ما كنت لأكتب أسطر هذه الورقة، لو راودتني للحظة واحدة فكرة أنني استهدف معارضة بحرينية، فالذي استهدفه في كل أوراقي، هو المؤامرة والمتآمرين على البحرين، كياناً وطنياً ونظاماً أساسه الوجودي العروبة.
إذ نشأت على احترام الرأي الآخر وحق الخلاف والرؤية من زاوية غير زاويتي، لكن مفهوم المعارضة في رأيي، هو الذي يضعني موضع الخلاف هنا أو هناك في جغرافيا الجدل.
مفهوم المعارضة
فمفهوم المعارضة كما أرى، هو تعيين الطرف الآخر وتسميته في اللعبة الديمقراطية، بمظهرها البرلماني، في مواجهة الموالاة، وهو على ذلك ليس وبإطلاق، تحريك الشارع للتخريب، وتعطيل الحياة بأشكالها كلها، وإقصاء الآخر، وقطع الطرق، واحتلال المنشآت الحكومية ودوائر الدولة الرسمية، والخروج على القانون ومواجهة أدوات حماية النظام والتحريض عليه، والتحشيد وراء لافتات إسقاطه وإقامة نظام آخر إلحاقي بأجندة أجنبية وأدوات وتمويل ودعم أجنبي، وبدقة واختصار، التحشد خلف قادة المولوتوف شعاراً ووسيلة، تحريضاً وصناعة واستخداماً، لتحقيق أغراض سياسية تتقاطع والقوانين ودستور البلد، هذه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن أقبل تسميتها معارضة، وأساليب معارضة، وحين تنتقل فعالياتها إلى الساحة الدولية، بالروحية نفسها، فإنها تتحول إلى عملية تشويه لسمعة البلد، وترتدي ثوب طعن الأخ وتمزيق الستر أمام الأجنبي، ويمكن توصيفها بلا تردد بأنها مؤامرة.
ثورة الإعلام
والذي أثار حفيظة الإعلام الوطني البحريني حقاً، في هذه المسألة، على الدور الذي لعب في جنيف إبان انعقاد جلسات المراجعة الدورية لملف حقوق الإنسان من قبل البعض، هو ادعاء المظلومية، الدور المسرحي الذي أتقن أداءه ما اسمي بوفد أهالي البحرين، أو وفد منظمات المجتمع المدني البحريني، أو وفد المعارضة البحرينية، في حين لا يحمل هذا الوفد أياً من تلك التسميات، ولا تنطبق عليه اشتراطاتها، وصدق بعضهم ادعاءه، حتى دعت رئيسة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، إلى حماية الوفد بعد أن ذكرت أسماء أعضائه في سابقة تأزيمية احتج عليها رئيس الوفد البحريني وزير حقوق الإنسان، الدكتور صلاح بن علي وعدد من أعضاء الوفود المشاركة في جلسات المراجعة الدولية، إذ خلقت مناخاً عدائياً كان يفترض بها العمل لتلافيه والعمل للتهدئة وخلق أجواء تساعد على الحوار والتقارب، بدلاً من انتهاجها سياسة الخندق والخندق المقابل، إذ فاجأت السيدة لورا دوبوي أسير – الرئيسة - الجميع بإلقاء بيان في ختام مراجعة توصيات أعضاء المجلس بشأن الأوضاع الحقوقية في البحرين، طالبت فيه بحماية “الوفد الأهلي البحريني” بعد أن أدانت الحملة الإعلامية التي شنتها ضدهم وسائل إعلامية بحرينية محلية، على حد توصيف البيان، وحذرت أسير من محاولات التعرض للناشطين المعارضين، مؤكدة أن من واجب المجلس حمايتهم.
وفي الحقيقة فإن الإعلام البحريني الوطني (الموالاة تحديداً)، كما ذكرت وباندفاع ذاتي، هو الذي أغاظته طروحات ما سمي بالوفد الأهلي البحريني، وسعيه إلى تشويه سمعه البلد دولياً، وليس الحكومة، ولو كانت الحكومة على رأي بعضهم تسمع لإعلام الموالاة، لما بقي الشيخ عيسى قاسم والشيخ علي سلمان يسرحون ويمرحون وليس وفد الثمانية في جنيف.
