أكدت مدير إدارة حقوق الإنسان بجامعة الدول العربية السفيرة فائقة سعيد الصالح أن البحرين تتعرض لمؤامرة طائفية.
وقالت، في حوار أجرته معها صحيفة “اليوم” السعودية وتنشرها اليوم: إن “البحرين دولة لا تستطيع أن تقارنها بدول الربيع العربي لأنها دولة ملكية وظروفها وطبيعتها وديمغرافيتها مختلفة، وإشكاليتها ليست إشكالية نظام بقدر ما هي إشكالية تحسين ظروف معيشية”.
وأوضحت الصالح أن الأنظمة في مصر وسوريا وليبيا وتونس واليمن همّشت شعوبها فانفجرت في وجهها.
وأكدت أن الجامعة العربية في طريقها إلى إقرار أول خطة عربية لبدء أول مشروع للتربية على حقوق الإنسان في العالم العربي.
وهاجمت الصالح المنظمات الأهلية العاملة في مجال حقوق الإنسان لأنها تنتقد لمجرد النقد ولا تقدم حلولًا جذرية، مشيرة إلى أن أغلب هذه المنظمات يعمل على وفق أجندة خارجية وعلى الأخص أجندة الدول التي يتلقى منها التمويل، وقالت إن أغلب هذه المنظمات لا ينظر إلى التطورات التي حدثت في مجال حقوق الإنسان.
وفيما يأتي الحوار الذي أجرته صحيفة “اليوم” السعودية مع السفيرة الصالح:
^ بصفتك مديرة إدارة حقوق الإنسان بجامعة الدول العربية والمسؤولة الأولى عن حقوق الإنسان في المنطقة.. كيف ترين حال حقوق الإنسان في العالم العربي؟
ـ مما لاشك فيه أن حالة حقوق الإنسان في الوطن العربي، وإن كانت لم تصل بعد إلى درجة الطموحات التي بنيناها، إلا أنها تتحسّن من الناحية التشريعية ومن ناحية القوانين، ومن ناحية زيادة عدد المنظمات غير الحكومية العاملة في مجال حقوق الإنسان، إضافة إلى نشاط عمل لجان حقوق الإنسان وبداية توسّع عمل المجالس القومية، وهذه الأمور كلها تؤكّد تطور حالة حقوق الإنسان في العالم العربي.
^ هل تريدين أن تقولي إن حالة حقوق الإنسان تعيش أزهى عصورها؟
ـ لم أقصد هذا بالطبع، ولكن يجب أن تعلم أن حقوق الإنسان في العالم العربي مثله مثل أي شيء آخر في حياتنا، تعاني مع بعض السلبيات، ولكن الجهود دائماً تنصب على معالجة مثل هذه السلبيات لإحداث نوع من التطوير، ويجب أن تعلموا أن الكمال لن يأتي أبداً، فالمجتمع العربي جزء من المجتمع العالمي الذي يعاني هو الآخر، ونحن لا نعيش بمعزل عنه، ولا نعيش خارج نطاقه، فإذا كانت هناك سلبيات تحدث، فهناك أيضاً سلبيات تحدث على الجانب الآخر، وإن كان المجتمع العربي يشهد حالياً تطورات إيجابية على المستوي الحقوقي.
^ ولكننا لا نشعر بهذا التحسن الحقوقي؟
ـ لم أقل إن هناك تطوراً كبيراً، إنه بالفعل تحسّن بسيط ولكنه ملحوظ على المستوى العام، فالمسيرة مازالت تحتاج إلى مزيد من الجهد ومزيد من العمل ومزيد من الحوار، والتفاعل مع ملف حقوق الإنسان، لأن ملف حقوق الإنسان شائك، كما تعلم، وعلى الرغم من أهميته يجب التعامل معه بحذر شديد، ولكن الأهم من ذلك هو وجود توجّه عام وفعلي في حماية حقوق الإنسان وتعزيز حقوق الإنسان، وهذا موجود إلى حد كبير في العالم العربي، ولكنه يحتاج إلى صبر لأن المسيرة طويلة وكبيرة.
