^ غريب جداً عندما تسمع عن قنبلة محلية الصنع في البحرين؛ البحرين بكل تاريخ مخاضها السياسي من الاستقلال لليوم لم تكن بلداً يمكن أن تصنع فيه قنابل محلية الصنع، يعني يمكن أن نهرب سلاحاً من دول جارة مع المؤامرات والدسائس، لكن أن نصنع العنف والإرهاب محلياً ونبتكر ونبدع في سبل التنكيل بخصومنا؛ فهذا أمر مخيف حقاً لا تستوعبه العقلية البحرينية التي تعتنق الخير والسلم، ورغم أننا نرى العالم من حولنا يقتل بشريته وإنسانيته كل يوم إلا أننا لم نتخيل أننا سنكون يوماً ما وسط دائرة صراع، حتى ونحن نعلم أن فينا السنة والشيعة وأتباع ديانات وطوائف مختلفة، وليبراليين وعلمانيين ومتطرفين وخليطاً نعرفه ونحفظه، لكن أن يكون خلافنا السياسي أو اختلافنا الديني واجهة لصراع على الأرض فكان مجرد تخيّله ضرباً من الجنون. دعونا لا نعلق اللوم كله على جاهل مؤدلج يحمل سلاحاً وبالضرورة سيستخدمه، لا يقع اللوم كله على اليد التي تفجر قنبلة بل على من ترك اليد تعبث وسمح للعقول أن تصل إلى حد تصميم وتنفيذ جرائم قتل، وقبل هذا لمن سمح أن يخرج بلدنا عن مساره التعايشي الطبيعي وترك الحبل على الغارب لجماعات مذهبية لتحشد الناس ضد بعضهم البعض، من أوصل رسالة للعابثين أننا سنعفو للأبد، وأن لا عواقب للمســاس بأمــن المجتمـــع، السياســــات لعبــــت دوراً كبيـــراً. نحن أيضاً أسهمنا في صناعة القنبلة، تخاذلنا وصمتنا في الماضي جزء منها ومن الواقع الذي نعيشه اليوم، نظامنا السياسي يقابله حراك قائم على تباينات مذهبية لا برامج سياسية تنفذ ولا أهداف واضحة وكل يحمل أجندة قد لا تعني بقية الشعب، وسلبية المجتمع سمحت لحركات متطرفة باعتلاء المنصة لإسقاط النظام وسط صمت مهيب، حراكنا المتجاهل لخطورة المنابر والفتاوى الدينية التي لعبت أعظم دور في أحداث العام الماضي ومازالت تفجر القنابل عن بعد وتحرض على استمرار العنف، اعتقادنا أننا بموالاة عمياء والدفاع المستميت عن سياسات تخطئ وتصيب، ننفع حكومتنا، كلها أخطاء ندين للبحرين بالاعتراف بها. نحن تخاذلنا أمام ضعف منظومة المحاسبة والتقييم؛ ملفات عامرة بالفساد والمحسوبية وهدر المال العام وبطء البت في مشكلات حقيقية كالإسكان، أليس بطء التنمية -كما سماه سمو ولي العهد- جزءاً من التراكمات التي أضعفت هيبة الدولة والقانون وألجأتنا للترضيات وأدخلت الدولة في دوامة تسويات دفعت ثمنها وقت الأزمة. عدم سريان القانون بمجراه الطبيعي وعلى الجميع، أفقدنا جزءاً كبيراً من مناعتنا، وكان أفضل هدية قدمت لمن أرادوا الانقلاب لصالح أجندات خاصة ولايزالون يتحينون الفرص. بيدنا أن نزرع القنابل في طريقنا وبيدنا أن نبطل مفعولها، أسلوب القيادة السياسية في إدارة الأزمة صار واضحاً اليوم إنه عطل مشروعاً كان يدار عن بعد وربما وصل بالفعل لمراحله الأخيرة، وهذا أمر لا ينكره عاقل، لكن هناك خطوات أخرى يجب أن تستكمل، أهمها الالتفات لمناشدات الشعب بتفعيل القانون وفرض هيبة مؤسسات الأمن والعودة لمطالبه الملحة التي تلاشت وراء الفوضى السياسية، وعلينا كشعب بكل أطيافه أن نتوقف عن لعب دور سلبي تجاه أداء الحكومة أو البرلمان، لابد من حراك شعبي أقوى يوجه لمواطن الخلل فهذا بالنهاية يصب في خير بلدنا وحكمنا وحكومتنا. العودة لمرحلة أكثر أمناً لن يكون بالتراجع عن خبرات الأزمة التي تعلمناها بأصعب الطرق وفي أقسى ظروف مرت ببلدنا، ما أفرزته الأزمة من سلبيات يقابله العديد من الدروس التي يجب أن تحفظها كل الأطراف، المشكلة الحقيقية هي ألا نستفيد مما مر بنا ونكرر أخطاءنا من جديد.