إعداد - علي راضي:
طالب كتاب عرب بسرعة تفعيل مقترح سلطنة عمان بتشكيل جيش خليجي موحد قوامه 100 ألف جندي، وذلك رداً على التهديدات الإيرانية المستمرة للبحرين وخاصة التهديد الأخير لسفيرها السابق في فرنسا بأن طهران تستطيع دخول المنامة خلال ساعات، وكشفوا أن المعارضة البحرينية ترفع نفاقاً شعار الدولة المدنية الديمقراطية وهي في الحقيقة تسعى لدولة دينية تؤمن بولاية الفقيه كما في إيران تماماً، وقالوا إن المعارضة البحرينية وقعت مرة أخرى في شرك العلاقة مع الخارج، وفي هذا لا يبدو أنها تفرق بين الولايات المتحدة وإيران دون أن تلاحظ أنها جزء من صفقة تقاسم المصالح الإقليمية بين الطرفين، وأكدوا أن الحوار الذي أجرته “الوطن” مع السفير الأمريكي كراجيسكي أثار ردود فعل عديدة من قبل بعض الإعلاميين والساسة في البحرين، وذلك من جهة ما جاء فيه من تصريحات بدت في لفظها مخالفةً لطبيعة العلاقة التقليدية بين مملكة البحرين وأمريكا التي ظلّت قائمة على التكافؤ والاحترام المتبادل.
سياستهم «ولاية الفقيه»
ووجهت السياسة الكويتية سؤالاً للكاتب جهاد الخازن، ضمن حوار أجرته معه، مفاده: يتهمونك أن كتاباتك عن البحرين مدفوعة الثمن، فأنت تكثر منها وتميل كثيراً جهة الحكومة؟، فأجاب بأنه ليست لديه كتابة موجهة، ولكنه يعرف البحرين منذ ما كان مراهقاً، وقال: “معرفتي بها أفضل من عُمان، وأكثر من السودان مثلاً، أعرف الوضع البحريني جيداً، ولاحظ حتى كتابتي كانت محدودة، أنا أعتب على أساليب المعارضة، ولا مرة اعترضت على مطالبهم, في كل مرة أقول إن طلباتهم محقة، ولم أقل حتى أن بعضها محق, أقول دائماً كلها محقة، رغم أن بعضها غير محق. كنت دائماً اعترض على الأساليب. ثم لدي قناعة تامة أن بين قيادات في البحرين جماعة تابعة لإيران يريدون تطبيق ولاية الفقيه، وقد تحدثت مع منظمة هيومن رايتس ووتش لمراقبة حقوق الإنسان، بالتحديد مع سارة لي وتسون مسؤولة الشرق الأوسط، وقالت لي من حق الشعب أن يطالب بإسقاط النظام، فقلت لها نعم من حقه إن جاء بالأغلبية، ولكن يسقط النظام من أجل أن يأتي بنظام ديمقراطي، لكن هؤلاء لا يرغبون في نظام ديمقراطي، بل يريدون ولاية الفقيه”. “بإمكانك أن ترى ذلك بسهولة، لكن ولا مرة قلت كل المعارضة أو كل الشيعة، ولكن هناك جزءاً مهماً في المعارضة البحرينية سياستهم “ولاية الفقيه”.
بين سوريا والبحرين
وفي صحيفة السبيل الأردنية وتحت عنوان: “قضايا ساخنة في صيف ساخن” قال د.أحمد نوفل لإيران رؤيتها ومنظورها السياسي في رؤية الأحداث والثورات، فهي ترى أن ما يجري في البحرين ثورة شعب ضد الدكتاتورية!، ولرفع “المظلومية”!، شعارهم الخالد وشعورهم النفسي الدائم وعقدتهم المقيمة الملازمة، أقول هم يرون أن ثورة شيعة البحرين من أجل رفع المظلومية التاريخية عن الشيعة. ما يجري في سوريا مؤامرة ضد المقاومة وضد الممانعة وضد رفض الهيمنة، ومثل هذا الكلام الأجوف.
