إسلام أباد - (أ ف ب): أمرت المحكمة العليا في باكستان أمس بإقالة رئيس الوزراء يوسف رضا جيلاني المدان لأنه رفض فتح تحقيق بحق الرئيس اصف علي زرداري بتهمة الفساد، في قرار يضعف الرئيس وقد يؤدي إلى انتخابات مبكرة. ومباشرة بعد هذا الإعلان عقد زرداري اجتماعاً طارئاً في حزبه (حزب الشعب الباكستاني) بحضور جيلاني “لدراسة الوضع”، على ما أفاد مسؤول حكومي وكالة فرانس برس طالباً عدم كشف هويته. كذلك دعا الرئيس مسؤولي الأحزاب الأخرى الأعضاء في الائتلاف الحكومي الذي يقوده حزب الشعب الباكستاني إلى لقائه في وقت لاحق، كما أضاف المصدر. لكن لم يتبين بعد ما إذا كان إعلان قرار المحكمة العليا سيؤدي إلى اقالة جيلاني فوراً علما أنه قال مراراً أن البرلمان وحده هو من يستطيع إقالته وليس القضاء. غير أن مسؤولين في حزب الشعب الباكستاني تحدثوا عن إمكانية استبداله سريعاً بقيادي آخر في الحزب تفادياً لأزمة خطيرة مع القضاء وشل جهاز الحكم. ويضعف هذا القرار الرئيس زرداري الذي يحكم البلاد منذ 2008 إثر سقوط النظام العسكري، وقد يؤدي، بحسب بعض المراقبين، إلى تنظيم انتخابات تشريعية مبكرة قبل بداية 2013، موعد الانتخابات المقبلة.

وعلى كل حال فإنه يزيد في الغموض السياسي وهشاشة الحكومة التي تواجه في الوقت نفسه تمرداً عنيفاً بقيادة حركة طالبان وتنظيم القاعدة وأزمة اقتصادية خطيرة في بلد يعيش نحو ربع سكانه الـ180 مليون نسمة تحت عتبة الفقر. وأعلن رئيس المحكمة افتخار محمد شودري لدى تلاوته الحكم أن “يوسف رضا جيلاني مقال من عضويته في البرلمان” اعتباراً من 26 أبريل تاريخ إدانته. وأضاف “كذلك أيضاً فهو لم يعد رئيس وزراء باكستان ويعتبر هذا المنصب شاغراً”. وتابع أن “على اللجنة الانتخابية أن تعلن رسمياً هذه الإقالة” وأن “يتخذ الرئيس كل الإجراءات الضرورية لضمان استمرارية العملية الديمقراطية” خصوصاً بانتخاب رئيس وزراء جديد.

وبذلك يعتبر جيلاني أول رئيس وزراء يدان خلال ممارسته مهامه في تاريخ باكستان التي تأسست سنة 1947 إثر تقسيم الهند البريطانية. وينص الدستور الباكستاني على أنه يمكن منع شخص انتهك شرف القضاء من تولي مقعد في البرلمان، وهو مقعد ضروري لتولي منصب رئيس الوزراء. وتطلب المحكمة العليا بدء ملاحقات بحق الرئيس زرداري بتهمة اختلاس أموال عامة قيمتها 12 مليون دولار مع زوجته بنازير بوتو عندما كانت رئيسة للوزراء (1988-1990 ثم 1993-1996) مع أحد وزرائها. وأدانتهما محكمة ابتدائية سويسرية في 2003 بتبييض الأموال لكن الزوجين لم يستأنفا الحكم. وبعد مقتل زوجته في اعتداء ديسمبر 2007، انتخب زرداري رئيساً في السنة التالية، وفي 2010 اعتبر مدعي عام جنيف أنه لا يمكنه فتح الملف مجدداً طالما أن زرداري رئيس نظراً لأنه يتمتع بحصانة. ورغم مطالبة المحكمة العليا بذلك مراراً رفض جيلاني حتى الآن أن يطلب إعادة فتح الملاحقات في سويسرا بحجة تلك الحصانة وأمام ذلك الرفض أقرت المحكمة في نهاية فبراير الماضي ملاحقته بتهمة انتهاكه شرفها ثم أدانته رمزياً في أبريل الماضي. وتتابع الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة عن كثب التقلبات السياسية في باكستان لأنها القوة العسكرية النووية الوحيدة في العالم الإسلامي وأحد معاقل الشبكات الإسلامية المتطرفة بما فيها تنظيم القاعدة.