كتب - علي محمد:

في الماضي السحيق لم يكن بمقدور الإنسان العيش دون رؤوس الحربة، فقد كانت الأداة المثلى للصيد مصدر العيش الرئيس آنذاك، قبل أن تقل أهميتها تدريجياً مع مرور الوقت حتى اختفت نهائياً في وقتنا الحاضر. ولأن الحياة متداخلة في كافة نواحيها ومجالاتها كان لابد أن يترك الأمر أثراً على كرة القدم والتي لا يختلف اثنان على أنها أصبحت عصباً رئيساً لا يقل أهمية عن نظرائه بأي شكل من الأشكال. ويبدو أن موضة رؤوس الحربة في طريقها للزوال من عالم كرة القدم وهو الأمر الذي تنبئ به مباريات كأس الأمم الأوروبية المقامة حالياً، حيث استغنت معظم الفرق المشاركة بالمهاجم الطويل الذي تقتصر مهامه داخل الصندوق بنوعية مختلفة تماماً وإن اختلف التطبيق بين مدرب وآخر. فديل بوسكي فضل الاستعانة بلاعبي وسط على غرار سيلفا وفابريجاس في خط المقدمة رغم امتلاكه لمهاجم عالمي من طراز فرناندو ليورنتي، وهو الأمر الذي فعله مدرب الديوك لوران بلان حينما فضل اللعب بدون رأس حربة صريح مبقياً هداف الدوري المحلي أوليفيه جيرو بجانبه على دكة البدلاء رغم العقم الهجومي الواضح للفريق.

ولا يبدو الأمر مغايراً بالنسبة لبقية المنتخبات الكبرى، فأهداف الألماني جوميز الثلاثة في دور المجموعات لم تشفع له بحجز مقعد أساسي في الأدوار الإقصائية وهو ما برره مدرب المانشافت يواكيم لوف بأن المهاجم ذا الجذور الإسبانية يعيق منظومة الفريق رغم قدرته الفائقة على اقتناص الأهداف. تشيزاري برانديلي سار على النهج ذاته حيث فضل المدرب الشاب البدء بمهاجمين متحركين هما بالوتيلي وكاسانو في مباراة المنتخب الإيطالي الحاسمة أمام الإنجليز على حساب انطونيو دي ناتالي صاحب أفضل المعدلات التهديفية في الدوري الإيطالي خلال السنوات القليلة الماضية.