وأضاف بو نوفل: “ولكن ما حجم مظلومية شيعة البحرين إلى حجم مظلومية الشعب السوري، ولا أريد أن أقول أهل السنة في سوريا؟ هل اغتصبت نساء الشيعة في البحرين كما اغتصبت النساء في المناطق السنية؟ هل ذبح أطفال الشيعة في البحرين كما ذبح أطفال السنة في سوريا؟ هل قصفت قرى الشيعة في البحرين بالمدفعية الثقيلة والطائرات والراجمات كما قصفت القرى السورية؟، وعندما جاءت بعض العربات من بعض الدول العربية إلى البحرين جاءت في زفة “وهلليلة” إعلامية، بينما إيران تدعم بكل طاقتها سراً ودون تصوير ولا إعلان ولا تغطية إعلامية.
وتساءل نوفل كم قتل في البحرين من الشيعة؟ بضعة أفراد، ونحن بالقطع ضد القتل ولو لفرد واحد؛ لأن من قتل نفساً فكأنما قتل الناس جميعاً، فحرمة الدم واحدة!، لكن قد قتل من إخواننا السوريين: الأرقام المعلنة قرابة العشرين ألفاً، والأرقام الحقيقية تصل إلى الخمسين ألفاً. فما هذا العمى؟ ترون مقتل شخص ولا ترون مقتل خمسين ألفاً؟ وطفل يحقق معه في البحرين، قامت قيامة الـ«بي بي سي”، وآلاف الأطفال في السجون والتعذيب وقتلى القصف والذبح وتقطيع الأعضاء ولا تذكرهم الـ«بي بي سي!” والتبني الغربي للتشيع أظهر من أن يحتاج إلى إظهار أو إشهار؛ فواضح أنه نمط من التدين قابل للاحتواء، ودين قابل للتفصيل على المقاسات، فلا ثوابت، وإنما ما قال الفقهاء.
وأضاف نوفل: “وعندما قال السيستاني: مقاومة الأمريكان حرام، وهي الفتوى “الشرعية” بل الشيطانية التي أصدرها هذا الإيراني في بدء الغزو الأمريكي، وكما يقول رامسفيلد مقابل مائتي مليون دفعتها له أمريكا، ولم يكذّب هو ولا أتباعه الخبر!”، وأكد أن سياسة العرب في البلدين، سوريا والبحرين، رديئة عاجزة فاشلة، ففي البحرين قامت قيامة إيران على “التدخل” الخليجي في شؤون البحرين، بينما هي تدير كل أمور سوريا وترسل قواتها؛ للمساعدة في القنص والذبح في ذلك البلد.
سيناريو دخول إيران للبحرين
وتوقع د.محمد الرميحي في صحيفة الشرق الأوسط حدوث مخاطرة كبيرة في غضون العام القادم، وهي أن يقوم طرف إقليمي أو دولي أو مشترك بالهجوم على إيران! أي نوع من الهجوم سوف يقوي الوضع القائم، لأنه يقترب من مس عناصر الفخر القومي، وأي أوهام بأن الهجوم على إيران قد يطيح بالنظام هي أضغاث أحلام. الهجوم العسكري لا يستطيع أن يغير النظام، وبالتالي فإن نتائجه ستكون كارثية على المنطقة، أما استدراج إيران في مكان ما لتوريطها بعمل عدواني في الجوار، يبرر للتدخل الدولي، فهو سيناريو ممكن، ولكنه مستبعد، رغم أن البعض في إيران قد تفتحت شهيته لمثل هذا العمل، كما قال سفير إيران في باريس الأسبوع الماضي، إنه لو أرادت إيران الدخول إلى البحرين لتم ذلك في غضون ساعات!
