كتب - أحمد عبدالله:

طالب نواب بضرورة عزل المسؤولين المخالفين في إنشاء مستشفى الملك حمد الجامعي وتقديمهم للمحاكمة، وأكدوا رفضهم لمحاسبة موظف واحد بوزارة الأشغال، واتخاذه ككبش فداء للوزير وبقية الموظفين المعنيين بالملف، وأكدوا أن الفساد والخلل الذي حدث بالمستشفى لا يمحيه إحالة موظف واحد للتحقيق أو للنيابة العامة، وتوعدوا باتخاذ كافة الأدوات الرقابية بما فيها الاستجواب لمحاسبة الوزراء الثلاثة المعنيين بالمشروع. وقال عضو لجنة التحقيق في تجاوزات المستشفى النائب علي زايد: “إن الخلل الذي لحق ببناء المستشفى أكبر من أن يجدي فيه إحالة موظف واحد إلى التحقيق، أو حتى إلى النيابة العامة”، وأضاف: “مهمتنا الرقابية تفرض علينا متابعة اجتثاث من قاموا بالتجاوزات الجسيمة خصوصاً أن المستشفى يحمل اسم جلالة الملك وهو اسم غال عند جميع أبناء البحرين”، وتابع: “يجب أن ينال من قاموا بنهب الملايين من أموال الشعب الجزاء الرادع حتى لا تسول لأي مسؤول حكومي نفسه نهب المال العام وممارسة الفساد”.

إجراءات النواب

وكشف زايد أن النواب عازمون على استجواب الوزراء الثلاثة المسؤولين، وهم: الأشغال والصحة والمالية، لأنها تجاوزت الحدود، حتى يأخذ نهَبة المال العام نصيبهم من العقوبة، وأوضح أن توصيات لجنة التحقيق دانت الوزارات الثلاث، وأشار إلى أن “هذا تجاوز كبير لا يمكن السكوت عليه والمبالغ المهدرة تكفي لبناء 3 مستشفيات بالمملكة كلها مثل المستشفى المذكور”.

وحول مسؤولية الوزراء الحاليين عن التجاوزات المفترضة قبل وصولهم للوزارة بعدة سنوات، قال زايد إن تقرير لجنة التحقيق، فيما نشر من تجاوزات حول المستشفى كشف جميع الحقائق والتجاوزات في إنشاء المستشفى ووضع الوزراء المعنيين أمام مسؤوليتهم، ما يوجب عليهم اتخاذ الإجراءات الكفيلة بمحاسبة المسؤولين الضالعين في إهدار المال العام وإحالتهم للنيابة العامة.

وزير الأشغال

وشدد النائب خالد عبدالعال على ضرورة محاسبة وزير الأشغال، متعهداً بأن الوزير لن يفر من الاستجواب من قبل النواب حتى يتم اكتشاف الخلل وهل المتسبب فيه هو شخص واحد فقط؟!، وقال: “يجب أن يتغير الجهاز الإداري بالوزارة برمته، ولن نقبل بأن يتخذ موظف واحد كبش فداء للوزير وبقية الموظفين بالوزارة المعنيين بالملف”، في إشارة إلى الموظف الذي تمت إحالته للتحقيق في وزارة الأشغال، حسبما أفاد رئيس لجنة التحقيق في تجاوزات المستشفى النائب حسن الدوسري، وتساءل عبدالعال: أين دور الوزير الحالي ولماذا وصل المبلغ لرقم خيالي حتى بعد وصول الوزير الحالي لمنصبه ولم يحرك ساكناً؟، واستذكر قوة دفاع البحرين شاكراً لها الجهد الذي بذلته من أجل أن يبدأ المستشفى العمل بالمستوى اللائق.

ودعا رئيس كتلة المستقلين أحمد الساعاتي النواب ألا يتركوا التجاوزات في إنشاء المستشفى تمر مرور الكرام، محذراً من أن توضع التحقيقات في الأدراج، مثل ما وقع مع بولتكنيك، وطيران الخليج، إضافة إلى تقارير ديوان الرقابة المالية المليء بالتجاوزات، واعتبر أن المسؤولية تقع على مجلس النواب بتفعيل دوره في محاسبة الجهات التي تسببت في تأخير المشروع والأضرار التي نجمت نتيجة التغييرات في الإنشاءات والشركات المنفذة بشكل عشوائي لا يتناسب مع حجم وأهمية المشروع الحيوي، وقال: “يجب على النواب تفعيل دورهم باستخدام الأدوات الدستورية ومحاسبة المقصرين، كما يدعو إليه رئيس الوزراء”.

