القاهرة - وكالات: وجهت مصر “تحذيراً شديد اللهجة” للولايات المتحدة الأمريكية دعتها فيه إلى الكف عن التدخل في شؤونها الداخلية وفي قرار مصر الوطني وعملية الانتقال الديمقراطي الجارية فيها، وذلك عشية إعلان نتائج انتخابات الرئاسة.
وجاء هذا التحذير إثر تصريحات أمريكية عديدة منتقدة للمجلس العسكري الحاكم كان آخرها ما صدر يوم الخميس الماضي عن وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون حيث قالت إن “بعض ما قامت به السلطات العسكرية في مصر خلال الأيام الماضية (مقلق)”، مشيرة إلى انه “يجب أن يتبنى الجيش دوراً مناسباً غير دور التدخل والهيمنة أو محاولة إفساد السلطة الدستورية”.
ونقلت صحيفة (أخبار اليوم) عن “مصدر رفيع المستوى” لم تكشف هويته “أن مصر تلقت ببالغ الضيق والأسف التصريحات الأخيرة التي صدرت عن أكثر من مسؤول في الإدارة الأمريكية وتجاوزت في ما تضمنته الأعراف الدبلوماسية والتقاليد المرعية في العلاقات بين الدول”.
وأضاف المصدر “أن مصر لا يمكنها أن تظل تحت أي وصاية على قرارها الوطني وعلى مستقبل عملية الانتقال الديمقراطي للبلاد التي تقوم على احترام إرادة الشعب والاحتكام إلى صندوق الانتخابات وعلى قدسية أحكام القضاء الملزمة لجميع السلطات”.
وتابع “أن مصر دولة إقليمية كبرى وقوة حضارية وسياسية مؤثرة على الصعيد الدولي وأنها مع حرصها على الاحتفاظ بعلاقات ودية ومتوازنة مع دول العالم والقوى الكبرى بما فيها الولايات المتحدة، لا يمكن أن تتسامح مع أي محاولات للتدخل السافر في شؤونها ولا تقبل أي ضغوط أو إملاءات تستهدف تطويع الإرادة السياسية المصرية وتوجيهها نحو مسارات بعينها لا تخدم المصالح العليا للبلاد”.
وشدد المصدر على أن “استقلال القرار المصري وإعلاء الكرامة الوطنية وتوخي المصلحة العليا للبلاد هي أهم مكتسبات ثورة 25 يناير المجيدة التي فجرتها جماهير الشعب وحافظت عليها القوات المسلحة ولا يمكن لأي سلطة في مصر انتقالية أو دائمة أن تقبل المساس بها”.
ودعا المصدر، بحسب الصحيفة ذاتها، الإدارة الأميركية إلى “الكف عن التدخل في شؤون مصر الداخلية والامتناع عن أي أشكال من التصرفات والتصريحات التي تسيء إلى العلاقات القديمة والوطيدة بين البلدين”.
الجدير الذكر أنه قبل تصريحات كلينتون كان المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية جورج ليتل قال في 18 يونيو “ينتابنا قلق عميق إزاء الإعلان عن تعديلات دستورية جديدة” في مصر.
وأضاف أن الولايات المتحدة الأمريكية تنتظر من المجلس الأعلى للقوات المسلحة أن ينقل “كل السلطة إلى حكومة مدنية منتخبة ديمقراطياً بموجب ما كان أعلن سابقاً”.
وسيعرف المصريون اليوم من هو رئيسهم القادم في أول فرصة أتيحت لهم لاختياره بأنفسهم وهو رئيس إما سيكون عسكرياً آخر أو إسلامياً من جماعة الإخوان المسلمين الخصم القديم للجيش.
وقالت لجنة الانتخابات الرئاسية المصرية أمس إنها ستعلن النتيجة اليوم الأحد. وأضافت في بيان إن النتيجة ستعلن في مؤتمر صحافي الساعة الثالثة عصراً بالتوقيت المحلي (13:00 بتوقيت غرينتش).
وفي غضون ذلك، يحتشد أنصار جماعة الإخوان المسلمين وقد نفد صبرهم في ميدان التحرير بقلب القاهرة ليل نهار بدعوة من قادتهم منذ منتصف الأسبوع الماضي للضغط على الحكام العسكريين لإلغاء إجراءات يقولون إنها اتخذت لتقييد سلطات مرشح الجماعة محمد مرسي الذي يعتقدون انه فاز في الانتخابات.
وتواجد مئات في الميدان أمس وهم يرددون هتافات مؤيدة لمرسي ويقولون “مرسي .. مرسي .. الله أكبر”. وينبئ هذا المناخ الاحتفالي بما قد يكون أكبر تحول في الأحداث بالشرق الأوسط على مدى عقود .. وهو تولي رئيس إسلامي قيادة أكبر دولة عربية. وتحسباً لهذا الإعلان قال مصدر أمني أمس إن وزارة الداخلية اتخذت “إجراءات أمنية مشددة لتأمين وتحقيق الأمن والاستقرار في الشارع المصري في مرحلة ما بعد إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية”. ونقلت وكالة الأنباء الرسمية عن المصدر قوله إن وزير الداخلية محمد إبراهيم “وجه بالبدء في تأمين الشارع المصري في مرحلة ما بعد إعلان نتائج الانتخابات، خاصة وأنه سيكون هناك ردود فعل سلبية بالنسبة لأنصار المرشح الخاسر، وأخرى إيجابية لأنصار المرشح الفائز”.
وتشمل الإجراءات بالخصوص تكثيف التواجد الأمني بالشارع وعلى الطرق السريعة التي تربط بين المحافظات بالتنسيق مع القوات المسلحة وتكثيف الدوريات والإجراءات الأمنية بشكل خاص على المنشآت والأهداف الحيوية في البلاد.
ومن جانبه، أكد رئيس الوزراء المصري كمال الجنزوري في مؤتمر صحافي أن “الوضع في الأيام القليلة الماضية شهد صراعاً كبيراً من أجل انتخابات الرئاسة واختلافاً أكبر .. مما أثر سلباً على مصر فيما انخفضت مؤشرات البورصة المصرية”.
ودعا الشعب والتيارات السياسية المختلفة إلى “أن يتصالحوا ولو لفترة”، مشيراً إلى أن “مصر في حاجة إلى ائتلاف وتكاتف .. ومن لم يأخذ شيئاً على المستوى السياسي اليوم من الممكن أن يأخذه غداً”، متسائلاً “إذا ما ضاع كل شيء فماذا سيأخذ؟” الفائز.