وأشار الرميحي إلى أن العرب، سواء القوى المباشرة في الدول المعنية أو على صعيد التفكير الاستراتيجي العربي، انساق بعضهم إلى لعبة «الطائفية» وتأجيجها في مخالفة لسياسات إيران، بدلاً من الخيار الآخر، وهو «القومية»، سواء في العراق أو سوريا أو الخليج. لعبة الطائفية، بمعنى زج الشيعة العرب إلى البلاط الإيراني، لعبة خطرة وليست من الذكاء بمكان في الوقت نفسه، فالشيعة والسنة هم عرب قبل كل شيء، مما يجمعهم أكثر بكثير مما يفرقهم، والاحتواء العروبي هو الأكثر قرباً للمنطق لإبعاد بعض الفئات العربية من الوقوع في شرك المصالح الإيرانية تحت غطاء المذهب، من هو عربي فهو عربي سواء أكان شيعياً أم سنياً أم مسيحياً أم غير ذلك. بسبب انحسار هذا الخطاب، بدأ البعض يتكسب من الخطاب التهميشي المثير للنعرات الطائفية.
وقال الرميحي إن الحذاقة السياسية تفرض التعامل مع إيران على أسس وقواعد، منها احترام الاجتهادات السياسية المتبادلة، والتوافق على المشترك، وعزل مصالح النظام عن التخفي خلف الطائفية، وإعلاء العلاقات الإنسانية الشعبية الإيجابية التي تقاربت طوال التاريخ من خلال تواصل إنساني لبناء الثقة وتقليل المخاطر على الجانبين.
المعارضة و«حقيبة» كراجيسكي
وقال عبدالدائم السلامي في موقع ميدل إيست أونلاين إن المعارضة البحرينية وقعت مرة أخرى في شرك العلاقة مع الخارج، وفي هذا لا يبدو أنها تفرق بين الولايات المتحدة وإيران دون أن تلاحظ أنها جزء من صفقة تقاسم المصالح الإقليمية بين الطرفين، وأكد السلامي أن الحوار الذي أجرته “الوطن” مع السفير الأمريكي كراجيسكي في عددها 2388 بتاريخ 24 يونيو 2012، أثار ردود فعل عديدة من قبل بعض الإعلاميين والساسة في البحرين، وذلك من جهة ما جاء فيه من تصريحات بدت في لفظها مخالفةً لطبيعة العلاقة التقليدية بين مملكة البحرين وأمريكا التي ظلّت قائمة على التكافؤ والاحترام المتبادل.
وأكد السلامي أن كراجيسكي ليس السفير الأمريكي الوحيد الذي يسعى إلى حشر أنفه في الشؤون الداخلية للبلد الذي يُقيم فيه، فذاك يُعدُّ من صُلب أدوار الدّبلوماسية الأمريكية. ناهيك عن أنّ مملكة البحرين ليست هي الدولة الوحيدة التي يتحرّك فيها سفير أمريكيّ بحريّة زائدة عن اللزوم، حيث يزور الشركات الكبرى والفضاءات الطلابية ويحادث الوزراء، إذْ تكفينا، لتأكيد هذا المعطى، العودةُ إلى «تجوال» سفراء أمريكا في المقرات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني وأحزاب المعارضة في دول الثورات العربية. نقول هذا، حتى لا يُنظر إلى ما جاء في حوار السفير كراجيسكي لصحيفة الوطن البحرينية على كونه «بدعة» دبلوماسية تحتاج ردّاً صارماً حكومياً وشعبياً، أو قولاً “أصابنا بالصدمة والذهول” (عبدالحليم مراد) لأنه «لا معنى أن يأتي السفير الأمريكي ويعلّم البحرينيين عدم وجود فرق بين التظاهر السلمي والتظاهر المتجاوز للقانون، فالبحرينيون ليسوا بحاجة لمثل هذا التعليم» (يوسف البنخليل)، وهو ما يتطلّب توجيه خطاب إلى «جهتين مسؤولتين عن إعادة الأمور لنصابها؛ الأولى الحكومة والثانية مجلس النواب» (سوسن الشاعر).
