رويترز - حث صندوق النقد الدولي منطقة اليورو على تقديم المساعدات المالية بشكل مباشر إلى البنوك التي تعاني مشاكل بدلاً من تمريرها عبر الحكومات ودعا البنك المركزي الأوروبي إلى خفض أسعار الفائدة قائلاً إن مستقبل اليورو على المحك. وستزيد الرسالة التي نقلتها كريستين لاجارد المديرة التنفيذية لصندوق النقد إلى وزراء مالية دول منطقة اليورو في اجتماع في لوكسمبورج يوم الخميس الماضي الضغوط من أجل صوغ نهج موحد لمعالجة المشاكل في البنوك المتعثرة مثل البنوك الإسبانية. وقالت لاجارد في مؤتمر صحافي بعد الاجتماع “إننا نرى بوضوح توترات إضافية وضغوطاً حادة تتعرض لها البنوك والحكومات على السواء في منطقة اليورو”. «ينبغي إعادة تأكيد تحرك محدد وقوي نحو اتحاد نقدي أوروبي كامل من أجل استعادة الثقة (...) في الوقت الحالي فإن قدرة النظام النقدي الأوروبي على الاستمرار موضع شك”. وحددت لاجارد خطة تتضمن اصدار سندات مشتركة لمنطقة اليورو وكذلك المزيد من السيطرة المركزية على الاقتصاد في الدول السبع عشرة التي تستخدم العملة الاوروبية. ومع استعداد الوزراء لتقديم ما يصل إلي 100 مليار يورو (127 مليار دولار) لمساعدة اسبانيا في تعزيز بنوكها المنهكة قالت لاجارد إن الدعم المالي للبنوك ينبغي أن يقدم بشكل مباشر وليس عبر الدولة. ودعت لاجارد أيضاً البنك المركزي الأوروبي إلى تنفيذ السياسة النقدية “بقدر كاف من الابتكار” لمساعدة منطقة اليورو. وحدد صندوق النقد تفاصيل الفكرة في تقرير جديد بشان العملة الأوروبية الموحدة. وقال الصندوق في التقرير “لدى البنك المركزي الأوروبي مجال - رغم أنه محدود- لتيسير أسعار الفائدة وإصدار إشارة إلى الالتزام بسياسة نقدية أكثر تيسيراً لفترة طويلة”. وترك المركزي الأوروبي سعر الفائدة القياسي بلا تغيير عند 1% في أوائل يونيو ويقول رئيسه ماريو دراجي إن المسؤولية تقع على عاتق حكومات المنطقة لاتخاذ إجراءات لتعزيز الثقة في منطقة تشهد ركوداً اقتصادياً. ومع هذا فإن خبراء اقتصاديين كثيرين يتوقعون أن يخفض المركزي الأوروبي تكاليف الاقتراض في الأشهر المقبلة ويقولون إن البنك المركزي لديه القدرة على تيسير السياسة النقدية إذا استمر الاقتصاد في الضعف. وقال التقرير “إذا اقتضت الضرورة فانه ينبغي استخدام إجراءات غير تقليدية. وناقش وزراء مالية الاتحاد الأوروبي أمس الجمعة سبل تعزيز قطاعاتهم المصرفية وفك الارتباط بين البنوك المتعثرة والبلدان المثقلة بالديون وسط مخاوف حيال النظام المصرفي الأسباني المحاط بالمشكلات. وحثت مديرة صندق النقد الدولي كريستين لاجارد منطقة اليورو على تقديم مساعدات إلى البنوك المتعثرة مباشرة بدلاً من تقديمها عبر الحكومات لكن ألمانيا ودولا أخرى تعارض مثل هذا الإقراض المباشر وهو غير ممكن بموجب القواعد المعمول بها في الوقت الحالي. والنقاش بخصوص هذا الأمر جزء من جدل أوسع عن كيف يمكن للاتحاد الأوروبي المضي قدما نحو تحقيق “وحدة مصرفية” تشمل برنامج لضمانات الودائع على مستوى الاتحاد الأوروبي وصندوقا لإنقاذ البنوك المتعثرة في محاولة لإنهاء أزمة الديون السيادية المستمرة منذ عامين ونصف. وقالت لاجارد يوم الخميس الماضي إنه من خلال السماح لآلية الاستقرار الأوروبية (برنامج الإنقاذ التابع لمنطقة اليورو) بتقديم المساعدة إلى البنوك المتعثرة مباشرة بدلا من تقديمها للحكومات فسيحول ذلك دون أن تفاقم مشاكل البنك من الصعوبات التي تواجهها البلدان. وقال