كتب - محرر الشؤون المحلية:

«يريد تغطية الشمس بغربال”.. هذا حال صديقنا المسؤول المتنفذ في وزارة البلديات والتطوير العمراني، الذي تدور حوله العديد من شبهات الفساد المالي والإداري، كما تؤكد الوثائق، حيث حاول طمس الحقيقة بأوراق ومستندات لا تشهد إلا لصاحبها، بحسب ما نشرت صحيفة زميلة أمس، رداً على موضوع “إدخال شحنة أبقار مصابة بأمراض السل والحمى القلاعية إلى المملكة” الذي كشفته “الوطن”.

نقلت الصحيفة الزميلة، على لسان مصدر مسؤول في البلديات، أن الشحنة سليمة واجتازت الفحص البيطري، لكن المصدر المسؤول تناسى، على ما يبدو، نتائج مختبرات البحرين الرسمية، ومختبرات دبي (تمتلك الوطن نسخاً منها) التي أثبتت عكس ذلك.

تناقض يفضح القصة

والتناقض الذي “يفضح” القصة، بيان وزارة البلديات الذي نشرته “الوطن” أمس رداً على الموضوع، -والذي على ما يبدو لم يعلم عنه المصدر المسؤول- حيث يعترف، أي البيان، بوقوع المخالفة (إدخال شحنة أبقار مصابة بالأمراض).

كما أكد البيان اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بهذا الخصوص، وأن الوزارة سترفع نتائج التحقيق لديوان الرقابة المالية، فضلاً عن إصدار قرار يمنع استيراد الحيوانات من جيبوتي.

وأشارت الوزارة في البيان إلى استمرار التحريات حول الموضوع وأنها ستطلع الرأي العام على كافة المستجدات والتفاصيل فور الانتهاء منها.

اليوم، سننشر (مرفق) بعض الوثائق التي تؤكد أن الشحنة مصابة بالأمراض باعتراف مسؤولي الوزارة، ونعيد نشر نتيجة مختبر دبي التي تؤكد أن العينات تحمل أمراض السل والحمى القلاعية، والاشتباه بمرض الوادي المتصدع.

إحدى الوثائق التي حصلت عليها “الوطن” توضح تساؤل الوزير الدكتور جمعة الكعبي وبخط يده “من هو المسؤول عن إدخال هذه الشحنة” ؟.

«لا أحد يقول عن زيته عكر”.. بهذا المثل يمكن الرد على الوثائق التي نشرها المصدر المسؤول في الجريدة الزميلة، فهل يعترف المحجر الصحي الإقليمي في جيبوتي (بلد المنشأ) بأن الأبقار مصابة؟. وهل يستطيع أطباء بيطريون الوقوف على الحالة الصحية للأبقار بالكشف النظري، وتحديد إذا ما كانت مريضة أم لا؟ وأيهما أدق فحص الطبيب البيطري بالنظر أم فحص المختبرات المحلية والدولية (دبي)؟

رد المسؤول المعني، أو المصدر المسؤول (كما يحب أن نسميه) في الصحيفة الزميلة، يؤكد تخبط طريقة العمل، فأين المنظومة الإدارية، ألا يكفي رد الوزارة (البيان) الذي جاء مسؤولاً وإيجابياً؟

المسؤول مازال على رأس عمله

وعلمت “الوطن” أن الوزارة ومنذ اكتشاف الحالات، قامت بتكثيف عمليات البحث والتحري والتقصي واتخاذ الإجراءات اللازمة، بالتنسيق مع ديوان الرقابة المالية والإدارية، لكن للأسف لم يتخذ أي إجراء جدي إلى الآن، حيث مازال المسؤول المتنفذ على رأس عمله.

نظراً لخطورة الموضوع وتأثيره على صحة الإنسان والحيوان في المملكة تحدثت “الوطن” مع عدد من الأطباء البيطريين والخبراء من خارج القطاع الحكومي، لمعرفة رأيهم بالقصة وأبعادها، فأثار دهشتهم الاعتماد على طبيب بيطري في تحديد وتأكيد سلامة الشحنة نتيجة فحص ظاهـري للأبقار في حظيرتين من حظائر المستورد (وهو أحد المستندات التي قدمها المسؤول) مع تجاهل نتائج الذبح في المسلخ، ونتائج التحاليل الواردة من مختبرات الوزارة ومختبرات معتمدة عالمياً كمختبرات دبي.

فحص ظاهري مقابل تحليلات مخبرية

وتساءلوا هل يكشف الفحص الظاهري أمراض السل البقري والحمى القلاعية وحمى الوادي المتصدع؟

يؤكد الأطباء لـ«الوطن” أن جميع هذه الأمراض (السل والحمى القلاعية والوادي المتصدع) خطيرة وفتاكة، وقد تنتقل إلى الإنسان سواء عند استهلاك اللحوم أو الألبان المنتجة من الحيوانات المصابة، أو عند الاحتكاك والتعامل مع هذه الحيوانات، وبعض هذه الأمراض يؤدي إلى الوفاة، فضلاً عن أنها تؤثر على سلامة الثروة الحيوانية بالبلاد من خلال انتقال العدوى.

وتضم شحنة الأبقار (موضوع القصة) 309 رؤوس استوردتها شركة محلية، وقامت بدورها، بعد إخراج الشحنة من المحجر البيطري بتواطؤ من المسؤول، ببيع 220 رأساً لشركة البحرين للمواشي، و89 رأساً حياً للأهالي بشكل مباشر.

تفاصيل دخول الشحنة

وتشير الوثائق أن شحنة الأبقار المصابة وصلت إلى المملكة في 17 أبريل الماضي وتم الإفراج عنها في 7 مايو، رغم أن المختبرات أكدت وجود حيوانات مصابة بمرض السل وأخرى بالحمى القلاعية واشتباه بمرض الوادي المتصدع.

وتؤكد مذكرة داخلية مرفوعة من وكيل الوزارة لشؤون البلديات والزراعة إلى الوزير بتاريخ 20 مايو الماضي، جميع هذه التفاصيل، حيث تم ذكر بلد المنشأ وعدد الأبقار والأمراض المصابة بها، فضلاً عن التأكيد على الاشتباه بوباء الوادي المتصدع، مع التحذير من أن المرض يسبب الوفاة للإنسان.

وعلى ما يبدو فإن المعلومات الواردة بالمذكرة المرفوعة للوزير تعتمد على مذكرة مرفوعة من مدير الثروة الحيوانية بالوكالة إلى الوكيل المساعد لشؤون الزراعة بتاريخ 16 مايو الماضي، تقول إن الأبقار موجودة في مزرعة الشركة المستوردة -أي أنه تم الإفراج عنها من المحجر البيطري- وتقترح التحفظ على الشحنة وفحصها بالكامل على نفقة المستورد أو ذبحها في المسلخ المركزي وإعدام المصاب منها.

كما تقترح المذكرة إيقاف الاستيراد مؤقتاً من جيبوتي حتى يتم التحقق من طريقة شحن الأبقار المصابة من هناك.

وللتذكير، فقد نشرت “الوطن” إلى الآن قضيتي فساد بطلهما صديقنا المعني، الأُولى في السابع من الشهر الجاري حول الفساد الذي طال مشروع حظائر الهملة، والثانية أمس الأول والمتعلقة بإدخال شحنة الأبقار المصابة بالأمراض.