قال رئيس كتلة البحرين النيابية أحمد الساعاتي، إن الكتلة تعتزم إطلاق مبادرة لتعزيز اللحمة الوطنية بين مكونات المجتمع خلال رمضان، لافتاً إلى أن كلمة جلالة الملك المفدى أمام مجلس الوزراء أمس الأول شكلت برنامج عمل للأجهزة الحكومية وحددت ملامح المرحلة المقبلة.

ونبّه الساعاتي في بيان أمس إلى أنه تمت دراسة المحاور التي تناولها جلالة الملك المفدى في خطابه، بوصفها برنامج عمل وطني شامل لجميع القوى والأطراف السياسية للمرحلة المقبلة.

رفاهية المواطن

وأضاف أن العنوان الأبرز للخطاب هو “أن عملية الإصلاح يجب أن يكون هدفها الأسمى رفاهية المواطن، وأن ذلك لن يتحقق إلا عندما يؤدي الجهاز التنفيذي ممثلاً بالحكومة دوره كاملاً”، مشيراً إلى أن هذا التشخيص يتطابق تماماً مع استراتيجية كتلة البحرين النيابية، باعتبارها ترجع أغلب المشكلات والأزمات التي يعاني منها المجتمع البحريني إلى الأسباب الاقتصادية، وتباطؤ مسيرة المشروع الإصلاحي بعد أن دشنه جلالة الملك قبل نحو 10 أعوام بسبب البيروقراطية وعدم وجود رقابة ومراجعة مستمرة لتنفيذ برامج الإصلاح.

نموذج العمل الحكومي

وذكر الساعاتي أن أعضاء المجلس النيابي دعوا السلطة التنفيذية لتحسين أدائها والاستجابة لتعليمات صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء، الذي ضرب أبلغ المثل في أسلوب عمله ومتابعته لشؤون وشجون المواطنين والتواصل معهم من خلال زياراته الميدانية المتكررة لمواقع العمل والإنتاج والخروج من المكاتب إلى ساحات العمل.

وأضاف أن تقاعس بعض الوزراء خاصة المعنيين بمجال الخدمات عن التواصل مع المواطنين ومتابعة طلباتهم، أدى إلى تذمر المواطنين واستيائهم من الدولة بشكل عام، وعدم إيمانهم بجدية المشروع الإصلاحي، ما انعكس سلباً على المناخ العام في المجتمع وكرس السلبية واللامبالاة والتذمر بينهم، رغم حرص القيادة على توفير الخدمات للمواطنين.

تكليف وليس تشريفاً

ودعا الساعاتي إلى ضرورة الحرص في اختيار نوعية الوزراء والوكلاء وكبار المسؤولين، على أن يتمتعوا بالخبرة العلمية والعملية ومشهود لهم بالأمانة والإخلاص في تاريخهم المهني، بغض النظر عن أسماء عوائلهم أو الجهات أو الطائفة التي ينتمون إليها، لأن العمل الحكومي يجب أن يكون تكليفاً لا تشريفاً، سيما مع شح موارد البلاد وتحديات عملية التنمية والزيادة السكاني، مشيراً إلى أن التنمية لم تعد ترفاً بل تحدياً وهدفاً يصعب تحقيقه.

وقال: إن جلالة الملك المفدى عندما وجه في كلمته السامية إلى تكاتف جميع الجهود لخدمة المواطن، لأن العمل التنموي والإصلاحي لم يعد مقتصراً على الحكومة، بل بات من مسؤولية المجتمع بأسره من سلطة تشريعية وتنفيذية ووسائل إعلام ومؤسسات مجتمع مدني وحتى الأفراد.

وذكر أن هذه الأطراف تكمل بعضها بعضاً في الدولة المدنية الحديثة، ويصب نتيجة تعاونها في مصلحة الوطن والمواطنين، مضيفاً “نجد أن هناك حالة من التباعد بين هذه الأطراف، وعدم وجود آليات للتواصل بينها بسبب بيروقراطية يضعها بعض المسؤولين ويعيشون بمعزل عما يحدث في الشارع”.

