القاهرة - وكالات: أعلن رئيس مصر الجديد محمد مرسي أمس أنه قبل نقل السلطة إليه من المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي أدار شؤون البلاد منذ إسقاط الرئيس المخلوع حسني مبارك في انتفاضة شعبية مطلع العام الماضي.

وفي حفل تنصيب أقيم بقاعدة عسكرية خارج العاصمة قال مرسي “أتقبل نقل السلطة من المشير حسين طنطاوي وإخواني في المجلس الأعلى (للقوات المسلحة)”، وأضاف أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يرأسه طنطاوي أوفى بوعده لنقل السلطة أمس.

ورغم أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة أصدر إعلاناً دستورياً مكملاً هذا الشهر أبعد فيه رئيس الدولة عن شؤون الجيش إلا أن مرسي ذكر أنه أصبح مسؤولاً عن الجيش كمسؤوليته عن الشعب. وقال أيضاً مخاطباً القوات المسلحة “لن تتركوا أماكنكم في الداخل في هذه المرحلة لأن الوطن في حاجة إليكم”، وطمأن مرسي القوات المسلحة قائلاً “لن يمس حق من حقوقكم”.

وكان المجلس الأعلى للقوات المسلحة قال في وقت سابق إنه سيفي بوعده لنقل السلطة إلى الرئيس المنتخب. وجاء في بيان “أعلن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يوم 11 فبراير 2011 أنه ليس بديلاً للشرعية التي يرتضيها الشعب وأنه غير طامع في السلطة ولا يسعى إليها وسوف يقوم بتسليم السلطة إلى الرئيس المنتخب بالإرادة الوطنية. واليوم (أمس) هو يوم الوفاء بالعهد”. كما أوضح مرسي في احتفال بمناسبة توليه مهامه أقيم في جامعة القاهرة بحضور رئيس المجلس العسكري المشير حسين طنطاوي “لقد وفى المجلس الأعلى للقوات المسلحة بوعده وعهده الذي قطعه على نفسه ألا يكون بديلاً للإرادة الشعبية”، مشيداً بالقوات المسلحة “درع الوطن وسيفه”. وأضاف “وستعود المؤسسات المنتخبة لأداء دورها ويعود الجيش المصري العظيم ليتفرغ لمهمته في حماية أمن الوطن وحدوده”. وتابع “أعاهد الله أن أحافظ على هذه المؤسسة وأن أعلي من شأنها وأن أدعمها وأن أتخذ كل الوسائل لأن تكون أقوى مما كانت ولتستمر راسخة وأن يكون الشعب معها”. وبدوره، أكد طنطاوي خلال عرض عسكري رمزي أقيم للرئيس مرسي بمناسبة توليه رسمياً مهام منصبه وقوف القوات المسلحة إلى جانب رئيس مصر الجديد. وقال في كلمة أثناء العرض الذي أطلقت فيه المدفعية 21 طلقة تحية للرئيس الجديد، إن القوات المسلحة “ستقف مع الرئيس الجديد المنتخب من الشعب” مشدداً على أن المجلس العسكري أكد دائماً أنه “ليس بديلاً عن الشرعية التي يرتضيها الشعب”. ومن جهته، رد مرسي في كلمة بالمناسبة أن هذا اليوم “فارق في تاريخ مصر” حيث نشهد “كيف تنتقل السلطة من القوات المسلحة المصرية طبقاً لإرادة الشعب المصري إلى سلطة مدنية منتخبة”. وأدى مرسي أول إسلامي ومدني يتولى رئاسة مصر وأول رئيس منتخب منذ الإطاحة بمبارك بداية 2011، أمام الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا بمقر المحكمة جنوب القاهرة أمس اليمين الدستورية لتولي مهامه رسمياً رئيساً للبلاد.

وقال مرسي “أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصاً على النظام الجمهوري، وأن احترم الدستور والقانون، وأن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة، وأن أحافظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه”.

وأكد مرسي القيادي السابق في جماعة الإخوان المسلمين، بعد أداء القسم احترامه للمحكمة الدستورية والقضاء المصري. وقال “أحرص على أن تبقى هذه المؤسسة مستقلة قوية فاعلة لا تشوبها شائبة ولا يؤثر عليها مؤثر”، مضيفاً “أحترم المحكمة الدستورية وأحكامها والقضاء المصري وقراراته ومؤسساته”.

وتابع الرئيس المصري “ننطلق اليوم إلى غد أفضل، إلى مصر الجديدة، إلى الجمهورية الثانية”، مكرراً سعيه إلى إقامة “دولة مدنية وطنية دستورية حديثة”. وفي الشأن الخارجي، أكد الرئيس المصري الجديد وقوف مصر مع الشعب السوري، داعياً إلى وقف نزيف الدم في هذا البلد. كما أكد احترام مصر لتعهداتها الدولية ووقوفها مع الشعب الفلسطيني ودعمها للمصالحة الفلسطينية.

وقال في خطابه الذي ألقاه في جامعة القاهرة “نؤكد على احترام التزاماتنا الدولية ونرعى المعاهدات والاتفاقات”، في إشارة إلى معاهدة السلام مع إسرائيل، وأعلن أن “مصر (..) تقف مع الشعب الفلسطيني حتى يحقق كافة حقوقه المشروعة (..) ومع إتمام المصالحة الفلسطينية”.

وشدد أن “مصر لن تقبل أي انتهاك للأمن القومي العربي (..) وستقف في وجه الأخطار التي تهدد الأمة العربية”. وأضاف أن نظام مبارك “فرط في أمن مصر القومي ما أدى إلى تقزيم دورها الإقليمي والدولي” متعهداً بالعمل على أن تستعيد مصر دورها “القوي” في الدوائر العربية والإسلامية والأفريقية والدولية.

وفي الجانب الاقتصادي، وعد مرسي بالعمل على اجتذاب استثمارات في جميع قطاعات الاقتصاد وإنعاش السياحة. وقال “سنعمل معاً على تشجيع الاستثمار في كل قطاعاته (الاقتصاد) وعلى استعادة السياحة لدورها بما يعود بالخير على الاقتصاد المصري وعلى كل مواطن في مصر”.

وتبدأ مع تولي مرسي السلطة مرحلة تعايش يعتقد المراقبون أنها ستكون صعبة بينه وبين المجلس العسكري الذي يحتفظ بصلاحيات واسعة بينها التشريع. وكان رئيس المحكمة الدستورية فاروق سلطان دعا مرسي قبيل ذلك إلى أداء القسم “إعمالاً لنص الفقرة الثالثة من المادة 30 من الإعلان الدستوري (المكمل) الصادر في 17 يونيو 2012”.

وأكد سلطان في مستهل الحفل “تستقبل المحكمة الدستورية حصن الأمة المنيع في مواجهة البغي والظلم واستلاب الحقوق، اليوم أول رئيس منتخب لجمهورية مصر العربية بإرادة شعبية ديمقراطية شعبية أثمرتها انتخابات حرة نزيهة”.