وحاولت بعض الدول الأعضاء في المجلس ثني الرئيسة عن موقفها إلا أنها أصرت على ذلك، وعددت أسماء الوفد تحدياً، مؤكدة أنها ستتابع وصولهم إلى البحرين، وأنها تستند في ذلك إلى قانون المجلس!! وهو تعسف في استخدام الحق في أقل توصيف لفعلتها هذه.
مسرحية المظلومية المفتعلة
ومن جانبي اعترف أني الآخر أثارت مسرحية المظلومية هذه، مواجعي، مواطناً عربياً، يعرف تفاصيلها وجذورها، ويعرف كم دفع بلده وشعبه من ثمن باهظ دماً ومالاً وعمراً وجهداً، بسبب الخديعة التي تم تمريرها على بعض أهل بيت العراق، فهي بالمقاييس كلها مظلومية مفتعلة، مستوردة في أساسها وقواعدها وطقوس تنفيذها، من الجار الفارسي، الذي أسس لها تاريخياً منذ هزيمة النظام الكسروي أمام الفتح الإسلامي، في دعوة مغطاة، لاستعادة أمجاد الإمبراطورية الفارسية، في كاريزما خليفة فارسي (معلن الهوية)، إذ استمرت الدعوة سرية، إبان حكم الأمويين ثم العباسيين، وتقمصت في حقب متواترة، شخصيات وأنساباً عربية قرشية هاشمية عديدة، حتى رست عند شخصية الإمام الشهيد الحسين بن علي عليه السلام وما نسجت حولها من أباطيل وبدع، والتي اختفى الخليفة الفارسي في ظلها (تقية)، وفضلاً على دوافع الغيظ والحقد على العرب والمسلمين الذين اسقطوا عرش كسرى وحرروا الفرس من عبوديته، وانتقاماً منهم، غيرة وحسداً وتنافساً مع الإمبراطورية العثمانية، ومن يقرأ التاريخ الصفوي، أبرز مثال على استخدام وتطوير فكرة (المظلومية) والأفكار والبدع التي راكموها وسوقوها لترسيخها، يعرف أي مرمى رميت، إلى يومنا هذا، حين تجسد (الخليفة المعلن الهوية) في شخصية – الولي الفقيه – وهي من إبداع خميني، الذي يحرم النظام الحاكم في طهران وزمر الملالي الدائرين في فلكه وممثلي حوزاتهم ووكلائها ونوابه حيث وجدوا، قراءة أفكاره أو النظر إليها بعين النقد والتمحيص!!
هذه هي أسس المظلومية التي ارتكن إليها وفد أهالي البحرين كما أسموه إلى مؤتمر المراجعة الدولية لحقوق الإنسان في جنيف، والذي تثار حتى هذه اللحظة الشكوك حول كيفية اختيار أعضائه، ومصادر تمويلهم.
إغفال البعد الزمني
وفي هذا المؤتمر جرت وقائع أغفلت فيها عمداً أو جهلاً الكثير من الحقائق، من أجل إثبات أمر واحد وحسب، هو أن النظام البحريني ارتكب أغلاطاً، وأن عليه أن يرحل!! أو أن يخلي مكانه لأولئك الذين يتلبسون أردية المعارضة، وأول ما يلفت النظر في ما أغفل في وقائع (المراجعة الدورية لملف حقوق الإنسان في البحرين) الذي جرى في جنيف في 21 مايو المنصرم، هو البعد الزمني في عملية تنفيذ قرارات لجنة تقصي الحقائق الوطنية البحرينية، أو لجنة بسيوني كما هو شائع، ولا أدري كيف رضي الحقوقيون الذين حضروا جلسات المراجعة إغفال هذا البعد، أو المسافة الزمنية بين إقرار البند أو الفقرة أو التوصية في تقرير بسيوني، وبين زمن تنفيذها المفترض، وزمن تنفيذها الواجب، وزمن تنفيذها الواقعي، كي أكون دقيقاً كما يتوجب، على وفق تحكم هوامش لا حكم لأحد في إطالة أو تقصير وحداتها الزمنية القياسية المطلوبة عملاً للإنجاز، إذ أنها محكومة بآليات وإجراءات أخرى تتطلب هي الأخرى وقتاً مضافاً، ذلك كله جرى وصولاً إلى اتهام الحكومة بالتقصير، وليتهم اتهموها بالتقصير وحسب، ففي الأقل هنا تنعدم النية في تعمده، بل اتهموا الحكومة والنظام وكل من يصطف إلى جانبهما، بعدم الرغبة في التنفيذ، وافتعال مسببات التلكؤ والتعطيل، وهذا هو القفز الصريح على الحقيقة، فمن هو الذي شكل لجنة بسيوني؟ ومن هو الذي قبل توصياتها؟ ومن أمر بتنفيذها حرفياً؟ وماذا كان الهدف والغاية من ذلك كله؟