الإعلام وقصص النجاح

وألقى الساعاتي باللائمة على أجهزة الإعلام لقصورها في أداء دورها كسلطة رابعة تساعد السلطتين التنفيذية والتشريعية في إلقاء الضوء على جوانب القصور في الخدمات المقدمة للمواطنين، ونقل آرائهم وأصواتهم إلى المسؤولين، بل أصبح دورها تأجيج الخلافات بين مكونات المجتمع وطوائفه من خلال مقالات وتصريحات مثيرة لا تحرص على المصلحة العامة أو الوحدة الوطنية.

وأشاد بدعوة العاهل للإعلام الحكومي لتفعيل دوره في عملية التنمية، وأن يكون دوره استباقياً وفاعلاً ولا يقتصر على ردة الفعل، بتسليطه الضوء على الإنجازات والمكتسبات المحققة بفضل السواعد الوطنية، ونشر قصص النجاح الإيجابية المشرفة للمواطنين، وإشاعة أجواء التفاؤل والأمل في المجتمع بدلاً من تسليطه الضوء على الخلافات الفكرية والسياسية بين المواطنين وزرع اليأس والبغض بينهم.

غياب الاستراتيجية الإعلامية

وذكر الساعاتي أن أجهزة الإعلام الحكومية كانت سلبية للغاية خلال الفترة الماضية، رغم توفر الكوادر الإعلامية المميزة لديها، مشيراً إلى أنه لا يلوم القائمين على قطاع الإعلام في ذلك بسبب غياب الاستراتيجية الإعلامية واضحة المعالم حول كيفية التعامل مع الوضع بعد الأزمة، وبسبب عدم توفر الموارد المالية الكافية لتنفيذ الخطط والبرامج داخلياً وخارجياً، في وقت تعرضت فيه البحرين إلى هجمة إعلامية شرسة وممنهجة من وسائل إعلام أجنبية كانت تعمل على تشويه وتحريف وتغيير الحقائق عند نقلها الأحداث لأغراض ومصالح باتت معروفة للجميع.

وحول المحور الآخر الذي تطرق إليه عاهل البلاد المفدى والمتعلق بالمبادرات الأهلية لتعزيز اللحمة الوطنية، قال الساعاتي إن هذا المحور حجر الزاوية لأي مشروع إصلاحي أو تنموي، وبدون الوحدة الوطنية لا يمكن تحقيق أي شيء.

مبادرة للمصالحة الوطنية

وأضاف “استجابة لدعوة العاهل قررت كتلة البحرين إطلاق مبادرة للتسامح والإخاء بين المواطنين بحلول شهر رمضان المبارك”، لافتاً إلى أن تفاصيل هذه المبادرة جاهزة، وجرى إعدادها بالتعاون مع خبراء دوليين مختصين في حل الأزمات الاجتماعية ونشطاء في مؤسسات المجتمع المدني وعدد من أعضاء الجمعيات السياسية.

وأضاف أن المبادرة تتضمن مشاريع وفعاليات وخطوات تستهدف لم الشمل وتقريب وجهات النظر ووقف العنف وحملات التحريض والكراهية والطائفية في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي من جميع الأطراف، بمشاركة رجال الدين والفكر والإعلام والسياسة والشباب، احتراماً لشهر رمضان المبارك وتهيئة لأجواء الجولة المقبلة من الحوار الوطني بين الأطراف المختلفة.

الحل بحريني

وأشاد الساعاتي بالاستراتيجية التي أطلقها العاهل المفدى في حل الخلافات السياسية، دون أن يؤثر على وحدتنا الوطنية وأن يدير البحرينيون خلافاتهم بأنفسهم دون الحاجة إلى وسطاء من الخارج.