^ هل توقعتِ انفجار دول الربيع العربي؟
ـ على الرغم من أننا شاهدنا من المحيط إلى الخليج معاناة الإنسان العربي إلا أننا لم نتوقع هذا الانفجار، ففي مصر كان هناك تفاوت طبقي ضخم وموت للطبقة المتوسطة، وكنا نتوقع أن تلك القنبلة الموقوتة ستنفجر، فالأنظمة همّشت المواطن العربي ولم تشعر به لذلك انفجر في وجهها.
الطائفية في البحرين
^ وماذا عن البحرين؟
ـ البحرين دولة لا تستطيع أن تقارنها بدول الربيع العربي لأنها دولة ملكية وظروفها وطبيعتها وديمغرافيتها مختلفة، وإشكاليتها ليست إشكالية نظام بقدر ما هي إشكالية تحسين ظروف معيشية.
سوريا وتفاقم الأوضاع
^ كيف ترين الوضع الإنساني في سوريا؟
ـ الجامعة العربية منذ بداية الأحداث في سوريا في العام الماضي سعت إلى إيجاد مخرج سلمي لإنهاء الأزمة حقناً لدماء الشعب السوري والحيلولة دون تفاقم الأوضاع الإنسانية على الأرض، كما بادر الأمين العام للجامعة شخصياً إلى زيارة الرئيس السوري في يوليو 2011، وزيارة أخرى في سبتمبر من العام ذاته بتكليف من مجلس وزراء الخارجية العرب، وتوالت الاجتماعات الخاصة باللجنة الوزارية العربية المعنية بسوريا، والاجتماعات الخاصة بمجلس التعاون في الجامعة العربية على المستوى الوزاري لمتابعة تطورات الوضع المتفاقم في سوريا، بل وقدّمنا مبادرة لضرورة الوقف الفوري للعنف والقتل والسماح بوصول المساعدات الإنسانية ووسائل الإعلام العربية والدولية كافة، وتوالت الأحداث وتفاقمت الأوضاع وازداد القتل والعنف.
نقص الإمدادات في ليبيا
^ وماذا عن ليبيا؟
ـ للأسف الشديد هناك خطورة كبيرة في الأوضاع الإنسانية في ليبيا، ويكفي أنها تعاني نقصاً كبيراً في الاحتياجات والكوادر الصحية ونظام اتصال فاعل والاحتياجات الخاصة بالعناية بالمعوّقين وخدمات العناية النفسية الاجتماعية، فليبيا حتى الآن تعاني من عدم وضوح الرؤية حول وضع الشعب الليبي في المنطقة الغربية، وجميع المعلومات الشحيحة الواردة تفيد أن هناك نقصاً شديداً في الإمدادات.
^ تعلمين تماماً أن مسألة حقوق الإنسان في العالم العربي مسألة جديدة كمنهج تعامل داخل جامعة الدول العربية، وبالتأكيد هناك معاناة وضغوط تتعرّضون لها من بعض الدول العربية الرافضة للتغيير؟
الصالح مقاطعة: من قال إن هناك ضغوطاً نتعرض لها.
وهاجمت الصالح المنظمات الأهلية العاملة في مجال حقوق الإنسان لأنها تنتقد لمجرد النقد ولا تقدِّم حلولاً جذرية، مشيرة إلى أن أغلبها يعمل على وفق أجندة خارجية وعلى الأخص أجندة الدول التي يتلقون منها التمويل، وقالت إن أغلبها لا ينظر إلى التطورات التي حدثت في مجال حقوق الإنسان.
^ القضايا الجديدة دائماً تجد مَن يعارضها خاصة أصحاب الفكر الراديكالي؟
ـ إدارة حقوق الإنسان بجامعة الدول العربية لا تواجه أي ضغوط من أي دولة، ويجب أن تعلم جيداً أن هذه الإدارة جاءت تطبيقاً لفكر الأمين العام للجامعة السيد نبيل العربي وتوجّهه، وهي من الإدارات التي تمّ استحداثها على يد الأمين العام السابق عمرو موسى، وكانت تحظى باهتمام السيد عمرو موسى ورعايته، وحالياً تحظى برعاية السيد نبيل العربي، ما أعطى أهمية مطلقة في مسألة حقوق الإنسان في العالم العربي، وإذا كانت إدارة حقوق الإنسان في الجامعة حققت أي نجاح يُذكر فسيكون ذلك في المقام الأول لرعاية السيد نبيل العربي، لأنه أقدر مَن يتفهم وضع حالة الإنسان في العالم العربي.