وزير الاقتصاد الأسباني لويس دي جيندوس لدى وصوله إلى اجتماع أمس الجمعة إن هذا الاحتمال قد يكون قائماً بالنسبة لإسبانيا التي من المقرر أن تحصل على نحو 100 مليار يورو ما يعادل 126 مليار دولار من المساعدات من منطقة اليورو لإنقاذ بنوكها المحاطة بالمشكلات. وأبلغ الصحافيين “أعتقد أن إعادة رسملة البنوك أمر ممكن (..) هذا احتمال قائم بشدة بالنسبة لأسبانيا إذا ما حدث تقدم في الشهور القليلة المقبلة (في هذا الصدد). عملية إعادة الرسملة ليست فورية”. كما بحث الوزراء في لوكسمبورج أمس الجمعة التحذيرات التي وجهتها المفوضية الأوروبية للدول بشأن تحسين إدارة اقتصاداتها لبلوغ أهداف الإنفاق التي يحددها قانون الاتحاد. ويسعى زعماء ألمانيا وفرنسا وايطاليا وأسبانيا للعثور على أرضية مشتركة في روما أمس لاستعادة الثقة في منطقة اليورو قبل قمة زعماء الاتحاد الأوروبي الأسبوع المقبل. وتراجعت تكاليف الإقراض عالية الخطورة للسندات الأسبانية والإيطالية قليلاً وسط آمال في الأسواق باتخاذ مبادرات خلال قمة بروكسل يومي 28 و29 يونيو . وإذا ما فشلت القمة في التوصل لحلول ربما يدفع ذلك الدولتين إلى طلب برامج إنقاذ سيادية في نهاية المطاف. وبحث اجتماع أمس سبل لتحقيق وحدة مالية ومصرفية في منطقة اليورو بشكل أسرع وربما يكون مناسبة كي تطلب أسبانيا رسميا مساعدة تصل إلى 100 مليار يورو لبنوكها التي تعاني من المشكلات. ووجد تدقيق مالي صدر الخميس الماضي أن البنوك الأسبانية في حاجة إلى نحو 62 مليار يورو من رأس المال الإضافي لمواجهة الظروف المعاكسة. ومن المتوقع أن تقاوم المستشارة الالمانية أنجيلا ميركل أي ضغوط من رئيس الوزراء الإيطالي ماريو مونتي والرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند ورئيس وزراء أسبانيا ماريانو راخوي لإصدار سندات مشتركة لمنطقة اليورو أو تخفيف السياسات النقدية الصارمة للمنطقة. وبينما تعد احتياجات أسبانيا هي الأكثر إلحاحا إذ بلغت تكاليف إقراضها في الأجل المتوسط أعلى مستوى منذ إطلاق اليورو في مزاد أجري الخميس الماضي ربما تكون المخاطر السياسية أعلى بالنسبة لرئيس وزراء إيطاليا. ومع تراجع شعبيته تحجم الأحزاب التي تساند مونتي في البرلمان بشكل متزايد عن تأييد مقترحاته للإصلاح وتطالبه بالتوصل إلى نتائج على الساحة الأوروبية لتخفيف الضغط على الاقتصاد الإيطالي الذي يعاني من الركود. من جانبه قال رئيس وزراء إيطاليا ماريو مونتي لصحيفة الجارديان البريطانية أمس الجمعة إن دول منطقة اليورو ستواجه منفردة “هجمات مضاربة متصاعدة” ما لم يتم التوصل لحل دائم للأزمة المالية في أوروبا خلال اجتماع قادة الاتحاد الأوروبي الأسبوع المقبل. وأضاف مونتي أنه ما لم تنجح القمة في التوصل لنتيجة “ستكون هناك هجمات مضاربة متزايدة على الدول منفردة تزعج الدول الأضعف”. وذكر مونتي أن الهجمات لن تركز فقط على البلدان التي تقاعست عن احترام إرشادات الاتحاد الأوروبي بل على دول مثل إيطاليا تعاني من ديون متراكمة هائلة. ومن المتوقع أن تبحث قمة الأسبوع المقبل خططا طويلة الأجل لوحدة مالية ومصرفية وثيقة في مسعى لتعزيز أسس اليورو بعد أن أخفقت برامج إنقاذ اليونان وأيرلندا والبرتغال في وضع حد لأزمة الديون المستمرة منذ عامين ونصف. وقال رئيس الوزراء الإيطالي إن قادة منطقة اليورو يعكفون على وضع خطة لوقف انتشار أزمة الديون مع مراعاة رفض ألمانيا لغياب المسؤولية المالية للعقوبات.