وأكد الساعاتي موقف كتلة البحرين الواضح والمبدئي الرافض لأي شكل من أشكال التدخل في الشأن الوطني من قبل أي طرف كان، لأن الأطراف الأجنبية تبغي مصالحها فقط على حساب مصلحة الشعب، مشيراً إلى أن الوحدة الوطنية سياج منيع ضد أي تدخل خارجي.

البحرين بوتقة لصهر الخلافات

ودعا الدولة إلى استيعاب جميع أبنائها مهما اختلفت معهم في الرأي السياسي، حتى لا يقف كل طرف خلف طائفته أو جماعته حماية لنفسه من الآخر. وفيما يتعلق بدعوة العاهل بوقف العنف واحترام القانون والقضاء والدستور ومبادئ حقوق الإنسان، قال الساعاتي إن هذه العناوين هي أساس دولة القانون والمؤسسات التي قام عليها فكر المشروع الإصلاحي وحقق المكتسبات الوطنية طوال الأعوام العشرة الماضية، وتأكيد جلالته أن ما حدث في البحرين العام الماضي لن يتكرر يعيد الثقة للمواطنين والقطاع التجاري والاقتصادي، ويظهر عزم وتصميم القائد في عدم السماح لأن ينفلت الوضع عندما أخذ الجميع علي حين غرة باندلاع الأحداث المؤسفة فبراير 2011 وعانى منها الجميع ولا زال الوطن يدفع فاتورته الباهظة.

وأضاف الساعاتي أن تأكيد جلالته رافقه توجيه بأن تعمل القطاعات المعنية بالشباب بوضع خطط وبرامج لاستيعاب طاقات الشباب وتجنيبهم منزلقات طريق العنف والإرهاب.

وشدد على أن هذه الخطط تتطلب موازنات كبيرة لإنشاء البنى التحتية والمرافق والتجهيزات لاستيعاب الشباب، حيث أن هذا القطاع لقي إهمالاً شديداً خلال السنوات الماضية، ما جعله أرضية خصبة لقوى التأزيم لكي تستحوذ على فكر بعض الشباب وتوجههم لأعمال ضد وطنهم.

ضحايا العنف والإرهاب

وذكر أن العديد من النواب من أعضاء الكتلة كانوا ضحايا الأعمال الإرهابية، والتهديدات المستمرة من قبل القوى المتطرفة لثنيهم عن المشاركة في مسيرة العمل الوطني والديمقرطي، لافتاً إلى أن هؤلاء النواب تعرضوا لاعتداءات على منازلهم بقنابل المولوتوف وكتابة الشعارات التسقيطية ضدهم على الجدران لترهيبهم وإسكاتهم، إلا أن ذلك لم يؤثر فيهم لإيمانهم بدورهم الوطني في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ الوطن.

وأردف الساعاتي أن جلالة الملك أكد في كلمته أهمية الوحدة الخليجية بالنسبة للبحرين، عاداً إياه محوراً مهماً للغاية لأن له بعد استراتيجي ومصيري لشعب البحرين وسط الصراعات الإقليمية والدولية، حيث لا بد للدول الصغيرة أن تؤمن الحماية لكيانها ومصالح شعبها من خلال تحالفات مع أشقاء كانوا على مر التاريخ السياسي خير عون لها، دون التفريط بسيادتها واستقلاليتها وهويتها التي حافظت عليها عبر مئات السنين.

مؤتمر «رفاهية المواطن»

وطالب الساعاتي مختلف الأطراف التي عناها جلالة الملك المفدى في كلمته، بأن تدرس محاور التوجيه السامي وتتداعى إلى مؤتمر لتفعيلها من خلال برامج وخطط واضحة تكون استكمالاً لرؤية 2030 تستلهم فيها مبادئ ميثاق العمل الوطني ومرئيات مؤتمر حوار التوافق الوطني، وتسترشد بتوصيات اللجنة البحرينية لتقصي الحقائق، وصولاً إلى هدف أسمى حدده جلالة الملك في كلمته وهو “تحقيق الرفاهية للمواطن البحريني”.