ملاحظة أخرى
وتبرز هذه الملاحظة أمام المتابع لوقائع جلسات المراجعة الدورية تلك، في ابتسار مسار حقوق الإنسان في البحرين، والملف كله في عام واحد ابتداءً بـ14 فبراير، أو بحادثة اختطاف الحراك المدني في مضمار مطالبات حركة الحريات المدنية وبأساليبها السلمية المشروعة، وتحويلها إلى تمرد وتآمر انقلابي يستخدم القوة لقلب النظام وإجراء التغييرات السياسية على وفق أجندات أجنبية! واستمر حتى اللحظة، وهو ما يمكن لمسه في اقتصار توصيات الدول المشاركة على أحداث تلك الفترة الزمنية وإهمال ما سبقها، إذ تم إدراج 176 توصية قدمتها في جلسات المراجعة تلك 67 دولة بينها 14 دولة عربية، اعتمدت في طروحاتها توصيات لجنة تقصي الحقائق أو لجنة بسيوني، التي تم الإعلان عنها في الثالث والعشرين من نوفمبر 2011 وأعلنت السلطات المسؤولة في البحرين على لسان عاهل البلاد المفدى، التزامها بتنفيذها، بينما لم يلفت الانتباه كما يجب بصفته مكملاً لتوصيات بسيوني، تقرير اللجنة التنفيذية الذي قدمه الصالح.
رد وزير حقوق الإنسان
وفي رده على تلك التوصيات، أكد الدكتور صلاح بن علي وزير الدولة لشؤون حقوق الإنسان في كلمة ألقاها أمام مجلس حقوق الإنسان في دورته الثالثة عشرة للفريق العامل المعني بالاستعراض الدوري الشامل أن السلطة التشريعية بمملكة البحرين أقرت عدداً من القضايا والتشريعات الضرورية، تمثلت في الانتهاء من تعديل مواد قانونية في تعريف التعذيب على وفق المعايير الدولية، وإقرار قانون الطفل من مجلس النواب البحريني، وأن التوصيات في طريقها بأكملها للتنفيذ وتم تنفيذ ما يقرب من 15 توصية من أصل 26.
وأكد بن علي: “أن المملكة ستعمل لدراسة جميع التوصيات التي تمخضت عنها هذه الدورة بذهنية منفتحة ومسؤولية وطنية، وقال: حتى تحظى هذه التوصيات بذات الاهتمام فقد قررنا تدارسها مع الجهات ذات الصلة قبل اتخاذ أي قرار مستعجل وغير مدروس بشأنها، لعله من السهل الموافقة على التوصية ولكن الأهم منها هو التأكد من مدى إمكانية تنفيذها على أرض الواقع ووضع الآليات المناسبة لتنفيذها ومتابعتها لتحسين حالة حقوق الإنسان، مع علمنا أن هناك من التوصيات ما قد تتعارض مع القوانين الوطنية ومبدأ فصل السلطات وسيادة الدولة”.
ولا اعرف أي جزء من هذه الكلمة يمكن وضعه خارج دائرة الصدق، كما جاء في رد الوفد الآخر، كأن القول إن توصيات بسيوني نفذ أكثر من نصفها والمتبقي في طريقه للتنفيذ بعد اجتياز المعوقات، لا يكفي لكشف النوايا الحسنة لدى الحكومة، ودعوتها المستدامة للحوار بين مكونات الشعب البحريني للوصول إلى الحل الأمثل لأزمة الثقة بين أطرافها، مجرد طرق في حديد بارد.
موقف الطرف الآخر
كان واضحا في موقف الوفد الآخر أن ما جناه من ادعاء المظلومية، دفعه إلى التمترس بخندق الابتزاز الدولي، في أقل توصيف لنشاطه الذي اتسع حتى شمل ما ليس بوارد ملف حقوق الإنسان، ولست هنا في معرض الاستعراض وإنما الإشارة.
