عواصم - (وكالات):
قال البيت الأبيض أمس إن الانشقاقات في الجيش السوري واقتراب القتال من دمشق وإسقاط طائرة حربية تركية مؤشرات على أن نظام الرئيس السوري بشار الأسد بدأ يفقد السيطرة على البلاد.
وفي غضون ذلك، بث معارضون سوريون لقطات مصورة لدبابات محترقة وطائرة هليكوبتر يلفها الدخان والنيران قالوا إنها دمرت بعد أن هبطت في حقل بمحافظة إدلب وهي تقل قوات تابعة لنظام لأسد. كما أكد الرئيس السابق للمجلس الوطني السوري المعارض برهان غليون أنه دخل الأراضي السورية أمس لبضع ساعات وأجرى “جلسات مع الثوار”، وهي الزيارة الأُولى له منذ أكثر من سنتين.
ووقعت اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية ومجموعات مقاتلة معارضة في ضواحي دمشق أسفرت عن مقتل 27 شخصاً، وهي الأعنف في الريف الدمشقي منذ بدء الحركة الاحتجاجية في سوريا قبل 15 شهراً. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مقتل 59 شخصاً آخرين بينهم 32 جندياً من القوات النظامية في اشتباكات وقصف وإطلاق نار وانفجارات في مناطق أخرى. وقتل 14 شخصاً جراء القصف على بلدة الهامة في ريف دمشق و11 في ضاحية قدسيا حيث تدور اشتباكات بين الجيش النظامي ومقاتلين معارضين، وقتيلان في كل من دوما وحرستا. وقتل شخص برصاص قناص في حي جوبر الدمشقي الذي شهد هو الآخر اشتباكات.
وكان المرصد أشار إلى وقوع اشتباكات عنيفة منذ فجر أمس استمرت حتى بعد الظهر حول مقار الحرس الجمهوري المكلف حماية دمشق وريفها في قدسيا والهامة، وشملت الاشتباكات أيضاً بلدة دمر. وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن لوكالة فرانس برس إن الاشتباكات وقعت “حول مراكز الحرس الجمهوري ومنازل ضباط الحرس وعوائلهم، على بعد نحو ثمانية كيلومترات من ساحة الأمويين في وسط العاصمة السورية”.
وينتشر عناصر الأمن بكثافة في دمشق، لاسيما في الشوارع والأحياء التي توجد فيها مراكز أمنية ومبانٍ حكومية. وشهدت ضواحي دمشق وبعض أحيائها خلال الفترة الأخيرة تصعيداً في الاشتباكات بين القوات النظامية ومجموعات منشقة ومعارضة، إلا أن معارك أمس هي الأعنف، بحسب مدير المرصد.
وقال عبدالرحمن “هي المرة الأُولى التي تستخدم فيها القوات النظامية المدفعية في مناطق قريبة إلى هذا الحد من وسط العاصمة، ما يدل على عنف الاشتباكات”.
وفيما تحدث ناشطون عن “مجزرة” ارتكبتها قوات النظام في بلدة الهامة، قالت وكالة أنباء “سانا” الرسمية إن “الجهات المختصة اشتبكت مع مجموعات إرهابية مسلحة تجمعت في الهامة في ريف دمشق واستخدمتها منطلقاً لاعتداءاتها على المواطنين وقوات حفظ النظام وقطعت طريق بيروت القديم وأقامت الحواجز على طريق وادي بردى الفرعي لاستخدامه كممر للمسلحين وتهريب الأسلحة من مناطق الزبداني ومضايا إلى منطقة الهامة”. ومن جهته، قال رئيس عمليات حفظ السلام في الأمم المتحدة في اجتماع لمجلس الأمن الدولي إن عمل بعثة المراقبين الدوليين في سوريا سيبقى معلقاً بسبب تصاعد العنف. وبدوره، أشار المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني إلى “الانشقاقات العالية المستوى” التي حدثت مؤخراً في صفوف الجيش، وقال من على متن طائرة الرئاسة مرافقاً الرئيس باراك أوباما أثناء توجهه إلى تجمع خاص “من الواضح أن نظام بشار الأسد يفقد سيطرته على البلاد شيئاً فشيئاً”. وجدد إدانة واشنطن لإسقاط الطائرة التركية بنيران سورية ووصفه بأنه عمل “غير مقبول”. وأكد كارني أن الولايات المتحدة ستواصل السعي لتحقيق انتقال سياسي لا يتضمن بقاء الأسد في السلطة، مؤكداً “نرى أنه لا يمكن أن يكون الأسد جزءاً من أية عملية انتقالية”. كما قال المتحدث إن خسارة الأرواح أمر “فظيع” متهماً الأسد بأنه “متعجرف”. وأضاف “على المجتمع الدولي أن يتوحد” للعمل من أجل انتقال سياسي في سوريا. وفي المقابل، شدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس على ضرورة أن تشارك إيران في الاجتماع الدولي حول سوريا الذي سيعقد في جنيف في 30 يونيو الجاري. وأعلنت روسيا أمس موافقتها على المشاركة في الاجتماع فيما لم تعلن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين ما إذا كانت ستشارك أم لا.
وفي بروكسل، ندد حلف الأطلسي أمس بإسقاط سوريا طائرة حربية تركية معتبراً ذلك “عملاً غير مقبول” وعبر عن “دعمه القوي” وتضامنه مع أنقرة. وقال الأمين العام للحلف اندرس فوغ راسموسن أمام الصحافيين “هذا عمل غير مقبول ونحن نندد به بأشد العبارات. لقد أعلن الحلفاء دعمهم القوي وتضامنهم مع تركيا”، موضحاً أن الحلف مازال “يدرس” الملف. إلا أن راسموسن بدا وكأنه يخفف من احتمال اندلاع مواجهات بين البلدين المجاورين، فقد قال رداً على أحد الأسئلة “أتوقع ألا يستمر تصعيد الوضع”. وشدد على أنه لم يتم التباحث في المادة الخامسة من معاهدة الحلف التي تتيح التدخل للدفاع عن إحدى الدول الأعضاء. كما توعد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان سوريا بالرد على أي انتهاك سوري لحدودها.
ومن جهته، قال الرئيس السوري بشار الأسد أمس أن بلاده تعيش حالة حرب حقيقية، وعندما نكون في حالة حرب فكل سياساتنا وتوجهاتنا تكون موجهة من أجل الانتصار.