي تناولتها الدراسات، وأهميتها في المسار القضائي والتشريعي في كل دولة، بحسب المجالات التي توزعت عليها الأحكام وهي: مجال الأحوال الشخصية، مجال الحقوق المدنية، مجال الحقوق السياسية، مجال الحقوق الاقتصادية، مجال الحقوق الاجتماعية، مجال الحقوق الثقافية، ومجالات أخرى.

يذكر أن منظمة المرأة العربية تأسست في العام 2002 وتهدف إلى تنسيق المواقف العربية المشتركة لدى تناول قضايا المرأة في المحافل الإقليمية والدولية، وتنمية الوعي بقضايا المرأة العربية في جوانبها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والقانونية والإعلامية، ودعم التعاون المشترك وتبادل الخبرات في مجال النهوض بالمرأة، وإدماج قضاياها ضمن أولويات خطط وسياسات التنمية الشاملة، لتقوم بدورها كشريك أساسي في بناء المجتمع.

وتضم المنظمة في عضويتها (16) دولة عربية وهي المملكة الأردنية الهاشمية، دولة الإمارات العربية المتحدة، مملكة البحرين، الجمهورية التونسية، الجمهورية الجزائرية، الجمهورية السورية، جمهورية السودان، جمهورية العراق، سلطنة عمان، دولة فلسطين، الجمهورية اللبنانية، ليبيا، جمهورية مصر العربية، المغرب، موريتانيا ، الجمهورية اليمنية.