كتب - حسن عبدالنبي:

أجمع خبراء على أهمية إعادة توزيع الاستثمارات البحرينية والخليجية قبل وقوع أزمة مالية في منطقة اليورو حسب ما تناقلته التقارير الدولية عن هذه المنطقة، لافتين إلى أن المناخ الاقتصادي الخليجي وخصوصاً البحرين بات مهيأ لجذب استثمارات أفضل من منطقة اليورو. مؤكدينأن المملكة بمنأى عن أي هزات قد تحدث.

وحذر بعضهم في تصريحات لـ«الوطن”، من استمرار الاستثمار في منطقة اليورو لكونها دخلت منطقة الخطر، فيما استبعد آخرون انهيار اليورو واختفائه من الوجود، عازين ذلك إلى الأضرار التي سيلحقها بالاقتصاد العالمي.

وقال الخبير الاقتصادي د.أكبر جعفري، إن عامي 2012 و2013 سيشهدان الكثير من المتغيرات الاقتصادية، واصفاً الاقتصاد الأوروبي بـ«القنبلة الموقوتة”، والتي يمكن أن تنفجر في أي لحظة، خصوصاً أن جميع المؤشرات توحي بانهيار اليورو.

ولفت إلى أن الضرر من تدهور اليورو سيكون على الدولار أيضاً، وهما مجتمعين يشكلان 49% من الناتج المحلي العالمي، ما يعني أن العالم ينتظر أزمة اقتصادية جديدة.

ودعا جعفري المملكة وجميع المستثمرين في منطقة اليورو إلى إعادة رسم استراتيجياتهم والتوجه باستثماراتهم نحو الشرق ونحو بلدانهم، مؤكداً أن البيئة الاستثمارية لدول الخليج مهيأة للاستثمارات الضخمة أكثر من منطقة اليورو.

وبيَّن أن منطقة اليورو تشهد تدهوراً اقتصادياً متسارعاً، وستكون هناك ضربات اقتصادية في هذه المنطقة خلال الأيام المقبلة، مشيراً إلى أن منطقة اليورو دخلت في مرحلة خطيرة، وعدم أخذ الأوضاع الحالية في الحسبان سيتسبب بضرر للعديد من المستثمرين.

وفيما يتعلق بارتباط الدينار بالدولار، بيَّن جعفري أن فك الارتباط بالدولار مطروح منذ فترة طويلة، بيد أنه يحتاج إلى تنظيم أكثر والاتجاه نحو إصدار عملة خليجية موحدة، أو حتى عملة آسيوية أو إسلامية تشكل قوة اقتصادية مؤثرة في العالم.

ولفت إلى أن مؤشرات البطالة في دول الاتحاد الأوروبي وأمريكا الشمالية، جداً خطيرة وتحتم التفكير في فك الارتباط، حيث تشكل نسبة البطالة اليوم في إسبانيا 25%، والخارجين عن العمل يشكلون 50%، أما نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر في أمريكا الشمالية 16.5%، ونسبة البطالة تشكل 10%.

وألمح إلى أن الكويت والإمارات كانتا من أولى الدول التي بادرت بسحب أكبر استثماراتها في منطقة اليورو وتحويها نحو دولها، معتبراً في الوقت ذاته أن هذه الخطوة الأنسب لحماية الأموال من الضياع. وزاد على ذلك: “ستكون البدائل في الاستثمارات الخارجية للفترة المقبلة الصين والهند وكوريا الجنوبية، لكونها دول واعدة وتتميز بنمو كبير في الشرق”.

من جهته استبعد الخبير الاقتصادي، د.رضا فرج انهيار اليورو، معللاً على ذلك: “إن انهيار اليورو يعني تضرر الاقتصاد العالمي إجمالاً، لكون الاقتصاد العالمي يشكل حلقة مرتبطة، وأن أي فقدان لأحد الحلقات ستتبعه فقدان حلقات أخرى”.

وتوقع فرج أن تمر منطقة اليورو بأوضاع صعبة خلال العاملين المقبلين، ستكون أقرب نتيجة لذلك خروج اليونان مع احتمالية خروج البرتغال أيضاً وعودتهم إلى عملاتهم القديمة، وسيشكل ذلك ضرراً كبيراً على اليورو، مستبعداً أن تختفي عملة اليورو من الوجود.

