كتب - حسين الماجد:
تكمل البحرين اليوم 92 عاماً منذ تأسيس أول مصرف بالمملكة في العام 1920م وهو البنك الشرقي - بنك “ستاندرد تشارترد” حالياً في 3 يوليو 1920م، ليتلوه بعد عقدين من الزمن ثاني بنك وهو البنك البريطاني للشرق الأوسط.
وساهمت صناعة الخدمات المالية في البحرين كمنصة لمحافظ الاستثمار، من خلال تقديم المملكة مجموعة واسعة من أدوات الاستثمار والصناديق التي ينظمها مباشرة مصرف البحرين المركزي، كمشرع وحيد في الصناعة المالية.
ويحسب للبحرين سعيها مبكراً إلى تميزها الحرية الاقتصادية بخلاف دول الخليج بسبب حاجتها لتنويع الاقتصاد بعيداً عن تمديدات النفط المحدودة، لتغدو المملكة محورا في العمل المصرفي الرئيسي بالشرق الأوسط، وتعتبر مركزًا للتمويل الإسلامي.
كما إن بنك البحرين الوطني - كان ثالث بنك يعمل في البحرين - وتأسس في العام 1957م كأول بنك محلي، وبعد إدخال البحرين العام 1965م العملة المحلية (الدينار) بدلاً من الروبية الهندية التي كانت أكثر شيوعاً في المعاملات المحلية آنذاك، لتضع البحرين نفسها بإصدارها عملتها الخاصة في مقدمة الدول الخصبة.
ووصل عدد البنوك العاملة إلى 14 بنكاً مع حلول 1974م، بعد أن أنشأت مؤسسة نقد البحرين آنذاك - “مصرف البحرين المركزي” في العام 1973م ككيان قانوني لتنظيم العملية المصرفية، لتنطلق نواة الوحدات المصرفية الخارجية عبر إصدار مؤسسة النقد الأنظمة اللازمة لإنشاء وحدات خارجية على غرار تلك التي تعمل في سنغافورة.
وكدليل على نجاح وجاذبية المملكة، دخل نحو 26 بنك “أفشور” خلال العام الأول من فتح الباب أمام الوحدات المصرفية الخارجية، لتصل مع حلول العام 1980 إلى نحو 75 بنك “أفشور” يعمل على أرضها وبأصول تفوق 62 مليار دولار، لتؤسس البحرين موقعا مصرفيا استراتيجيا في قلب الخليج العربي.
وتزامنا مع ذلك، وفي منتصف الثمانينات، دشَّن المصرف مسيرة جديدة من خلال احتضان المصارف الإسلامية وتوفير البيئة التشريعية والفنية المحفزة لنجاحها، كذلك توفير المؤسسات الداعمة لها مثل هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية ومركز إدارة السيولة والسوق المالي الإسلامي العالمي والمجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية التي تتخذ جميعها من مملكة البحرين مركزا لمزاولة أعمالها.
وباتت البحرين مركزا إقليمياً مرموقاً للمصارف الإسلامية تحتضن نحو 26 مؤسسة مالية إسلامية علاوة على 30 شركة تكافل إسلامي وأكثر من 60 صندوقا استثماريا إسلامياً.
ونتيجة لتلك الجهود، كان ازدهار السوق المالية البحرينية أمرا طبيعيا، فمع قدوم هذه المؤسسات المالية، جاءت إلى البحرين معاملات دولية قائمة على أسس قوية ومرنة ساعدت على ازدهار السوق، ما عاد على البلاد بفوائد لا يتسع المجال لحصرها.
وفضلا عما تقدمه هذه المؤسسات من فرص عمل لتوظيف الخبرات والأيدي العاملة البحرينية، فإنها تسهم أيضاً في ازدهار سوق العقارات وجلب رؤوس الأموال اللازمة للتنمية ودعم الأسس النقدية للدولة وتنمية الصناعة واجتذاب المزيد من المشروعات والشركات للعمل في البلاد.