أدوات النواب

وقال الساعاتي: “إن البداية تكون من السؤال وتنتهي بطرح الثقة بالحكومة”، مستدركاً: “ولكن لا نريد أن يتحول المجلس إلى ساحة محاكمة، لا نريد مصادمات في الإعلام”، وأوضح أن “الهدف معرفة حقيقة ما حدث ولماذا حدث؟ ثم محاسبة المسؤولين بعد ذلك”، مشدداً على ضرورة “أن يعزل المسؤولون المقصرون ويقدموا إلى المحاكمة”، وطالب الحكومة بـ«كشف جميع المعلومات التي لديها بشكل شفاف للرأي العام، وألا تتردد في محاسبة المسؤولين الذين قصروا في أداء واجباتهم حتى نعيد الثقة للجهاز الحكومي ويدرك المواطنون أن الحكومة حريصة على المال العام وعلى تقديم خدمات مميزة لهم”.

مسؤولية مكتب النواب

وانتقد الساعاتي الطريقة التي عملت بها لجنة التحقيق البرلمانية والنهاية التي وصلت اليها، وحمّل مكتب المجلس المسؤولية في عدم توصل اللجنة للنتائج المرجوة من التحقيق قائلاً: “رفض مكتب المجلس الاستعانة بخبراء مختصين لتقييم الملفات في القضايا الفنية التي قدمتها الحكومة، بحجة ارتفاع التكلفة، وحرم اللجنة من أن تتوصل إلى نتائج علمية مبنية على معلومات مؤكدة، خاصة أنه لا يوجد من بين أعضائها مختصون في القضايا الهندسية والفنية المتعلقة بالمشروع”، وأضاف: “الهيئات الرقابية لا يمكن أن تحقق في أمور وملفات ليس لديها الأدوات والخبرات ما يخول الاطلاع على حقيقتها”، مؤكداً أن ذلك يؤدي لنتائج غير دقيقة وتقارير لا توضح على من تقع المسؤولية.

وكشف الساعاتي أن وزير الأشغال أوضح له “الكثير من المعلومات التي لم تدرج في التقرير، من أهمها أن المشروع تمت توسعته وتكبيره من حيث المساحة وحجم المباني والأسرة، كما تحويله إلى مستشفى جامعي، الأمر الذي رفع التكلفة بشكل كبير”، إضافة إلى أنه لا توجد اختلاسات ولا مخالفات مالية ولكن هناك ظروف وأسباب أدت إلى ارتفاع المبالغ، وأضاف أن الوزير أكد له أن الشركات التي نفذت المشروع كانت مسجلة ومعتمدة وتحت إشراف وزارة الأشغال.

وانتقد الساعاتي “الدور السلبي الذي قامت به وزارة المالية واستمرارها في صرف المخصصات المالية للشركة المنفذة دون الاعتماد على المعايير المحاسبية عند السداد، من حيث موافقة الجهات ذات العلاقة بالمشروع كوزارة الصحة والأشغال، على صحة إنجاز الأعمال الموكلة اليها.

وشدد الساعاتي اللوم على وزارة الصحة التي لم تشرف بشكل مباشر على إنشاء المستشفى من بدايته وطوال فترة تنفيذه، مما أوقع المشروع في العديد من الأخطاء، من ناحية الإنشاءات والتجهيزات التي لا تتطابق مع المواصفات الطبية والصحية، وانتقد امتناع وزارة الأشغال عن التنسيق مع الجهات ذات العلاقة طوال فترة إنجاز المشروع، وأوضح أن فشل مشروع مستشفى الملك حمد ما هو إلا نموذج بسيط لغياب التنسيق بين الجهات الحكومية المعنية بالمشاريع المشتركة، ما يكلف خزينة الدولة مبالغ مالية كبيرة ويؤثر على مستوى الأداء الحكومي والخدمات المقدمة للمواطنين.

يذكر أن مجلس النواب رفع للحكومة في مارس الماضي توصيات لجنة التحقيق في تجاوزات مستشفى الملك حمد، بإحالة المتورطين في التجاوزات الإدارية والفنية وإهدار المال العام والإضرار بالمصلحة العامة للنيابة العامة، ومحاسبة المسؤولين في الوزارات المعنية بالمشروع، وخلصت اللجنة إلى فشل وزارة الأشغال وتقصيرها في تنفيذ المشروع الذي اكتُشف فيه 2600 خطأ وبني 3 مرات.