قالت منسقة محطة التسامح في المعسكر الصيفي للأطفال “فرسان السلام - 2012” فاطمة الزياني إن الأطفال المشاركين يحظون بفرصة التفريغ النفسي من خلال جلسة خاصة في محطة التسامح.
وأضافت الزياني أن محطة التسامح، وهي واحدة من 5 محطات إرشادية يقدمها المعسكر ضمن حملة تعزيز الوحدة الوطنية لوزارة التنمية الاجتماعية “وِحدة وَحدة”، تقدم نشاطات تشجع على التسامح وقبول الآخر المختلف من خلال أنشطة مبسطة للأطفال بأن يحمل كل طفل حقيبة طوال وجوده في الورشة ويزودها بحبات البطاطس التي تعبر عن مشاعر الغضب أو الكره أو عدم تقبل الآخر، وبعدها يشعر الطفل بالحمل الثقيل ويتعلم من خلال هذه الممارسة مدى ثقل الكراهية والغضب على الإنسان ويعي وجوب التخلص منها.
البالونات تنفس عن الغضب
وأشارت إلى أن محطة التفريغ النفسي تمكّن الأطفال من التحدث حول أسوأ يوم مر في حياتهم ومنها تأثرهم بالأزمة وآثارها السلبية على نفسياتهم، لافتة إلى أن الأطفال يمكن أن ينفسوا عن غضبهم بنفخ البالونات ويحبسون المشاعر السلبية فيها إلى أن تفرغ وتنتهي.
وحول أركان محطة التسامح، بينت الزياني أن الركن الآخر هو ركن حب الوطن ويحمل الطابع التراثي، وتقدم فيه إحدى المرشدات دور الأم المنزعجة من خلافات ابنتيها بالحصول على لعبة، وتمثل الأم دور البحرين وتحث بنتيها على التفاهم فيما بينهن ومشاركة اللعب والمحافظة على البحرين بالتفكير بصفة عقلانية والتوصل إلى حل بمشاركة الأطفال.
وقالت قائلة: إن هناك ركناً آخر في المحطة يتعلق بالسيكودراما، وتقديم المرشدات للقطات تمثيلية، والدخول إلى عقل الطفل من خلال شخصية “طفاش” المحببة للأطفال، ويتم تقديم مشاهد يستخلص منها الأطفال الألفاظ والتصرفات السلبية وإيجاد حلول لها، ومنها التأكيد على عدم التعرض للآخرين ونبذ الطائفية والتعايش مع الآخرين.
وتضم المحطة عدداً من الأخصائيين وهم: هيا الدوخي، شمة حسن، أمل علي، شيخة الدوسري، نورة الدوسري، أسماء العلص، ومحمد عبدالرحمن.
يشار إلى أن المعسكر يستهدف أكثر من 100 طفل ويضم 5 محطات يقدمها مدربون من جميع أطياف المجتمع من اجتماعيين ودينيين ونفسيين من وزارات التنمية الاجتماعية، والتربية والتعليم، والعدل والشؤون الإسلامية، والصحة، ومن النيابة العامة والطب النفسي وجهات مختلفة، تم تدريبهم في المركز الوطني لدعم المنظمات الأهلية خلال 56 ساعة تدريبية لتعلم مهارة مساعدة الأطفال والتكيف مع الأزمة وتنمية مهارات التسامح.
التفريغ النفسي
ويقول محمد عبدالرحمن راشد وهو أحد العاملين بمحطة التسامح في لجنة التفريغ النفسي، كما إنه الشاب الوحيد ضمن سبع فتيات كل منهن مسؤولة عن جزئية هذه المحطة: إن التفريغ النفسي هو إخراج شحنة الغضب الموجودة في داخل الطفل فيجلس على مقعد ويتخيل أن صديقه الذي أغضبه يجلس على المقعد المقابل، ويبدأ بمعاتبته والتحدث معه حتى يخرج شحنة الغضب من داخله تماماً، ثم ينتقل للجلوس في مكان الشخص الآخر الوهمي، ويتخيل أنه في موقفه نفس ويستشعر ردة فعله وماذا كان سيصبح تصرفه إذا وضع في المكان نفسه، وبذلك يلتمس العذر للآخر ويتعلم كيف يسامحه، خاصة وأنه بعد تفريغ الشحنة السلبية يسهل عليه استبدالها بشحنة إيجابية، وهكذا يبدأ بالتسامح وتقبل الآخر.
وتشترك المرشدة نورة الدوسري مع محمد في محطة التفريغ النفسي وتتحدث عن دورها قائلة: تعتمد هذه المحطة على تعريف الأطفال بأنفسهم، ثم تأتي خطوة الدخول إلى ذواتهم بإعطاء الفرصة لكل طفل بالحديث عما يختلج في نفسه استعداداً للوصول إلى مرحلة الأزمة التي مرت بها البحرين ومدى تأثيرها النفسي عليه، ثم نبدأ بمساعدته على تفريغ المشاعر السلبية بداخله حتى نصل به إلى مرحلة الشعور بالراحة ومن ثم التسامح مع الآخر وتقبله والتعايش معه، أي إحلال المشاعر الإيجابية بدل السلبية.