وزعم السلامي أنّ ما يعني المواطن البحرينيّ اليوم ليس ما قاله كراجيسكي، بل ذاك الذي لم يقله (ولن يقوله أبداً). وعليه، يجب أن ننظر في مضمون هذا الحوار من زاويتيْن: زاوية العادات الدبلوماسية «السياديّة» لأمريكا في تعاطيها مع الشؤون العربية عامّةً، وزاوية واجبات المواطن البحرينيّ في حماية وطنه.
ورأى السلامي أنه ليس في حوار كراجيسكي أيّ جديد، بل هو لا يحتاج كثيراً من التأويل لفهمه، فقد بدا فيه دبلوماسياً صادقاً مع ما تنهض عليه توجّهات السياسة الخارجية الأمريكية مع مختلف أقطار العالم العربي. وهو صدقٌ «أمريكي» ألفناه قائماً على كثيرٍ من التناقُضِ المتعمَّدِ في النظر إلى الأشياء والأحداث وفق ما يوصف بازدواجية مواقف أمريكا التي تعتمد فيها تقنية المكياليْن في تعاملاتها السياسية مع الشأن العربيّ، حيث ظلّ السفير في جميع حواره يثبت الشيءَ وينفيه في الآن نفسه، فانسحاب المعارضة البحرينية من مجلس النواب يمثّل، بالنسبة إليه، خطأ سياسياً مَرّة، وعملاً تكتيكياً مرة أخرى، وإذْ ينفي تدخّل طهران في شؤون دول مجلس التعاون الخليجي، يعود ليثبته بالقول إن طهران تمثل تهديداً للمنطقة وهي خطر على العالم. بل إنّ في حواره ما يبدو لنا، وللوهلة الأولى، مغازلة مجّانية لطهران تتناقض تماماً مع سياسات أمريكا في منطقة الخليج العربي.
وأوضح السلامي أنه يجب أن ننظر بتمعّن إلى المسكوت عنه في حقيبة السفير كراجيسكي، وسنكتفي من ذلك بأمور ثلاثة:
- أوّلها حقيقة أنّ ما يعني أمريكا، وكذا إيران أيضاً، ليس هو نشر الدّيمقراطية ودعم حقوق الإنسان في البحرين، وإنّما هو الحفاظ على مصالحها في منطقة الخليج العربي عامة. ولتحقيق ذلك، تعمل سفارتها على فتح قنوات تواصل مع بعض قوى المعارضة بهدف ابتزازها سياسياً واستغلال أيديها لتحريك الجمر، وهو أمر أكّده كراجيسكي بقوله في مسألة الحوار الوطني «وشجعنا جميع الفئات والجمعيات على المشاركة فيه»، ما يشي بكون تلك الجمعيات المعارِضة محكومة بتوجيهات خارجية، ولها أجندات أجنبية قد لا تتوافق مع ما يطمح إليه المواطن البحرينيّ من استقرار ماديّ ومعنويّ، إضافة إلى ما يعنيه ذلك من رغبةٍ لدى هذه المعارضة في الدّفع بالاحتجاجات الحالية إلى الخروج من صفتها الوطنية الداخلية إلى فضاء التقاطعات السياسية والأيديولوجية الخارجية بما يتعارض وتأكيد ملك البحرين، في خطاب يوم 24 يونيو، على أنّ الخلاف مع المعارضة «شأن بحريني داخلي خاص بشعب البحرين، وأن شعبنا قادر على إدارة خلافاته والتحاور بشأنها دون وساطات خارجية». يُضاف إلى ذلك أنّ القوى الأجنبيّة، في سعيها إلى حماية مصالحها الحيويّة الخارجية، تستثمر رغبة تلك المعارضات في الوصول إلى السلطة خارج الأطر الشرعية، وتوحي لها بأن «تركب رأسها» وتعطّل كلّ المبادرات الوطنية في إقامة حوار شامل تشارك فيه كلّ القوى السياسيّة الفاعلة بالبلاد، على غرار انسحاب جمعية الوفاق من طاولة الحوار الوطني إذ برّره كراجيسكي بقوله إنّ «لديها أسبابها السياسية في الانسحاب».
