دعا لتكون مبادرة شعبية لا حكومية.. شريدان:

وقف العنف أساس أي مصالحة وطنية ومقدمة للسلام

كتب ـ عبدالله إلهامي:

أكد خبير المصالحة الرئيس التنفيذي لشركة Co-Operation Ireland بيتر شريدان، أن وقف العنف أساس أي مصالحة وطنية ومقدمة للسلام وصون حقوق الإنسان، داعياً إلى أن تكون المصالحة شعبية لا حكومية.

وامتنع شريدان عن التعليق حول الأوضاع في البحرين، وقال: إن الحل يجب أن يكون بيد مكونات المجتمع وليس من قبل أفراد من الخارج، لافتاً إلى أن الندوة تقتصر على نقل تجربة المصالحة الوطنية في أيرلندا الشمالية.

وأضاف لدى مشاركته في أولى فعاليات المؤسسة البحرينية للمصالحة الوطنية “دروس المصالحة من إيرلندا الشمالية” أول أمس، أن الحوار المدني يعني التواصل وتبادل الآراء بين مختلف فئات المجتمع، مشيراً إلى أن رؤية الأيرلنديين تمثلت في خلق مجتمع يعزز الانسجام بين جميع أفراده ويكوّن علاقات جيدة بينهم.

وأوضح أن مكونات المجتمع الأيرلندي تتوزع بين البروتستانت والكاثوليك، وهناك صراع كبير بينهما لانعدام الثقة بين الطرفين، تطوّر إلى أعمال عنف دفع الجميع ثمنها، إذ أن 85% من الأطفال باتوا يذهبون إلى مدارس مبنية على استيعاب طائفة واحدة فقط.

ولفت إلى أن المصالحة توجب إيقاف العنف أولاً ثم صنع السلام وسنّ تشريعات تكفل حقوق الإنسان، واستغرق ذلك في أيرلندا 32 عاماً، داعياً إلى ضرورة تطبيع العلاقات من خلال تشجيع النظام التعليمي بحيث يشمل الطوائف كافة.

وأشار إلى أن العنف ينتج عن الاحتقان الطائفي، ما يدفع المجتمع للتفكير في الانفصال بعد مرور فترات طويلة، مضيفاً أن العنف يعني اليأس وفقدان الأمل، ومن المحزن أن يستثمر الناس مهاراتهم وإبداعاتهم في أعمال التخريب المدمّرة للممتلكات العامة والخاصة.

وقال “في أيرلندا الشمالية لم يكن للكاثوليك حقوق متساوية مع البروتستانت، وتطورت احتجاجاتهم وسلكت منحى عنيفاً استهدف الحكومة بالدرجة الأولى، ما تسبب في شق اللحمة الوطنية لوجود مؤيدين للحكومة ومعارضين لها، ويجب التعامل مع الخلافات وخاصة الدينية منها بإيجابية، حتى مع من يصعب قبولهم، لئلا تتطور وتصل إلى نزاعات سياسية”.

وأضاف أن الجميع دفع تكاليف العنف بفقدانهم ممتلكاتهم وطرد المستثمرين بسبب خوف سيطر على الجميع، وتعزيز العلاقات في أيرلندا الشمالية كان معقداً، إلا أن تكوين علاقات جيدة تعني النظر لمجتمع موحد، عبر مواجهة الانقسام وإصدار تشريعات وقوانين تضع المسؤولية على عاتق الهيئات العامة.

ونوّه إلى أن القليل من المواطنين نجوا من العنف الذي يعتبر ظاهرة تاريخية يؤججها الأفراد، ما جعل فئات المجتمع تنهمك في حماية أنفسها من خطر داهم الجميع، مشيراً إلى أنه حتى اليوم لم تتفق كافة المكونات على هوية وطنية موحدة رغم جوامع الثقافة واللغة، وتجسد العداء في بعض الممارسات بالهجوم على الممتلكات العامة وحافلات النقل العام ما زاد حدّة التوتر. ودعا شريدان إلى خلق ثقافة مناقشة الهويات بطريقة صحيحة والتعبير عن الحقوق بشكل متحضر، وإيجاد برامج لمختلف الفئات تتعلق بالتعليم والإسكان والتمثيل في أجهزة الشرطة، بما يؤدي إلى بناء مجتمع موحد، وتشجيع الشباب على الاستمرار في المشاريع المشتركة.

وأوضح أن الشباب ينفذون عادة رسائل يتلقونها في البيت والمدرسة، ويجب إيقاف ذلك بالعمل معهم على تصميم برامج تكسبهم مهارات ووسائل تفكير متعددة تخدم المجتمع كالدراما وغيرها، مضيفاً أنه أقيم حوار وطني يعكس آراء الشباب باختلاف طوائفهم فيما يخدم وطنهم، لذلك يجب تعزيز الوعي بين الأطياف ودمجهم بهدف تقليص حدة العنف والطائفية.

وأضاف أن المجتمع في أيرلندا أدرك أنه لن يجذب العملاء والسياح إلا بسيادة الأمن، وارتباط الجميع ببعضهم وإدراك كلٍّ قيمة الآخر، وألا تبقى كل فئة منفصلة عن الأخرى لرأب الصدع وبناء مستقبل أفضل بدلاً من العنف. وقال شريدان “يجب أن نمد أيدينا لبعضنا البعض وأن ندرك أن الوطن يسع جميع الأطراف، وذلك يحتاج إلى قيادة وبعد نظر، وحل النزاعات بجهود مشتركة ومستمرة”.