^ هذا المجهود من الأمين العام.. ألم يقابله أي تفاعل عربي لقضايا حقوق الإنسان؟
ـ على العكس من ذلك.. فقد أظهرت الدول العربية الاهتمام الكبير وهذا يظهر في تصديقها على الميثاق العربي العام لحقوق الإنسان الصادر عن الإدارة عام 2004، كما أن هذا الاهتمام يظهر جلياً من خلال تفاعل العرب واشتراكهم في اللجان الدولية ولجان جامعة الدول العربية، وكان واضحاً من الخطة العربية التي وضعتها من أجل النهوض بحالة حقوق الإنسان، وهذا يؤكد وجود اهتمام فعلي ودعم من قبل الدول العربية، فعلى سبيل المثال سنجد أنه على الرغم من قِصر عمر إدارة حقوق الإنسان بالجامعة إلا أنه إذا نظرنا إلى قرارات الإدارة فسنجد أن نسبة كبيرة من هذه القرارات كانت متعلقة بحقوق الإنسان، مما يؤكد نشاط إدارة حقوق الإنسان بالجامعة، من خلال اللجنة العربية لحقوق الإنسان، وهي اللجنة المشكّلة من جميع الدول العربية، وهي التي تشرف على جميع المشاريع القومية التي تهم جميع الدول العربية.
^ ولكن هذا لا يعني عدم وجود صعوبات تواجهها الإدارة؟
ـ بالطبع.. لاتزال هناك بعض الصعوبات التي نواجهها في المنطقة، لأن بعض مَن تحت مظلة جامعة الدول العربية لم يرتقِ بعد إلى فكر حقوق الإنسان، ولم يصل بعد إلى مستوى فهم أسلوب حقوق الإنسان، ولا إلى الاهتمام الدولي بهذا الملف، لأن هذا الفكر والاهتمام كبير وراقٍ جداً، كما إنه يفتقر بعض الأشخاص داخل المنطقة العربية إلى هذا الفكر الناضج ولم تعطَ له الأهمية المطلوبة.
^ ليس بعض مَن في داخل الجامعة فقط، ولكنها القاعدة العريضة من الشارع العربي لم ترتقِ بعد ولم تفهم ثقافة حقوق الإنسان؟
ـ هذه إشكالية أخرى تواجهها إدارة حقوق الإنسان بالجامعة العربية، فإذا كان للإعلام العربي دور في عدم وصول هذه الثقافة إلى الشارع العربي إلا أن العاملين في إدارة حقوق الإنسان في الجامعة لم يقدّموا أنفسهم أو إنجازاتهم التي تحققت على أرض الواقع بالنحو الأمثل، والدليل على ذلك أن الكثيرين داخل الوطن العربي لا يعرفون أن هناك ميثاقاً عربياً لحقوق الإنسان، وأنها تعدّ أول وثيقة عربية لحقوق الإنسان تشمل الوطن العربي كله والدول العربية كلها ودخلت بالفعل حيز التنفيذ منذ أكتوبر عام 2009، ولكننا إذا ما أجرينا إحصائية بين المثقفين العرب فسنجد أن أغلبهم، إذا لم يكن كلهم، لا يعرفون هذه المعلومة، والمفارقة الغريبة أن المجتمعات والمنظمات الدولية تتابعنا باهتمام وكثير منها يعرف بهذا الميثاق، بل والأكثر من ذلك يراقبون ويتابعون اللجنة العربية لحقوق الإنسان التي انبثقت عن هذا الميثاق، وهي اللجنة التي تراقب وتتابع تفعيل الميثاق العربي لحقوق الإنسان في 22 دولة عربية، بل إن الأمم المتحدة للمفوضية السامية لحقوق الإنسان مهتمة جداً بلجنة حقوق الإنسان، لأنه تأكيد لتفعيل الميثاق العربي لحقوق الإنسان، والمفوضية السامية دائماً ما تسأل عن هذه اللجنة وعن أعضائها واجتماعاتها بصفتها أول لجنة في تاريخ الوطن العربي، وتتلقى تقارير دولية من الدول العربية عن حالة حقوق الإنسان مما يعدُّ نقلة نوعية.
