يحتفي الإماراتيون بقرب شهر رمضان الكريم بإحياء ليلة النصف من شعبان المتعارف عليها محلياً بـ«حق الليلة” والتي تصادف هذا العام ليلة الخميس 4 يوليو.
ويقوم الأطفال في هذه الليلة بالطواف على بيوت جيرانهم ليجمعوا المكسرات والحلويات الخاصة بهذه المناسبة. وفي الماضي، كانت الأمهات يخيطن كيساً خاصاً من القماش لجمع الحلوى، يعرف محلياً بـ«الخريطة”، وكان الأطفال يرددون بعض الأهازيج التي تدور حول العطاء والكرم، ابتهاجاً بقرب حلول الشهر الكريم، مثل الأغنية التي تقول “عطونا من حق الله يرضا عليكم الله عطونا من حق الليلة جدام بيتكم وادي والخير كله ينادي”... وتتذكر ميثاء بنت أحمد (50 عاماً) وهي إماراتية عاشت طفولتها في الدوحة حيث يُحتفل بالمناسبة نفسها، ذلك اليوم كجزء من ذكريات الطفولة، وقالت “أتذكر أننا كنا نلبس ملابس جميلة وجديدة نوعاً ما، ونخرج كمجموعة وندق أبواب البيوت المجاورة، ونجمع الحلوى والمكسرات، ثم نعود لنرى الحصيلة ونتبادلها، وكنا نتلذذ بتكسير المكسرات وتناولها معاً”. وكانت الحصيلة تتضمن اللوز والجوز والفستق والفول السوداني وحلوى الملبس والكاراميل وغيرها.
وتشير ميثاء إلى الترابط الذي كان يجمع أبناء الحي الواحد في مثل هذه المناسبات، إذ إن كل جارٍ كان يتفقد الأطفال حين يصلون إلى بيته مثلما يتفقد أبناءه.
أما اليوم، فباتت الحداثة تغلب على هذا التقليد، وأصبحت “الخريطة” تباع في السوق بألوان زاهية وتحمل أحياناً صور شخصيات كرتونية شهيرة، وباتت الحلويات أكثر تنوعاً وتدخل بها الشوكولاتة التي لم تكن معروفة سابقاً. وتعرض بعض مواقع الإنترنت التجارية نماذج مبهرجة من “الخريطة” وتشكيلة المكسرات التي قد تتراوح أسعارها بين 5-100 درهم.
ويقوم الأطفال بالطواف على بيوت جيرانهم بصحبة الخادمات أو في سيارات ذويهم، بسبب تباعد المسافات بين البيوت في الأحياء الحديثة. إلى ذلك، تحتفل الدوائر الحكومية والرسمية بهذه المناسبة بتوزيع الحلوى أو استضافة الأطفال في عروض تحيي هذا التقليد.
وبحسب المنظور الإسلامي، فإن ليلة النصف من شعبان لها فضل كبير لحديث الرسول (ص) عنها في أكثر من مناسبة، مثل قوله “يطلع الله إلى خلقه ليلة النصف من شعبان، فيغفر لجميع خلقه إلا المشرك أو المشاحن”. وقد وقعت أحداث مهمة كثيرة في هذه الليلة، أبرزها تحويل القبلة من بيت المقدس إلى مكة المكرمة، ونزل فيها فرض صيام شهر رمضان المبارك، وانتصر فيها المسلمون في غزوة بني المصطلق.
ويرى عبدالعزيز المسلم، مدير التراث والشؤون الثقافية في دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، أنه ما من توثيق تاريخي لبداية هذا التقليد في الإمارات أو دول الخليج التي ينتشر فيها. وقال “بحسب البحث الذي أجريته قبل عشرين عاماً، وانطلاقاً من لقاءاتي مع كبار السن، وجدت أن الغرض من الاحتفالية هو تهيئة الطفل وإعداده لشهر رمضان، من خلال منحه حرية الخروج والابتهاج وتناول الحلويات”، في إشارة إلى الجلد والصبر اللذين تتطلبهما العبادة في شهر الصوم.