تقرير لجنة الصالح
وأحسب أنه لابد لتكتمل الصورة عما قامت به الحكومة البحرينية بشأن توصيات بسيوني من إيراد تفاصيل التنفيذ على يد اللجنة الوطنية المعنية بتنفيذها كما ورد في التقرير الذي قدمه رئيسها السيد علي صالح الصالح في 20/3/2012، ليبيّن على وجه الدقّة، ما تمّ تنفيذه من تعهدات حكومية بتطبيق تلك التوصيات حين صدورها في تقرير بسيوني في نوفمبر 2011، إذ ذكر في مؤتمر صحافي عقده بهذا الشأن أنه : (تم تنفيذ ما مجموعه 15 توصية بشكل كامل، من إجمالي التوصيات البالغ عددها 26 توصية، أي بما تجاوز نصف عدد هذه التوصيات، بينما هناك 10 توصيات تم تنفيذ جزء منها، وستظلّ في طور التنفيذ لارتباطها بتعديلات تشريعية وقانونية يجري إنفاذها، وتحقيق المصالحة الوطنية، بما تتضمنه من إعادة تنظيم الإعلام وصياغة برامج تعليمية وتربوية تتوافق وهذه المرحلة، بالإضافة إلى تعويض المتضررين في ظل الإجراءات التي تم اعتمادها لذلك، فيما تظل توصية واحدة وهي التوصية 1722 - ط في انتظار أحكام القضاء، نظراً لعدم صدور حكم نهائي بالإعدام على أي من الأحداث الناجمة عن الأحداث التي مرّت بها المملكة).
الموقف الدولي من تقرير الصالح
ولقي التقرير ترحيباً دولياً ودعماً كما كان متوقعاً، مع أنه أبرز توصيات بسيوني، وغمط بعض حق عملية تنفيذها إلى حد ما، لأن الانصراف البحريني للتعامل مع معطيات لجنة بسيوني وتوصياتها لم يكن وليد رغبة آنية، وراهن محدد، وإنما يمتد إلى عموم صفحات ملف حقوق الإنسان التي سبقت في تراتبيتها الأحداث التي فجرها المتآمرون في 15 فبراير من العام الماضي.
ما يهم هنا أن نؤكد أن تقريري بسيوني والصالح، يتكاملان، وأن أية محاولة للانتقاص من أحدهما وتقديم الآخر، عملية مشبوهة ولا طائل من ورائها.
فالجميع يعلم أن تحقيقات بسيوني جرت في ضوء أحداث فبراير بظروفها المعروفة، وأن لجنة الصالح تتموضع لتنشيط هذه التحقيقات فعلاً على أرض الواقع لا مدركات ذهنية معلوماتية معرفية وحسب، يتبقى فقط ما هو سياسي في المسألة بعامة، وهو ما نعرف جميعاً أنه يجب أن يعزل، لأن اشتراطات التعامل معه، لها أبعادها الأخرى، وإن التقت في الخطوط العريضة مع استراتيجيات احترام حقوق الإنسان، وكلنا نعرف مدى تمسك الحكومة البحرينية بالحوار وسيلة لتحقيق مكتسبات الاستقرار والسلم الأهلي وإعادة الثقة بين مكونات شعب البحرين وردم الخنادق التي ما زال يحفرها المتآمرون.
موقف واشنطن
المتحدثة باسم وزارة الخارجية، فيكتوريا نولاند، قالت في 9/12/2012 إن: (الولايات المتحدة تشيد بالحكومة البحرينية لتحركها السريع تجاه تنفيذ توصيات تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصى الحقائق. إن أحد العوامل الضرورية لتشجيع المصالحة الوطنية تتمثل في اكتساب ثقة المواطن البحريني في جدية التزام حكومته وتجاوبها مع مسؤولياتها تجاه المعايير الدولية لحقوق الإنسان).
وجاء في بيان مساعد وزير الخارجية الأمريكية للشؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان مايكل بوسنر في 9/2/2012 في ختام زيارته للبحرين: (تركزت نقاشاتي على تنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق. اتخذت حكومة البحرين عدداً من الخطوات المهمة باتجاه الإصلاحات المؤسساتية طويلة الأمد التي حددها التقرير.. هذه كلها مؤشرات على التزام الحكومة بمعالجة الأسباب الكامنة وراء العنف الذي حدث العام الماضي. إن الولايات المتحدة تنظر إلى تقرير اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق وما يتبعه على أنه خطوة جريئة من قبل الحكومة للبدء ببناء الثقة مع الشعب البحريني. تنفيذ هذه التوصيات ليست مهمة سهلة، ونحن نشيد بالجهود المبذولة لحد الآن لتحقيق أهداف عمل اللجنة، وفي النهاية فإن الهدف من اللجنة المستقلة وتنفيذ توصياتها هو خلق طريق نحو حوار سياسي حقيقي ومصالحة وطنية. نجدد دعوتنا لجميع الأطراف بما في ذلك الحكومة والجمعيات السياسية وغيرهم للمشاركة في الحوار والتفاوض حيث يكون لجميع عناصر المجتمع صوت حقيقي، ويجب أن تتم هذه العملية بقيادة البحرينيين أنفسهم، ولن تكون العملية سهلة ولا يمكن أن تنجح إلا من خلال بناء قدر أكبر من الاحترام والثقة المتبادلة).