قصور الإعلام
^ أين المشكلة إذاً؟
ـ المشكلة أن هذه النقلة التي حدثت لم تغرِ الإعلام العربي وتدفعه لنقل هذه التطورات إلى الشارع العربي، أين الإعلام العربي مما يحدث من إيجابيات، لماذا يهتم بالسلبيات فقط، فالسلبيات تحدث منذ قرون، فلماذا لا نهتم بالإيجابيات التي حدثت في السنوات الأخيرة، فعلى الرغم من تجاهل الإعلام العربي نجد أن منظمة العفو الدولية تبدي اهتماماً كبيراً بهذه التطورات وبهذا الميثاق، حتى إن بعض مَن في داخل المنظمة الدولة اهتم بنقل هذه التجربة من خلال إلقاء عددٍ من المحاضرات بالجامعات البريطانية لتعريف الغرب بالميثاق العربي لحقوق الإنسان، ومع الأسف الشديد لم يحرّك هذا كله الإعلام العربي.
^ وماذا عن إدارة حقوق الإنسان بالجامعة، هل لديها برنامج خاص لترسيخ ثقافة حقوق الإنسان في الشارع العربي؟
ـ بالطبع.. الآن بدأنا تنفيذ الخطة العربية للتربية على حقوق الإنسان، وهذه الخطة أقرت في دمشق نهاية عام 2009، وبدأ العمل بها وتنفيذها من يناير 2010، وهي خطة خمسية من 2009 وحتى عام 2014، ونتمنى أن تؤتي ثمارها ونتائجها في القريب العاجل، بصفتها إحدى مراحل التطور التي تشهدها إدارة حقوق الإنسان بالجامعة العربية، والأمر الثاني هو أن الجامعة العربية بصدد إعداد خطة أخرى لتعزيز ثقافة حقوق الإنسان لأنها وجدت أن ثقافة حقوق الإنسان غير منتشرة ولم تأخذ حقها، ووافقت القمة العربية بالدوحة في مارس 2009 على هذه الخطة وسيتم عقد مؤتمر عربي كبير يشارك فيه جميع خبراء العرب العاملين في مجال حقوق الإنسان بالمشاركة مع عدد كبير من الأكاديميين لوضع أسس هذه الخطة وبنودها التي خرجت في شهر يناير 2010، ووافقت عليها لجنة حقوق الإنسان وتمّ عرضها على مجلس جامعة الدول العربية على المستويين الوزاري والقومي وهذه الخطة هي الأولى من نوعها وتسهم بنحو كبير بتعزيز ثقافة حقوق الإنسان، وهنا سيأتي دور الإعلام العربي في نشر هذه الثقافة وهذه الخطوة.. فالإعلامي عليه دور في متابعة نشاط حقوق الإنسان في 22 دولة عربية من داخل جامعة الدول العربية بصفتها المنبر الذي يضمّ جميع الدول العربية، وإلقاء مزيد من التركيز على دور القائمين على حقوق الإنسان، خاصة وأن التقارير كلها تشير إلى أن جزءاً كبيراً من التنمية له علاقة بحقوق الإنسان وتطوره.
^ هناك عدد من المجالس القومية لحقوق الإنسان في بعض الدول العربية، وهناك عدد ضخم من منظمات المجتمع المدني الأهلية، فهل هناك تنسيق عام فيما بينكم وبينهم؟
ـ هناك شيء من التنسيق.. فإدارة حقوق الإنسان بالجامعة العربية على اتصال دائم بالمجالس القومية لحقوق الإنسان، وتتفاعل مع جميع فعالياتها في مجال خدمة حقوق الإنسان في العالم العربي وتشترك فيها، كما إن فكرة عقد مؤتمر سنوي للمؤسسات العاملة في مجال حقوق الإنسان نابعة من داخل الجامعة العربية للتواصل فيما بيننا، ونفذتها الأمم المتحدة والمفوضية السامية والمجلس القومي، واشتركنا فيها من خلال تنظيم أول مؤتمر أقيم في القاهرة في 2005، ثم انطلق لينعقد سنوياً.