تفاهم أمريكي - إيراني
- أما الأمر الثاني الذي سكت عنه السفير الأمريكي، فصورته أنّ ثمة تفاهمات سياسية خفية بين أمريكا وإيران حول اقتسام المجال الجيوسياسي لمنطقة الشرق الأوسط والخليج العربي بدأت تتجلى ملامحها منذ أكثر من خمس سنوات. وهو ما ساهم في تنامي خشية بعض المحلّلين السياسيّين من أنّ هناك خطة أمريكية إيرانية، تحاك خيوطها خلف الستار، تهدف إلى تمكين إيران من دول الخليج وتسهيل انقضاضها عليها في المستقبل القريب، وذلك في طار صفقة كبيرة بطلاها واشنطن وطهران (البرلماني الكويتي عبدالله النفيسي). وبمثل هذه الخشية، يمكن أن نبرّر عدم مجّانية ما سمّيناه «مغازلة» السفير الأمريكيّ لنظام طهران وعدم تناقض مضمونه أصلاً.
خسارة التعويل على الخارج
- وأمّا ثالث الأمور التي نستفيدها من حوار السفير الأمريكي بصحيفة الوطن البحرينية هو القولُ بـ«غباء» المعارضة البحرينية وعدم استفادتها من حاصل تاريخ المعارضات السياسية التي احتمت بالجهات الخارجية، إذْ في تعويلها على القوى الإقليمية (إيران) والغربية (أمريكا)، وفق ما يروج بكثرة في المشهد الإعلامي البحريني، راحت تفقد ما به تقوى المعارضات، وهو الالتفاف الشعبيّ حولها لإحداث التغيير الديمقراطي بأفضل وسائل الشرعية وهو الانتخاب. إذ تشير كلّ الدلائل إلى أنّ الخاسر الأوحد من احتجاجات البحرين هو المعارضة ذاتها، فالشعب البحريني بدأ ينفض يديه من وجودها، كما إن عدد أتباعها صار في تراجع مستمر.
التهديد باحتلال المملكة
وفي صحيفة اليوم السعودية قال مهنا الحبيل إن من المؤشرات المهمة ذات الدلالة لتعقد المشهد الاستراتيجي للأمن القومي للخليج في هذه الفترة التهديد الصريح والمباشر الذي غطته وسائل الإعلام الإيرانية لأحد دبلوماسيي النظام وهو السفير السابق لإيران في باريس باحتلال البحرين خلال ساعات بعد رفع سقف التصريحات السابقة له من مصادرة إيرانية عديدة وتكثيف الزعم الكاذب بتبعية البحرين لإيران، وهو ما يؤكد حجم التحديات التي ستواجهها منطقة الخليج العربي خاصةً في ظل دفع إيران حسابات دعم نظام الأسد المضطرب أمام الثورة في أرض الخليج العربي.
وأضاف الحبيل أن هذا البناء للأمن القومي أصلاً كان يحتاج إلى مراجعة شاملة، بل وتعاني من غياب الرؤية الاستراتيجية الموحّدة التي لاتزال ضرورة ملحّة مع الأحداث المتصاعدة، ومع تفاقم التوترات والصدامات وتقاطعاتها بين المحورَين الدولي والإقليمي، وفوران القِدر في ملفات عدة، فقد أعطت الصورة الدبلوماسية المعلنة والسرية مؤشرات أكثر عمقاً على أنّ هذه الاتفاقات قد لا تستطيع أن تواجه الغليان المفاجئ لأي من سيناريوهات الانفلات الأمني للخليج العربي فإذا أضيف إلى ذلك استمرار بعض الخلافات الخليجية، خرجنا بحصيلة تؤكد حالة الاضطراب في الرؤية الاستراتيجية التحليلية لمستقبل مجلس التعاون الخليجي.