وأكد أن الدول الاقتصادية الكبرى لن تترك منطقة اليورو تتعرض إلى انهيار دون مساعدتها، بل سيكون من واجبها أن تشكل حماية لهذه العملة، كون ذلك يشكل خطراً كبيراً على الاقتصاد العالمي، فبادر البنك الدولي أمس بطرح مساعدة لمنطقة اليورو بـ453 بليون يورو.

وحذر فرج من أن أي خلل أو هزات تحصل في منطقة اليورو سيكون أثرها واضحاً على دول الخليج، مطالباً دول الخليج بالتحرك بجدية لتوزيع محافظها الاستثمارية على الدول المختلفة كنوع من الاحتياط، وتقليل حجم استثماراتها في منطقة اليورو.

وأشار فرج إلى أن البديل هو التوجه نحو دول جنوب شرق آسيا كونها تشكل المستقبل الواعد والأفضل جدوى اقتصادية من منطقة اليورو، وكذلك نحو تايلاند والهند وكوريا والصين، وجميعها دول واعدة.

وأفاد بأن التغيرات التي ستطرأ على اليورو ستجعله أضعف من الدولار، بحيث ستظهر عملات من جنوب شرق آسيا أقوى من اليورو نتيجة المتغيرات، ما يجعلنا نستفيد من جانب الاستيراد إذا كان سعر العملة أقل من الدولار.

ولفت إلى أن البحرين تتمتع بعقليات اقتصادية مهمة، موضحاً أن زيارة سمو رئيس الوزراء إلى تايلاند مؤخراً لزيادة التعاون الاقتصادي في شتى المجالات يعطي ضمانة لتقليل حجم الأضرار على اقتصاد المملكة التي قد تحدث جراء أية هزات في اليورو.

من جهته استبعد الخبير الاقتصادي، د.أحمد اليوشع أن يتعرض اليورو إلى الانهيار، إذ يترتب على ذلك انهيار اقتصادي عالمي، كون انهيار اليورو يتبعه انهيارات أخرى.

وأكد أن الولايات المتحدة ستحول دون وقوع مثل هذه الأزمة، لأن أضرارها وخيمة على المجتمع الدولي اقتصادياً وسياساً، لافتاً إلى أن خروج اليونان أو البرتغال من الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى قرار سياسي أكثر منه اقتصادي، خصوصاً إذا ما ترتب على ذلك دخول قوى اليمين المتطرف “النازيين” على هذه الدول.

وأضاف اليوشع: “سعر اليورو سيتضرر جراء هذه الأزمة، بيد أن أمريكا ستحاول حمايته للإبقاء عليه كقوة اقتصادية، باعتبار أن المؤشرات لا توحي إلى تقدم في الاقتصاد الأمريكي حتى الآن بعد الأزمة المالية العالمية”.

ولفت إلى أن أزمة اليورو تحتم ضرورة إيجاد جهاز للرقابة على أداء الأجهزة الحكومية من حيث المصروفات وليس جهازاً لرقابة أداء البنوك فقط. وعن البحرين والخليج، أشار إلى أنها تحصل على دروس مجانية من المشاكل التي تعرض لها الاتحاد الأوروبي في مسيرته الاتحادية، وعلى الخليج تجاوز هذه المشاكل في خطواته المقبلة نحو تشكيل التكتل النقدي.

ودعا اليوشع إلى الإسراع نحو توحيد الجهود وإطلاق العملة الخليجية الموحدة، والتي تشكل انطلاقة كتلة اقتصادية جديدة وقوية في العالم.

وبحسب وكالة أنباء رويترز: “أظهر مسح أمس أن معنويات المحللين والمستثمرين في ألمانيا هبطت في يونيو بأسرع وتيرة منذ أكتوبر 1998 مع تفاقم أزمة البنوك الإسبانية وعدم التيقن حول نتائج الانتخابات اليونانية وهي أمور من المرجح أن تكون وراء هذا الانخفاض”.

وأظهر المسح الشهري لمعنويات اقتصادية الذي يجريه مركز زذ.إي.دبليو للبحوث الاقتصادية ومقره مانهايم تراجعاً إلى -16.9 من 10.8 في مايو وذلك أقل من توقعات 42 محللاً في مسح لرويترز بانخفاض إلى 4%.