المملكة المتحدة
وزير الدولة للشؤون الخارجية البريطانية اليستر بيرت، قال في 22/3/2012: (أرحب بتقرير اللجنة الوطنية حول تنفيذ توصيات لجنة التحقيق المستقلة في البحرين.
وأضاف: يسعدني أن أشهد ما أحرزته الحكومة البحرينية من تقدم حتى الآن استجابة لما ورد في التقرير، واتخاذها خطوات تهدف للحؤول دون وقوع أي انتهاكات لحقوق الإنسان مستقبلاً، فاستحداث مدونة قواعد سلوك للشرطة، ووضع كاميرات في غرف التحقيق، وتأسيس هيئة للإشراف على الإعلام، تعدّ جميعها خطوات مهمة. كما إن من المشجع تأسيس وحدة خاصة للتحقيق مكلفة بتقديم المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان للعدالة. ونحن نتطلع إلى رؤية ما يتمخض عن تلك الإجراءات. هذه عملية طويلة المدى، وما زال هنالك الكثير مما يتوجب عمله.
الاتحاد الأوروبي
جاء في توصيات للبرلمان الأوروبي في 15/3/2012: (يحث البرلمان الأوروبي السلطات البحرينية على تحقيق عملية المصالحة الوطنية من خلال حوار شامل وبناء، وهو أمر ضروري لاستقرار الديمقراطية للمجتمع البحريني المتنوع، والذي ينبغي أن يكفل الحوار حقوقاً متساوية للمواطنين جميعاً من خلال القانون والممارسة العملية).
ألمانيا
وزارة الخارجية الألمانية، 23/3/2012: تعتقد الحكومة الألمانية بقوة أن حواراً ذا مغزى بين اللاعبين السياسيين البحرينيين سيقود إلى المصالحة الوطنية، وهي تشجع كلاً من الحكومة وجماعات المعارضة للدخول في هكذا حوار.
فرنسا
وزير الخارجية الفرنسية، 26/3/2012: (أخذنا علماً بتقديم هذا التقرير ـ تقرير الصالح ـ وبالجهود التي تبذلها حكومة البحرين للاستجابة لتوصيات لجنة بسيوني. نتمنى أن يتم التمكن من تنفيذ التدابير التي أُعلن عنها من الآن فصاعداً، وأن تندرج في عملية جامعة من الإصلاحات والحوار الذي يشارك فيه جميع مكونات المجتمع والحياة السياسية البحرينية. ندعو جميع الأطراف المعنية إلى انتهاز فرص الحوار التي سوف تُعرض عليهم بغية إيجاد حل يسمح بالاستجابة لتطلعات جميع البحرينيين، وتهدئة التوترات بنحو دائم) وكذلك جاءت مواقف الصين وروسيا والهند وعدد من الدول الآسيوية والعربية فضلاً على دول مجلس التعاون الخليجي.
محاور المسألة البحرينية
وبالمحصلة النهائية فإن ثمة محورين تدور حولهما المسألة البحرينية، إذا أبعدنا الأصابع الأجنبية، الأول هو تنفيذ توصيات لجنة بسيوني، وتسأل عنه الحكومة، وهي كما هو واضح جادة الجد كله، في إنفاذه، والثاني هو المصالحة الوطنية، وهو متعلق بالطرف الآخر أو المعارضة، وعند هذا الطرف تكبو الخيول كما يقال، فثمة اشتراطات وتأزيم متعمد وخطاب إقصائي وتفتيتي، وعنف، بل وابتزاز، يمكن لمسه في الموقف من الحوار الذي تروج له الحكومة، ولا خلاص للبحرين وأهلها، موالاة ومعارضة إلا بالحوار المفتوح غير المشروط، ولن تطير حمامتها بجناح واحد.