بقلم - محمد أحمد المعلا:
الأزمات الاقتصادية ليست وليدة العصر، فقد ظهرت بعض الأزمات الاقتصادية على مر التاريخ ومنها ما كان في عهد النبوة، وكما هو معلوم أن الوسائل المالية لها دور بارز في إدارة الأزمات الاقتصادية، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحث أثرياء الصحابة على الإنفاق في سبيل الله، ولعلنا نعرض صوراً لحثه صلى الله عليه وسلم على ذلك وهي:
الصورة الأولى: حثه صلى الله عليه وسلم على شراء بئر رومة: روى سيدنا عمر ابن الخطاب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من يشتري لنا بئر رومة فيجعلها صدقة للمسلمين؛ سقاه الله يوم القيامة من العطش؟، فاشتراه سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه فجعلها صدقة للمسلمين).
فهذا يدل على أن لولي الأمر أن يحث أثرياء البلد ليتصدقوا من أموالهم ويسخروها في وجوه الخير، ولعل من أهم الأمور التي ينبغي الحث عليها في هذا الزمن هو مساعدة المحتاجين لتعليم أبنائهم في المراحل الجامعية، وتشجيع الشباب على الزواج من خلال تنظيم الزواجات الجماعية، وكذلك مساعدة أصحاب الأمراض المزمنة وغيرها.
الصورة الثانية: حثه صلى الله عليه وسلم على الإنفاق على أهل الفاقة، وهو مثال أبلغ وأوجه في إدارة الأزمة الاقتصادية، فقد روى سيدنا جرير رضي الله عنه قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدر النهار، قال: فجاء قوم حفاة عراة، مجتابي النّمار أو العباء، متقلدي السيوف، عامّتهم من مضر بل كلهم من مضر، فتمعّر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى بهم من الفاقة، فدخل ثم خرج، فأمر بلالاً، فأذن وأقام، فصلى ثم خطب فقال: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ” الآية، ... إلى أن قال: تصدق رجل من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع بره، من صاع تمره، حتى قال: ولو بشق تمرة). قال: فجاء رجل من الأنصار بصُرّة كادت كفه تعجز عنها، قال: ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب، حتى رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتهلل كأنه مذهبة.
والمفهوم من هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى جماعة من صحابته يعانون من بعض الأزمات الاقتصادية حث صحابته على الإنفاق عليهم، فلما استجابوا استبشر خيراً وبدا فرحاً مسروراً.