^ وماذا عن التنسيق مع الجمعيات الأهلية العاملة في مجال حقوق الإنسان بالنسبة للمنظمات غير الحكومية؟
ـ الأمر يختلف بعض الشيء، فإدارة حقوق الإنسان تنفذ سياسة الأمين العام للجامعة التي أرساها منذ إنشائها، والتي تؤكد ضرورة مدّ جذور التعاون مع هذه المنظمات الأهلية وغير الحكومية، ولدينا الآن 17 منظمة حقوقية وغير حكومية تحضر اجتماع اللجنة العربية لحقوق الإنسان، بل وتتمتع بصفة مراقب في الاجتماع، وهذه تعدّ نقلة نوعية لأنها تحضر جنباً إلى جنب مع الحكومات، وتشارك في مناقشة بعض القضايا المهمة، وتبدي رأيها، والإدارة بدورها تستمع إلى هذه الآراء وتدرسها، وهذا يؤكد في المقام الأول وجود حوار فيما بيننا.
تقارير متضاربة
^ لماذا، إذن، نجد تضارباً في التقارير الصادرة عن حالة حقوق الإنسان سواء التي عرضتها الجامعة أم المنظمات غير الحكومية المختلفة تماماً عن التقارير الخارجية وفي مقدمتها تقرير التنمية البشرية الذي اتهم 8 دول عربية بانتهاك حقوق الإنسان؟
ـ يجب أن تعلم أن التقارير الخارجية بشأن حالة حقوق الإنسان في الدول العربية تتسم عادة بالشكل والمضمون السياسي، أما بالنسبة لتقارير المنظمات غير الحكومية فدائماً، وحتى على المستوى الدولي، تتسم بوجهة نظر مخالفة للواقع، فالمنظمات غير الحكومية ترى أشياء مخالفة للأنظمة الحكومية، لأن المنظمات غير الحكومية دائماً تريد إحداث تغيرّات مفاجئة، بعكس الحكومات فهي ترى ضرورة التدرّج في التغيير، والتطور التدريجي لأن الحكومات مسؤولة ولها حساباتها السياسية والفكرية.
^ وفي رأيك.. لماذا تنتهج المنظمات غير الحكومية هذا المنهج؟
ـ مع الأسف الشديد بعض المنظمات جعلت من نفسها مسانداً للتقارير الأجنبية المغرضة وتوجّه الانتقادات للأوضاع في الدول العربية لأن لديها ارتباطاً وثيقاً ودائماً مع هذه المنظمات من خلال ما يسمى بالتمويل الأجنبي فمن أين تأتي بهذه الأموال لتلك المنظمات.
^ ولكن هذا لا يعني عدم وجود انتهاك لحقوق الإنسان؟
ـ الوطن العربي جزء من المجتمع الدولي، والمجتمع الإنساني كله يعاني من انتهاكات وهناك سلبيات تحدث، أنظر إلى الولايات المتحدة الأمريكية كيف انتهكت حقوق الشعب العراقي والأفغاني دون وجه حق، أنظر إلى الآلة العسكرية الإسرائيلية.. كيف انتهكت حقوق الشعب الفلسطيني على مرأى ومسمع من العالم، أنظر إلى ألمانيا كيف صمتت عندما قتلت مروة الشربيني في قاعات المحكمة، وفي الصين كيف يُهان المسلمون ولا أحد يتكلم، والعالم العربي لا يعيش بمعزل عن هذا المجتمع الإنساني، ولكن ما يهمنا أن هذه الانتهاكات التي تحدث في العالم العربي ليست انتهاكات منهجية أو تجاوزات سلطة أو دولة ولكنها انتهاكات فردية والإدارة لا تستطيع أن تحمّل الدولة مسؤولية خطأ الأفراد، كما إن إدارة حقوق الإنسان بالجامعة العربية على يقين أن الدول العربية ترفض الانتهاكات التي ترتكب والدليل على ذلك أن هناك عقوبات تتم ضد من يرتكبها مهما بلغت سلطته ونفوذه ويتم إيقافه، وهذا يعني أن الانتهاكات التي تحدث هي انتهاكات فردية يرتكبها صغار المسؤولين في بعض المراكز التنفيذية، وهذا ما يستغله الغرب ويضع كبار المسؤولين في حرج سياسي دولي مع أن هذه الانتهاكات لا تعبّر عن سياسة الدولة.
