كشفت الكاتبة بثينة خليفة قاسم عن ماهية العلاقة بين الإصلاح السياسي وتمكين المرأة، واعتبرت أن المرأة نصف المجتمع ومصدر مهم من مصادر التنمية وهدفها، ولا يمكن للمجتمعات أن ترتقي أو تنهض دونما إفساح المجال لنصفه الآخر لأن يتبوأ مكانته المستحقة في مختلف مجالات النشاط البشري، خاصة في مؤسسات الدولة ، وأنه لن يتحقق تغيير ملموس في وضع المرأة دون أن يسير الإصلاح السياسي بجانب تمكين المرأة وتحريرها من المفاهيم الاجتماعية البالية، ولما كانت قضايا المرأة نضالية بطبيعتها، حيث ارتباط أهدافها بحدوث تغيير جذري في بنية المجتمعات، فإن العمل من أجلها يتطلب أن يكون جماعياً على مستوى الدولة ومؤسسات المجتمع المدني. جاء ذلك خلال ندوة نظمها مركز عبدالرحمن كانو الثقافي بعنوان “تمكين المرأة في المشروع الإصلاحي”.
وأضافت بثينة أن المكانة التي يمكن للمرأة أن تحققها لن تتأتى من فراغ وإنما للإصلاح السياسي بمختلف برامجه وأدواته وآلياته دوراً مهماً نحو تعزيز تلك المكانة والدفع بها قدما بخطى ثابتة، حيث تمارس الدولة سلطتها في العمل على دفع حركة المرأة إلى الأمام من خلال مجموعة من التشريعات والإجراءات الرسمية، حيث باتت أوضاع المرأة والحقوق الممنوحة لها في كافة المجالات والميادين، ضرباً من ضروب الواجهة الديمقراطية التي تسعى الدول جميعاً لإبرازها، وقد شكلت التقارير المتعلقة بأوضاع حقوق المرأة أحد المؤشرات والدلالات ذات الصلة على ديمقراطية الدولة ومدى التزامها بمعايير حقوق الإنسان والتنمية البشرية المرتبطة بنوع الجنس، وعكست الأوضاع السياسية للمرأة أهمية خاصة لكونها دالة من دلالات ارتقاء المجتمع ونضجه الدستوري والسياسي، ومؤشراً مهماً نحو التفعيل الديمقراطي.
وأكدت قاسم أن تمكين المرأة وإتاحة الفرصة كي تقوم بدورها بالكامل إلى جانب الرجل لا يمكن حصرها في إطار حق المرأة فقط، بل هي ذات صلة وثيقة بالمجتمع ككل، فالمجتمعات التي تطمح للنمو والتطور وان تحقق حياة أفضل لأفرادها، هي التي تسعى وتطالب بأن تقوم المرأة بممارسة دورها كاملا، على قدم المساواة مع الرجل، ولا ينبع ذلك من منطلق الحرص على كفالة ميزان العدل لأبناء المجتمع فحسب، ولكن ينطبق أيضا من أهمية وقيمة المرأة في كافة نواحي الحياة، بما تمتلكه من قدرات وملكات وبما تستطيع تقديمه من جهود ومساهمات بناءة، يمكنها أن تشكل رافداً حيوياً من روافد التنمية البشرية.
وأوضحت بثينة أن المرأة شأنها شأن الرجل من حيث تفاوت الكفاءة والقدرات، فثمة نساء يتمتعن بقدر وافر من الكفاءة والتميز، وبعضهن أقل كفاءة وتميز، مما وجب عدم المبالغة في تصور أن تمكين المرأة هو أشبه بالعصا السحرية لحل كافة المعضلات والمشكلات التي تواجه المجتمعات، مما يتطلب تطبيق شعار وضع المواطن المناسب في المكان المناسب -للرجال والنساء على حد سواء- فالدفع بالمرأة غير الكفؤة إلى تبوأ المناصب والمواقع المهمة، قد يؤدي إلى شل وإعاقة عملية الإصلاح، وقد يكون ذلك حجة تضاف إلى حجج من يقاومون الدعوة لتمكين المرأة ، ومن هنا كان حرياً بالحكومات الحرص على انتقاء وتمكين من يستحق من النساء المكانة، فالعبرة ليست بالكم وإنما بالكيف.