^ حسن خالد
«لماذا هم نعم ونحن لا؟” لعل هذه النمطية من الأسئلة الأكثر تكراراً على المواطن العربي، فمازال المواطن العربي يسأل شخصه “كيف استطاعت اليابان تكوين إمبراطورية اقتصادية اجتماعية من خلال قنبلة أودت بستة وستين ألفاً وشوهت تسعة وستين ألفاً”، الإجابة سهلة وبسيطة يا صاحبي وصديقي العربي، إنها طفرة النهضة التي أوتيت من الدهشة، دهشة ما رأته الأعين اليابانية جعلت من ذلك الشعب ينهض نحو مستقبل لم يتصوره حتى حكيم الحكماء آنذاك.
إن ما نراه في هذا اليورو يستحق أن نتأمل فيه بل نندهش منه لعلنا نتعلم منه، تعلمت قيم عديدة في هذا اليورو شخصياً، رأيت شخصية المشجع اليوناني بثوب المحارب الإغريقي، رأيت الزوج الإسباني يقبّل زوجته الإيطالية، رأيت روح الجماهير الأيرلندية المهيبة، رأيت ورأيت وكلي اندهاش، فإذا ما كانت هذه اللحظات كفيلة بالخلود والبقاء، فما الذي يستحق الخلود؟!
الأعمال الفنية لا أبالغ إن وصفتها بالتحف، وسأخص بالذكر المدرب الإيطالي تشيزاري برانديللي، المشروع الناجح للاتحاد، المنتخب الإيطالي تعرض في كأس العالم لنتائج سيئة، فقد خسر وتعادل مرتين في مجموع ثلاثة لقاءات، وخرج بجيل تأكله العجائز، ولكن بنى برانديللي جيلاً جديداً، وقد يكون واجه صعوبات وتلقى نتائج مخيبة في أول عام له، ولكنه الآن جمع من عصارة التجارب والاجتهاد والعمل الدؤوب خير منتخب، وفي أولى المرات في تاريخ الأزوري بات الطليان في عهد برانديللي يلعبون على عكس تقليديتهم بطابع أكثر هجومي، ولربما تستغرب عزيزي القارئ لو قلت لك بأن الطليان مررواً أكثر من 730 تمريرة خلال اللقاء، يا لها من دعوة كريمة للنظر في ما قام به تشيزاري.
كان الأستاذ العظيم أرسطو يقول: إن الدهشة هي بداية المعرفة، أي أن الإنسان عندما يندهش لشيء حوله فإنه يتساءل كيف ولماذا وماذا وأين ومتى حدث ما حدث؟ ويظل العمر كله يبحث على المعنى وراء كل شيء، ولعل أكثر الناس دهشة الأطفال والفلاسفة، فالطفل يسأل ولا يتوقع من أحد أن يجيب ولكنه لابد أن يسأل لأن وراء ذلك التساؤل دهشة واستغراب من مشهد جديد على شخصه، فأجاب الاندهاش مباشرة عن ما يبحث عليه من إجابات.
وسيلة سهلة من وسائل الحصول على إجاباتك.. فقط بالنظر الثاقب لقعر ذلك التساؤل والذي سيجعلك تبحث كادحاً عن إجابتك، كالطفل والفيلسوف تماماً!