^ بعض المنظمات حذرت من أنه ستكون هناك مراجعة في حالة حقوق الإنسان في العالم العربي وأنه ستتم محاسبة بعض الدول؟
ـ المنظمات غير الحكومية دأبت على النقد والهجوم بسبب ومن دون سبب، من دون أن تقدّم في أية مرحلة من المراحل أي بديل ومن دون الرغبة في المشاركة أو المساعدة في عملية التطوير، أما مسألة الاستبعاد فتلك آراء شخصية تخصّها، ولكننا نعلم جيداً أنها لن تحدث، لأنه حتى أثناء الانتخابات تقدّم العضوية للمجلس القومي العالمي لحقوق الإنسان هوجم العديد من الدول العربية من جانب المنظمات غير الحكومية بالدول العربية، ولكنها نجحت بامتياز وأصبحت لها مقاعد بالمجلس العالمي بجنيف على الرغم من الهجوم العنيف لمنظمات المجتمع المدني التي حاولت التأثير على العملية الانتخابية.
تقارير مسيّسة
^ إذا كانت التقارير الغربية ضد العالم العربي مسيّسة كما تقولين، ألا ترين أننا نقدّم لهم تلك التقارير على طبق من ذهب.. فهناك عدد من الملفات التي لم تُحسم حتى الآن وفيها عدد من الثغرات وفي مقدمتها ملف الأقليات والديمقراطية والحرية الدينية وغيرها، فما رأي الجامعة العربية في التعامل مع تلك الثغرات؟
ـ لاشك في أن العالم العربي يعاني الكثير من المشكلات الداخلية، ولكنها مجرد مشكلات عادية يواجهها العالم أجمع، فهل هناك دولة واحدة من 206 دول لا تواجه مشكلة حدودية أو مشكلة أقليات، لا توجد بالطبع، العالم يعاني من المشكلات، ولكننا في العالم العربي للأسف الشديد نعاني من مشكلة أكثر خطورة وهي مشكلة انتشار المنظمات التي تضخّم هذه المشكلات، وهي للأسف الأشد من داخل الوطن العربي ويتجاهلون المشكلات التي يواجهها المواطن العربي من الغرب.
^ ولكن لدينا ثغرات بالفعل؟
ـ لم أنكر هذا.. لدينا مشكلات ولدينا أزمات ولدينا قصور بالفعل، لا ننكر هذا.. ولكننا نحاول معالجة مشكلاتنا بمنتهى الجدية وبالأخص في موضوع الأقليات وحقوق المرأة ولا يستطيع أحد أن ينكر أننا نعاني من مشكلات، هناك أيضاً تطور تشريعي للحفاظ على حقوق الأقليات ومن يقرأ الميثاق العربي لحقوق الإنسان سيجد أنه يؤكد بنحو واضح حقوق الأقليات، فالعالم العربي يعاني من التضخيم ولكنه في الوقت نفسه يحاول معالجة سلبياته بلغة الحوار.
لا دور في الصراع مع إسرائيل
^ الإدارة لها جهود ملموسة في مواجهة كل من ينتهك حقوق الإنسان داخل الدول العربية من العرب، ولكن أين هي ممن ينتهكون حقوقنا من غير العرب، ماذا فعلت الإدارة مع الآلة العسكرية الإسرائيلية التي انتهكت أرواح عشرات الآلاف في السنوات الأخيرة؟
ـ الإدارة ليس لها أي دور للأسف في مواجهة ما ترتكبه الآلة العسكرية الصهيونية، لأنه عمل جامعة الدول العربية، ولكن الإدارة لها لجنة أنشأها الميثاق العربي برئاسة السفير محمد صبيح، وعقدت اجتماعَين حتى الآن وستكتب تقريرها المفصّل عن غزة في القريب العاجل، أما عن الانتهاكات الإسرائيلية فالإدارة في الجامعة تتصدى لها وتقف لها بالمرصاد من خلال اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان ولدينا بالفعل بند خاص بالتصدّي للانتهاكات الإسرائيلية في جدول أعمال الإدارة، وهذا البند نطوره الآن إلى إجراءات عملية لنستطيع ترجمة الإدانات وهو مشروع جديد لفضح انتهاكات إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني.