إن القلب ليحزن، وإن العين لتدمع، وإن على فراقك لمحزونون، اليوم ليس ككل يوم، فاليوم أتمّ على فراقنا سنة حين اختارك فيه المولى عز وجل لجواره عليك رحمة من الله تعالى ومغفرة بإذنه. سنة والجرح في القلب مخنوق وباقٍ، أبي جميعنا محزونون.. لك شوق لعزك وسندك، يامن كنت خير من أعز وسند.
لقد تلاشت الأيام، وتسارعت عقارب ساعة هذه الدنيا وأصبح هذا اليوم هو يوم فقدانك، وحتى هذه اللحظة لا أستطيع أن أدرك بأنك رحلت وتركتنا في وحشة الحياة.. كنت لنا العزوة، وأنك الأمان، والأمل والحنان، علمتنا التواضع، كنت لنا قلب كبير لا يستطيع أن يترك لنا أُمنية.. لقد شاءت الأقدار أن صادف يوم أمس ذكرى رحيلك.
وأنت في أيامك الأخيرة لم تشتكِ، دائماً نراك صامداً رغم اشتداد مرضكْ، لقد أخفيت عنا تعبك أخفيت عنا مُصاب جسدك، لكي تبقى فقط، لكي تقبض وتلم بنا. كنت دائماً تقول: من كان هُناك أُناس لا تقدركم فقط تجاهلوا وأحسنوا معهم، فـتبقى في هذه الدنيا دون أعداء أفضل بأن تبقى ظالماً ومظلوماً.. قلبك كبير يايبّه، قلب يحمل لنا ولجميع من عرّفك باحترام وتقدير، قلب لا يظلم ولا يحقد.. كل من عرّفك يايبه يشهدوا بأنك إنسان تُقدر الصغير قبل الكبير، كنت لنا القدوة الحسنة تعلمنا منك الصبر والالتزام والصراحة.. تبذل جهدك لتسعدنا ولا أستطيع أن أنسى وأنت في فراش المرض “بأني راضي عنكم جميعاً وأُحببْ أن أراكم دائماً معاً لا تُفرقكم عين حاسد”..
كان هُناك اتصال بيني وبينك حينما كنت في فراش المرض، دون أن أعرف بأن هذا الاتصال سيكون آخر سماعي لصوتك “أخبارك بنتي، كيفكم جميعاً، مانمتي!.. لا يبّه آمرني، تامر على حاجة.. كنت لا أريد أن أطيل عليه لكي لا أجهده، ولكن لا أعلم بأنك كُنت تريد التحدث إليْ.. يابنتي جيبي معك ثوبي وشماغي، وبعد آمرني يا يبّه، إيه ولا تتأخرون علي.. يبّه من الصبح وحنا عندكْ.. أنت شلونك بخير، إيه الحمدلله، بقولك يا بنتي “.....” كانت تلك هي الوصايا .!
لا أستطيع أن أنسى كل اللي ذكرته لي، .. أحبك يايبه، وفاقدتك، وزوايا البيت مستوحشة من دونك.. كما كنت تقول لي دائماً “إن جديَ دائماً ما يقوله لك.. كل شي يهونْ إلا العيونْ، فالآن أقولها لك تهون العيون من بعد شوفتك يايبّه.
لم نستطع أن نراك قبل منيتك، اتصال المستشفى كان متأخراً، لا نستطيع أن نلوم ونلوم إدارة تلك المستشفى بعلاجك وتشخيصك ولكن نقول هذا هو قدرك ويومك عند الله في هذه الدنيا، فكلنا راحلون لا محالة فأقدارنا مكتوبة عند الله وحده.. عذراً، لكني لم أستطع إكمال ما يخلج بخاطري.. عذراً يا أبي فرحيلك لا يُقدّر ببضع كلمات.. فيا ربْ نسألك أن لا تحرمه رضاك، وأن ترحمه وتغفر له، وأن تفتح له باباً تهب منه نسائم الجنة لا يُسد أبداً..
رحمك الله يا رجل قل أن يخلفه الزمان، رحمك الله يا خير أب وأسكنك فسيح جنانه..
ابنتك