كتب - مازن النسور:
أحضر الآلة الحاسبة، ومجموعة من الأوراق البيضاء، وأقلام من عدة ألوان، وكشوف رواتب، وانكبَّ عليها ضارباً أخماساً بأسداس.. نتائج وأرقام ونسب مئوية، بدا كأنه يغوص في حلِّ معادلة رياضية صعبة.. سألته زوجته ماذا تفعل؟ فأجاب أعيد احتساب دخلنا ومدخراتنا لشراء منزل العمر.
وتابع.. سنستغل انخفاض الأسعار، وهبوط كلفة البناء، وقيمة المواد الإنشائية على مختلف أنواعها، لن ننتظر قوائم وزارة الإسكان، سنستقل ونشدّ العزيمة ونتقدم للقرض، ونبني بيتنا.
ويؤكد حمود العيد، وهو يعمل في القطاع الخاص، وزوجته معلمة في وزارة التربية والتعليم، بأنه قرر شراء منزل، أو قطعة أرض وبناء بيت متواضع عليها، لكن ذلك كله مشروط بصدق السماسرة والعقاريين، وبائعي مواد البناء، تجاه تراجع الأسعار.
ويقدِّر عقاريون تراجع أسعار المساكن والأراضي، منذ مطلع العام الجاري بنسبة تتراوح بين 20% و25%، في حين يؤكد آخرون أنَّ القيمة هبطت بالفعل، لكن لا تداولات، حيث ينتظر الناس مزيداً من الهبوط، وينتظر التجار عودة السوق إلى نشاطها وبالتالي تحسن الأسعار. أما مواد البناء، خصوصاً الأسمنت والحديد، فقد تراجعت أسعارها (بالمجمل) هي الأخرى بنسبة لا تقل عن 25%، قياساً بالسنوات الثلاث الماضية.
ويرجع هؤلاء انخفاض الأسعار إلى تراجع الطلب بشكل كبير، بسبب غياب السيولة، وتزعزع الثقة بالأسواق، من جرّاء تداعيات الأزمات، سواء المالية أو تلك التي مرت على المملكة العام الماضي.
ويقول العيد «الأزمة المالية التي عصفت بالعالم وكبَّدته خسائر بالمليارات وكذلك الأحداث المؤسفة، -على ما يبدو- فتحت المجال لمتوسطي الدخل للحصول على سكن، (...) الأسعار تراجعت، والمضاربين سيقنعون بذلك لا محالة».
وكانت أسعار العقارات صعدت إلى مستويات كبيرة في السنوات الست الماضية بلغت 300%، ما يعني - من وجهة نظر العاملين في السوق- بأنَّ ما أصابها من جرّاء الأزمة ما هو إلا تصحيحاً.
وتشكو الطبقة متوسطة ومحدودة الدخل في البحرين، من عدم تمكنها من الحصول على بيت أو مسكن، الأمر الذي جعل الأمر أولوية رئيسية لدى الناس والحكومة والسلطة التشريعية على حدٍّ سواء.
ويوجد على قائمة الانتظار في وزارة الإسكان نحو 50 ألف طلب (بين طالب لبيت وشقة أو قرض)، يعود بعضها إلى العام 1995، في حين يضاف إليها سنوياً قرابة الـ 6 آلاف طلب جديد. وكانت الوزارة قد أعلنت عن مجموعة من المشروعات الضخمة، كالمدينة الشمالية وشرق الحد وغيرها، التي من المؤمل لها أن تحل ولو جزءاً من المشكلة.
وخصصت الموازنة العامة للأعوام 2011/2012 نحو 360 مليون دينار للاستمرار في بناء الوحدات السكنية في المشروعات المنتشرة على رقعة الوطن، إضافة إلى تخصيص 136 مليون دينار لمواصلة دعم المستحقين لعلاوة السكن، وتخفيض الأقساط الإسكانية ودعم الخدمات والمشاريع الإسكانية. يضاف إلى ذلك فتح المزيد من الاعتمادات المالية بملايين الدنانير لتغطية العجز في تنفيذ المشروعات.
وهو رقم أكبر بكثير من ذلك الذي اعتمد في موازنة 2009/2010 حيث بلغ 170 مليون دينار، فضلاً عن 20 مليوناً تنفيذاً للمبادرة الإسكانية الملكية، إضافة إلى 24.6 مليون دينار لكل سنة لصرف بدل الإسكان.
ويشير محمد جاسم الموظف الحكومي، أنَّ «الأمل عاد يلوح بالأفق للحصول على مسكن، والتخلص من بيوت الإيجار، (...) يقولون بأنَّ الأسعار تراجعت، وأنَّ المعروض أكثر من الطلب، بما يعني خيارات أكثر»، لكن جاسم لم يغفل ما تتناقله السوق حول توقف البنوك عن إعطاء القروض، إلا وسط تحفّظات كبيرة، إلا أنَّ عبدالجبار محمود، وهو موظف في إحدى الوزرات، وزوجته لا تعمل، كان متشائماً، فهو بحسب قوله لن يكون قادراً على شراء أو بناء بيت، حتى وإنْ عادت الأسعار إلى ما قبل فترة الانتعاش، (...) لا أستطيع أخذ قرض كون راتبي لا يتجاوز الـ500 دينار، وبالتالي هو لا يغطي تكاليف المعيشة، وقسطاً بنكياً كبيراً».
يبقى امتلاك منزل العمر، حلماً يراود كل بحريني.. فهل تقدم الأيام المقبلة بريق أمل؟