واستغرب الحبيل من أن معيار التوازن الوطني المهم الذي يمثله الإصلاح الوطني الدستوري الشامل لايزال متعثراً ويشهد تراجعاً في دول المنطقة مع أهميته البالغة، وما يعنيه ذلك من تحوّل الإحباط الشعبي تجاه تراجع الإصلاح السياسي في أجواء الربيع العربي إلى ضعف في ممانعة الالتحام المطلوب وطنياً لانصهار الحالة الوطنية بين المجتمع والدولة فيكفل الرضا الشعبي بإصلاح استراتيجية الردع الدفاعي الداخلي.
جيش خليجي موحد
وأوضح الحبيل أنه مع مرور فترة زمنية طويلة على مقترح سلطنة عمان بإنشاء الجيش الخليجي الموحّد الذي قوامه 100 ألف جندي من أبناء دول الخليج العربي وتجهيزه ليكون قوة تدخل عسكري سريع أمام التدخل الأجنبي، فإن هذا المقترح الذي رفض في حينه لايزال من أهم المشاريع التنفيذية للأمن القومي للخليج العربي، والقدرة على زيادة هذا الجيش إلى 250000 ممكنة جداً من خلال الوجود الديمغرافي المكثف في بعض دول المجلس في حين أنّ قدرات مالية أخرى لبعض الدول بالإمكان أن تقتسم ميزانية التسليح والرواتب، الذي سيتحوّل إلى قناة أقوى معيارية وخبرة في توحّد هيئة أركان للجيش تدير صفقات السلاح بصورة أكثر شفافية مع معرفة الجميع بالأرقام الفلكية التي صُرفت على تسليح دول المجلس دون انعكاس واضح لنوعية وقدرات هذه القوات بما يوازي حجم الإنفاق.
وكشف الحبيل أنّ هذا الجيش حين يُخصّص كقوة تدخل سريع تُرابط بعض قطاعاته في المناطق الأكثر تهديداً واحتياجاً من دول المجلس، وتُنظّم القيادة الجماعية له في تشكيل هرمي، يعتمد الاستقلال عن أي قوى أجنبية بل بحسب ما تمليه المصلحة القومية لأمن الخليج فهو يُعتبر إجراء نوعياً يُغطي جزءاً من القصور الكبير الذي انتاب وهيمن على مجلس التعاون في القطاع العسكري ورؤيته الاستراتيجية.
ونوه الحبيل إلى أنّ قوة درع الجزيرة إنما هي تشكيل رمزي لبرتوكول التعاون لا يمكن أن تُغطي أي عملية تدخّل سريع أو تحجز بين الخصم المهاجم وبين الأراضي المستهدفة. وهو ما يجعل مسارات التغيير والسقوط في أرض السيادة الوطنية محل استهداف لأي فراغ سريع في ظل الصراع أو التقاطع بين القوى المحيطة لأرض الخليج العربي، وما يؤكد أيضاً أن المراهنة على وجود قوات أجنبية لا يفي مطلقاً بأي حماية ذاتية.
نموذج التعايش البحريني
وتساءل د.فايز بن عبدالله الشهري في صحيفة الرياض السعودية هل العرب يتامى القرن الـ21؟، وهل نبدأ بالتأريخ البعيد أم القريب؟ فالحالة العربيّة لا تسرّ عدواً ولا “حبيب”. وقال: “لنأخذ التاريخ القريب كونه من يشكّل حاضرنا وهو بعض صورة مستقبلنا، وعلى ضفاف الخليج العربي تتقاسم إمارتا (قطر والإمارات) بعض ثمار حقول النفط والتنمية والكثير من الطموح وسط أسئلة مجتمع عن قلق الهويّة ولوحة المستقبل التي تطرحها ديموغرافياً السكان وجغرافيا المكان. وإلى جوارهما مملكة “البحرين” الصغيرة التي قدّمت قبل غيرها نموذجاً فريداً في التنمية والتعايش، وها هي اليوم تدخل مرحلة استكشاف إجباري لمرتكزاتها بين من ينتصر للطائفة ومن يرفع راية الوطن والتعايش.