وبحسب رئيس جمعية المصرفيين البحرينية عبدالكريم بوجيري، في وقت سابق ارتفعت مساهمة القطاع المصرفي بالناتج المحلي الإجمالي للمملكة خلال عام 2011 بنسبة 27% ، كما ارتفع عدد العاملين بالقطاع المصرفي البحريني إلى 14.342 ألف عامل تبلغ نسبة البحرينيين بينهم نحو 66%، كما تشير المؤشرات المالية المتوفرة من خلال مصرف البحرين المركزي أن مساهمة القطاع المالي بلغت 27% في الناتج المحلي الإجمالي للبحرين العام الماضي، بينما بلغ مجموع موجودات النظام المصرفي نحو 200 مليار دولار في يناير 2012.
وبلغ عدد المؤسسات المالية 417 مؤسسة منها 122 مؤسسة مصرفية تتضمن 26 مؤسسة مصرفية إسلامية، في حين تتوزع المؤسسات الأخرى على قطاع التأمين والوساطة المالية فضلا عن الخدمات المساندة كتلك التي تصدر البطاقات الائتمانية.
وتعتبر البحرين، مركزاً مالياً واقتصادياً مهماً، وهي المحور الرئيس للبنوك والمصارف في منطقة الخليج والشرق الأوسط، وهي تعد مدينة مالية فرانكفورت، وسنغافورة، حيث تحتوي فروعا كثيرة للمصارف والبنوك العالمية، وأيضا العديد من المجمعات المالية المنتشرة في مناطق البحرين، وهي الدولة الثانية في البنوك بعد سويسرا، وتنتشر العديد من البنوك الأفشور والجملة الإسلامية مثل بنك الخليج الدولي، المؤسسة العربية المصرفية وبنك أنفستكورب وغيرها.
ويتوقع رئيس اتحاد المصارف العربية عدنان يوسف، أن تحقق المصارف البحرينية نمواً يصل إلى 8% خلال العام الجاري. وتم تسجيل 20 مؤسسة ومصرفاً مالياً في البحرين العام الماضي، ما يجعل ذلك مؤشراً قوياً على قوة هذا القطاع المصرفي والمالي الذي تعتبر المملكة مركزاً إقليمياً وعالمياً له، كما شهدت البحرين تسجيل 104 صناديق استثمارية جديدة، بلغ إجمالي استثماراتها 8.3 مليارات دولار في 2001.
وتُعدُّ البحرين مركزاً مهما لاستقطاب الاستمارات الخارجية وتوطين الرساميل المحلية، ولا سيما في القطاع المصرفي المحكوم بضوابط وتشريعات وأحكام دولية صارمة، إلى جانب السياسات المالية التي يطبقها النظام المصرفي والتسهيلات التي تقدمها للمستثمرين.
وانخفضت معدلات الفوائد على القروض المقدمة لقطاع الأعمال ـ على سبيل المثال لا الحصر ـ بشدة على أساس سنوي لتبلغ 4.86% في الربع الرابع من 2011، قياساً بـ 7.17% في الفترة نفسها من 2010.
يشار إلى أن المملكة دخلت الكثير من الاتفاقيات الدولية خلال الأعوام الـ10 الماضية والتي ترمي لتعزيز اقتصادها المتين، وكان من أبرزها اتفاقية التجارة الحرة الثنائية مع الولايات المتحدة الأمريكية في العام 2005 لتكون الدولة الخليجية الوحيدة التي تقوم بذلك، الأمر الذي نتج عنه تطوراً ملحوظاً بنشاطها الاقتصادي وتقدمها في العالم العربي.
كما أقرت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا في يناير 2006، لينال اقتصاد المملكة بعد ذلك لقب الأكثر حرية في الشرق الأوسط حسب دليل الحرية الاقتصادية لسنة 2006، وفي المرتبة الـ25 بالنسبة للعالم.