عواصم - (وكالات): دعا مؤتمر “أصدقاء الشعب السوري” أمس في باريس مجلس الأمن الدولي إلى أن يصدر بشكل “عاجل” قراراً ملزماً “تحت الفصل السابع”، ولكن لا يجيز في مرحلة أُولى استخدام القوة، مشدداً على ضرورة “رحيل” رئيس النظام السوري بشار الأسد و«تكثيف المساعدة للمعارضة” السورية.

من جهتها نفت روسيا، التي قاطعت مع الصين هذا المؤتمر، “نفياً قاطعاً” أن تكون تدعم نظام الأسد، وذلك بعد الانتقادات التي وجهت إلى موسكو بهذا الصدد خلال المؤتمر.

وجاء في البيان الختامي للمؤتمر الذي صادقت عليه قرابة 100 دولة غربية وعربية أن المشاركين يطالبون مجلس الأمن الدولي بأن “يفرض إجراءات (...) تضمن احترام هذا القرار”، أي فرض عقوبات من الأمم المتحدة ضد نظام دمشق.

كما اتفق المشاركون على “ضرورة رحيل الأسد” مؤكدين في هذا الصدد ضرورة استبعاد الأشخاص الذين يمكن أن يزعزع وجودهم مصداقية العملية الانتقالية.

وأوضح البيان من جهة ثانية أن المشاركين قرروا “تكثيف” المساعدة للمعارضة “وفي هذا الشأن، سيقوم بعض المشاركين بتأمين وسائل اتصال للسماح للمعارضة بإجراء اتصالات في ما بينها وبالخارج بشكل أكثر أماناً وبما يتيح ضمان حمايتها في إطار تحركها السلمي”.

كما دعا البيان “المعارضة إلى الاستمرار في التركيز على أهدافها المشتركة” بعدما ظهرت هذا الأسبوع إلى العلن انقساماتها حول المرحلة الانتقالية وحول تدخل عسكري أجنبي محتمل في سوريا.

كذلك تعهد المشاركون في المؤتمر بـ«دعم جهود الشعب السوري والأُسرة الدولية لجمع الأدلة التي ستسمح في الوقت المناسب بالمطالبة بمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات الخطيرة والمنهجية لحقوق الإنسان على نطاق واسع وخصوصاً الانتهاكات التي ترقى إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية”.

إلى ذلك، نقلت وكالة أنباء ايتار-تاس عن نائب وزير الخارجية الروسية سيرغي ريابكوف رفضه “قطعياً مقولة إن روسيا تدعم نظام الأسد في الوضع القائم في سوريا”، مؤكداً أن “المسألة ليست دعم هذا الزعيم السياسي أو ذاك، بل الحرص على أن تتم معالجة الأزمة على أرضية سياسية طبيعية”.

وأتت تصريحات ريابكوف رداً على وزيرة خارجية الولايات المتحدة هيلاري كلينتون التي اتهمت، خلال المؤتمر كلاً من روسيا والصين اللتين قاطعتا المؤتمر بـ«عرقلة” إحراز تقدم حول سوريا. وكشف البيان الختامي كذلك أن المغرب سيستضيف الاجتماع المقبل لمؤتمر أصدقاء الشعب السوري، كما إن إيطاليا أبدت استعدادها لاستضافة الاجتماع الذي سيليه.

وكان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أعرب في افتتاح المؤتمر عن أمله في أن “يشجع” المؤتمر مجلس الأمن على التحرك لممارسة ضغوط على دمشق. وأضاف أن حصيلة ضحايا أعمال العنف في سوريا “رهيبة ولا يمكن للضمير الإنساني أن يتحملها”، داعياً الأمم المتحدة إلى “اتخاذ إجراءات بأسرع ما يمكن لدعم خطة الخروج من الأزمة” والتي عرضها مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا.

وتابع هولاند “أريد التوجه إلى الذين ليسوا هنا. في المرحلة التي بلغناها من الأزمة السورية، لم يعد من الممكن أن ننكر أنها باتت تشكل تهديداً للسلام والأمن في العالم”، مضيفاً “كما أريد أن أقول إلى الذين يدعمون فكرة أن نظام الأسد، رغم أنه مقيت لكنه يمكن أن يساهم في تفادي حلول الفوضى، بأنه سيكون لديهم أسوأ نظام وفوضى وأن هذه الفوضى ستؤثر على مصالحهم”.

أما كلينتون فقالت أمام المؤتمر “لابد من اللجوء مجدداً إلى مجلس الأمن للمطالبة بتطبيق خطة جنيف التي وافقت عليها روسيا والصين”، وأضافت “كما لابد من المطالبة بقرار يحدد ما ستكون عليه عواقب عدم احترام هذه الخطة بما في ذلك ما ينص عليه الفصل السابع” الذي يشمل اللجوء إلى العقوبات ويجيز استخدام القوة ضد الجهات التي لا تحترم القرار.

وفي تطور لافت أكد مصدر قريب من السلطات السورية أمس انشقاق العميد مناف طلاس، القريب من عائلة الأسد، عن الجيش السوري منذ ثلاثة أيام وخروجه مع أفراد عائلته من سوريا. ولاحقاً أكدت باريس أن طلاس في طريقه إليها.

ومن جهتها، رحبت الولايات المتحدة أمس بانشقاق مناف طلاس كما أعلن متحدث باسم البنتاغون. كما وصف رئيس المجلس الوطني السوري انشقاق طلاس بأنه “ضربة هائلة” لنظام الأسد، مؤكداً أن المعارضة ستسعى للعمل معه.

وكان سيدا دعا في كلمة أمام المؤتمر إلى اتخاذ قرار بإقامة منقطة حظر جوي وممرات إنسانية في سوريا، مشيراً إلى أن هذه الإجراءات يجب أن ترد ضمن قرار يصدر عن مجلس الأمن “بموجب الفصل السابع”.

وفي موازاة ذلك، أعلن سيدا أن نظام بشار الأسد بدأ يضعف. وقال إن “النظام بدأ ينهار ويفقد السيطرة على الأرض”. كما توجه إلى روسيا موضحاً “لدينا حقوق مشروعة وهذا من مصلحة الشعبين: الشعب الروسي والشعب السوري”.

وفي تطور متصل، أفادت تقارير الجمعة أن موسكو ستستقبل اثنين من أبرز وجوه المعارضة السورية الأسبوع المقبل هما سيدا والمفكر السوري ميشال كيلو، في الوقت الذي تسعى فيه روسيا إلى تعزيز الحوار كسبيل للخروج من الأزمة السورية.

ميدانياً، قتل 53 شخصاً في أعمال عنف أمس، عدد كبير منهم في ضواحي العاصمة، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. وكانت تظاهرات سورية حاشدة خرجت في مناطق سورية عدة تجاوباً مع دعوة المعارضة إلى التظاهر تحت شعار “حرب التحرير الشعبية”، وقال ناشطون إن قوات الأمن واجهت عدداً منها بإطلاق النار.

كما قال متحدث باسم مقاتلي المعارضة إن الجيش السوري سيطر على بلدة خان شيخون وهي معقل للمعارضة بمحافظة إدلب بعد هجوم على البلدة دعمته طائرات الهليكوبتر أمس.

وبدوره، أوصى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أمس بتعزيز الدور السياسي لبعثة المراقبين الدوليين المنتشرين في سوريا، في موازاة “تقليص المكون العسكري”.