رام الله - (أ ف ب): دعت السلطة الفلسطينية أمس إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية في وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، مؤكدة أنها لا تمانع في فحص رفات الزعيم الراحل، وذلك على ضوء ما كشفت قناة «الجزيرة» أنه قد يكون قضى مسموماً بمادة مشعة.

وأعلن كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات «ندعو إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية على غرار لجنة التحقيق الدولية التي شكلت حول اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري» مضيفاً «ندعو العالم للتعامل مع هذا الملف بالجدية المطلوبة خاصة على ضوء ما كشفته قناة الجزيرة الفضائية والذي نثمّنه عالياً».

وأظهرت استنتاجات تحاليل أجريت في مختبر في سويسرا ونقلتها «الجزيرة» الليلة قبل الماضية في برنامج وثائقي أن عرفات قد يكون قضى مسموماً بمادة البولونيوم المشعة.

وتعقيباً على ذلك أكد الناطق بأسم الرئاسة نبيل أبو ردينة أن السلطة الفلسطينية لا تمانع فحص رفات الرئيس الراحل ياسر عرفات الذي توفي بمرض غامض حتى الآن. موضحاً أنه «لا يوجد أي سبب ديني أو سياسي يمنع أو يحول دون إعادة البحث في هذا الموضوع بما في ذلك فحص الرفات من قبل جهة علمية وطبية موثوقة وبناء على طلب وموافقة أفراد عائلته».

وأكد أبو ردينة «أن الرئيس محمود عباس اصدر تعليماته للجنة التحقيق في استشهاد الرئيس عرفات عقب تقرير الجزيرة بمتابعة جميع المعلومات والتقارير التي تتعلق بهذا الموضوع، والاستعانة بالخبرات العربية والدولية العلمية للوقوف على حقيقة أسباب مرضه واستشهاده».

وقال «إن القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس عباس تعهدت بمتابعة موضوع أسباب مرض واستشهاد الرئيس الراحل، من أجل الوقوف على الحقيقة التي تقطع الشك باليقين بهذا الشأن».

وأضاف المتحدث «أن السلطة وكما كانت على الدوام على استعداد كامل للتعاون وتقديم جميع التسهيلات للكشف عن الأسباب الحقيقية التي أدت إلى مرض واستشهاد الرئيس الراحل» الذي ما زال «يشغل الرأي العام الفلسطيني والعربي والعالمي، لما له من أهمية قصوى نابعة من أهمية باعث أسم فلسطين ورمزها وقائد نضال شعبها على امتداد أربعة عقود على طريق الحرية والاستقلال».

وشدد عريقات من جهته على أن المسألة «تتطلب التحقيق بشكل جدي وتوفير كل الإمكانيات المطلوبة للجنة التحقيق الدولية للوصول إلى نتائج وإعلان نتائج التحقيق بشكل علني ومعرفة من اغتال رئيس الشعب الفلسطيني عرفات».

وفي السياق ذاته، أعلن اللواء توفيق الطيراوي رئيس لجنة التحقيق الفلسطينية بوفاة عرفات ان الرئيس عباس وافق على فحص جثمان عرفات واعتبر أن تقرير «الجزيرة» يثبت تورط إسرائيل باغتيال عرفات. وقال لوكالة فرانس برس «إنني بعد بث تقرير الجزيرة قابلت اليوم الرئيس عباس وأوصيت بالموافقة على فحص جثمان الشهيد عرفات وبدوره الرئيس عباس وافق على ذلك بعد موافقة عائلته وهي زوجته سهى وابن شقيقته ناصر القدوة ممثل العائلة». وأضاف «أنه إذا وافقت عائلة الشهيد عرفات سنبلغ المختبر السويسري خلال الأيام القادمة للحضور لأخذ الفحوصات التي يحتاجونها». وشدد على «أن تقرير الجزيرة يؤكد تورط إسرائيل في قضية اغتيال الرئيس الفلسطيني الراحل»، متسائلاً «من له علاقة بالنووي في المنطقة غير إسرائيل، ومن معنيّ بقتل عرفات غير إسرائيل التي كانت تطالب بالتخلص منه في تصريحات علنية لمسؤولين إسرائيليين».

واستطرد «علينا الآن كشف أداة توصيل البولونيوم للشهيد عرفات لجسده وملابسه». مضيفاً «سوف نتصل بلجنة التحقيق في قناة الجزيرة والمختبر السويسري وسنطلب التقرير والتعاون المشترك للوصول إلى الحقيقة والإعلان عنها».

ومن جانبها، رحبت سهى عرفات زوجة الزعيم الراحل بقرار الرئيس عباس تفعيل لجنة التحقيق الفلسطينية بناء على نتائج تحقيق قناة الجزيرة». وقالت من مالطا «ان الرئيس عباس كان دائما حريصا على كشف حقيقة استشهاد أبو عمار ولم يدخر جهدا في هذا الصدد للوصول الى الحقيقة كاملة». لكنها اضافت «باعتباري أنا زوجته فانني أمثل عائلة الرئيس عرفات وسوف أوقع رسالة رسمية فورا إلى المختبر السويسري الذي أجرى الفحوص وكشف وجود البولونيوم في ملابس عرفات بالموافقة على أخذ عينات فحص من رفات الشهيد عرفات للتأكد من نتائج الفحوصات وللإسراع في الوصول إلى الحقيقة».

وأكدت «أن كل خطوة سأقوم بها سوف تكون بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية وخاصة مكتب الرئيس عباس لأن القضية تهمنا بشكل مشترك وبنفس القدر من الاهتمام والمسؤولية».

وفي الإطار ذاته، دعت حركة حماس إلى تشكيل «جبهة قضائية عربية لرفع دعوى ضد الاحتلال الإسرائيلي لكشف ملابسات اغتيال عرفات». وقال القيادي في الحركة صلاح البردويل في بيان، إن «حماس أكدت مراراً وتكرراً ضرورة التحقيق الجدي في حادثة استشهاد عرفات، والتي بدا واضحاً أنها كانت حادثة مدبرة ولم يكن موتاً عرضياً».

وأضاف «أكدنا أن المستفيد الأول من هذه الجريمة هو العدو الصهيوني الذي سعى لمعاقبة الرئيس عرفات على مواقفه التي اعتبرها متشددة تجاه عملية التسوية في آخر أيام حياته، وقلنا دائماً إن البحث عن حقيقة استشهاد الرئيس عرفات واجب وطني بل واجب قومي عربي لا بد أن تتظافر فيه كل الجهود من أجل الوصول للحقيقة لفضح الاحتلال ومنع تكرار مثل هذه الجريمة البشعة التي تتناقض مع كل المواثيق والقوانين الإنسانية والدولية».