أثبتت دراسة حديثة تناولت الشعور بالأسى والرضا عن الحياة لدى عينة من الأرامل في مملكة البحرين، أن الأرامل في سنوات الترمل الأولى أكثر شعوراً بالأسى، وأن المتوسطات الحسابية للأرامل اللاتي لم يتوقعن وفاة أزواجهن كانت أعلى من اللاتي توقعن الوفاة، كما إن هناك تأثير للاستشارة النفسية على الأرامل، فالأسى يقل كلما زادت عدد الجلسات النفسية.

وأظهرت الدراسة التي أعدها اخصاصي إرشاد نفسي بالمؤسسة الخيرية الملكية الباحث سامي المحجوب، أن غالبية الأرامل يتلقين الدعم الاجتماعي من قبل أسرهن، إلا أنهن رغم ذلك يكن أكثر شعوراً بالأسى ممن يتلقين الدعم الاجتماعي من مؤسسات المجتمع أو من الأصدقاء.

وأوصت الدراسة بضرورة توجيه البرامج التوعوية لأسر الأرامل لمساعدتهن على تخطي محنتهنّ، كما أوصت بأهمية الاهتمام بالجانب المعرفي وخصوصاً في سنوات الترمل الأولى من خلال البرامج الإرشادية التي تعزز التفكير المنطقي والعقلاني وتساعد في التغلب على الأفكار الخاطئة المرتبطة بالفقدان منها الاعتقاد بأن الزوج لم يتوفى وأنه حي يرزق، مما يشكل وقاية للأرملة في عدم الدخول في مرحلة الأسى المعقد، كما أوصت بأهمية أن تقوم مؤسسات المجتمع المعنية بالأرامل وعلى رأسها المؤسسة الخيرية الملكية بالاهتمام بالبرامج التي تعمل على زيادة الرضا عن الحياة بأبعاده المختلفة وأن يتم العمل على برامج إرشاد خاصة بالرضا عن الحياة لأنها ستساعد الأرامل على التكيــــف مع الشعــــور بالأسى.

وحول الرسالة وأهمية هذا الموضوع، قال سامي المحجوب: من واقع خبرتي في التعامل مع الأرامل في مركز الإرشاد النفسي في المؤسسة الخيرية الملكية لاحظت أن الأرامل يشعرن بعدم الرضا عن الحياة، الأمر الذي قد يكون ناتجاً عن أحساسهن بالأسى نتيجة فقدان الزوج والترمل، فهذا الأمر أكثر ما يؤرق الأرملة في رحلة الفقدان التي تعيشها، لذا اخترت هذا الموضوع فدوري كأخصائي نفسي يحتم علي البحث عن علاج يساعد الأرملة على التكيف مع الأسى وعدم الاكتفاء فقط في عملية وصف أو تشخيص، فاخترت البحث كذلك في موضوع الرضا عن الحياة.

وبيّن أن الأسى لا يعني فقط الحزن، بل يتضمن استجابات معرفية وصحية وروحية واجتماعية وعاطفية، أما الرضى في الحياة فهو لا يعني السعادة فقط، بل يتضمن القناعة والاستقرار النفسي والتقدير الاجتماعي والطمأنينية، وهناك متغيرات تأثر على الأسى والرضا منها توقع الوفاة وعلاقة الأرملة بالزوج قبل الوفاة وتلقي الأرملة للاستشارة النفسية والدعم الاجتماعي وسنوات الترمل، ويقصد بالموجات اختلاف في شدة الشيء خلال فترات زمنية، وهنا اختلاف في شدة أبعاد الأسى والرضا واختلاف في شدة العلاقة بينهما خلال فترات زمنية، وطول الموجة شهر واحد.

وأشار إلى انه تم عمل الدراسة على ثلاث موجات أي لمدة ثلاثة أشهر وبشكل منفصل تم التعرف على أشد أبعاد الأسى والرضا ارتفاعاً في كل موجة وتم التعرف على العلاقة بين الأسى والرضا في كل موجة.

من جانبه، أكد المشرف على الرسالة د. محمد المطوع أن الدراسة تعتبر من الدراسات النادرة ولاسيما في الوطن العربي، وهي تحتل مكانه مميزة بين الدراسات النفسية لأن أسلوب المعالجة المنهجية لا يستخدم في الأدب النفسي العربي فالأسلوب يعتبر غير تقليدي، مشيراً إلى أن هذه الدراسة في ضوء نتائجها وتوصياتها تعزز ضرورة تنوع الخدمات التي تقدمها مؤسسات المجتمع ومنها المؤسسة الخيرية الملكية للأرامل وعدم الاكتفاء بالكفالة المادية وحدها فهناك حاجات اجتماعية ونفسية وصحية لا بد أن يتم إشباعها من خلال البرامج المتنوعة، إلى جانب الاهتمام أكثر بهذا النوع من الدراسات الطولية مع زيادة الموجة (Time Series) وأسلوب المتابعة الزمنية في البحث وعدم الاكتفاء بالدراسات المسحية عبر توسعة مهام مركز الإرشاد النفسي في المؤسسة ليشمل الدراسات والبحوث وتدعيمه بالمتخصــصين والفنيين.