وتضيف: نركز على ضرورة تعديل سلوك الأطفال ودفعهم إلى التسامح والتصالح مع الآخر.
تأثر الأطفال
ويقول الطفل نواف عبدالوهاب (12 سنة): تعلمت كيفية التسامح إذ كنت أتشاجر مع زملائي في المدرسة لأسباب تافهة، ومع ذلك عادت العلاقة بيني وبين أصدقائي مثل السابق وأفضل، الأحداث الماضية كانت تصيبني بضيق لأن الدمار والخراب يجعلني أتضايق ولكني لم أكن خائفاً، ولكني كنت حزيناً لما يحدث في بلدي مع شعور بسيط من الخوف لأننا مرة كنا في السيارة وألقوا مولوتوفاً عليها من الأمام ولكن الله ستر وتوقف أبي سريعاً وسقط المولوتوف أمامنا إذ كنا نراه وهم يلقونه بعشوائية على الناس في الشارع، وأقول لهم المفروض أن يكون الكبار قدوة لأبنائهم ولجيل الصغار حتى لا يكبروا ويفعلوا التصرفات الخاطئة نفسها.
الطفلة شيخة خالد (11 سنة) وتشارك للمرة الأولى بمعسكر وعن مدى استفادتها تقول: استفدت كثيراً من البرنامج إذ تعلمت التسامح، والمشاركة، وإماطة الأذى عن الطريق ومساعدة كبار السن واحترام الأكبر مني وتعلمت كيف أبحث عن حلول لما يصادفني من مشكلات. وعن الأزمة ومدى شعورها بالأحداث، قالت: كنت أشعر أن إيران سوف تدخل البحرين هي وأمريكا لقتلنا ثم يحتلون البحرين، وكنت أشعر بالقلق كثيراً على الوطن وجلالة الملك لأنهم كانوا ينادون بإسقاطه، كما كنت خائفة من الهجوم على بيوتنا ثم يأخذوننا لنعمل لديهم خدماً، ولكن الحمد الله لم يحدث شيء من هذا لأن ربنا يقف معنا، ولكن ما يحزنني هم الشباب الذين يدمرون الوطن ويشعلون النار في الشوارع، وأقول لهم يجب أن تحافظوا على وطنكم لأنه وفر لكم كل ما تحتاجون إليه منذ أن كنتم أطفالاً صغاراً، فأحبوا الوطن أكثر من ذلك وخافوا عليه واحرصوا على حمايته.
أما الطفل علي حسن (10 سنين)، فيقول عن الأحداث إنه كان يشعر بالخوف كثيراً لأنه سمع في الأخبار أن إيران تزود عصابات التخريب بالقنابل والمولوتوف مما جعلني ا
أتعجب لأن هذه بلدنا جميعاً وهي التي ربتنا وكبرنا في ظلها فكيف يفعلون ذلك ويخربونها، وأقول للبحرينيين جميعاً بلدكم مثل الأم يجب المحافظة عليها واحترامها وعدم إشعال الحرائق بها، لأن الحريق المتعمد يلوث البيئة ويسبب الأمراض. وعن استفادته من المعسكر يقول: تعلمت كيف انتزع الكراهية من قلبي وأتسامح مع الآخر وأحب أبناء الطائفة الأخرى إذا تحلوا بالأخلاق الطيبة وحب الوطن. وتؤكد الطفلة دعاء أنور (11 سنة) أنها تسكن قرب توبلي وجرت قربهم أحداث مما أشعرها بالخوف والقلق والتوتر، وكانت تسمع أخباراً تصيبها بالخوف في قناة العالم والبحرين وغيرها، وتقول: لم نكن نفعل شيئاً سوى متابعة البرامج الإخبارية في جميع القنوات والتي كانت تؤكد أن البحرين ستنتهي وإيران ستحتلها كما كان يزعجني أن تطلق إيران على البحرين الخليج الفارسي فهذا لا يرضيني فالبحرين خليجية عربية وليست فارسية، وفي الأزمة كان الطلاب يتشاجرون وانتهت المحبة التي كانت تربط بينهم، ولم يستفيدوا شيئاً، بل خسروا علاقة زمالة وصداقة استمرت سنوات بسبب السياسة التي فرقت بين طائفة وأخرى مما أشعرني أننا أصبحنا شعبين وليس شعباً واحداً وأصبح كل منا يقف أمام الآخر ويعاديه، ولكن المعسكر أعاد إليّ الثقة بنفسي وخلصني من مشاعر الكراهية وصحح لي ما كنت أفكر فيه.