طرابلس - (وكالات): عمد مسلحون من أنصار الفيدرالية في ليبيا إلى إقفال مرافئ نفطية، فأججوا المخاوف المتفشية حول هشاشة الوضع الأمني، عشية أول انتخابات في البلاد منذ عقود، فيما أوضح المجلس الوطني الانتقالي أن أعضاء اللجنة المكلفة صياغة الدستور الجديد سينتخبون على حدة، ولن يتم تعيينهم من جانب المجلس التأسيسي الذي سيُنتخب أعضاؤه اليوم في محاولة لتهدئة غضب الشرق. فقد توجه مسلحون الليلة قبل الماضية إلى مرافئ السدرة وراس لانوف والهروج والبريقة على طول الساحل الشرقي، لتطلب منها بطريقة ودية، كما قال المسؤولون المعنيون، وقف عملياتها. وفي تصريح لوكالة فرانس برس، ذكر مسؤول عن العمليات في راس لانوف الذي يبعد 370 كلم جنوب غرب بنغازي، أن “المرفأ مغلق. عمليات ضخ النفط وتحميله متوقفة”. ويقول متخصصون في القطاع النفطي إن أكثر من 200 ألف برميل من النفط الخام ترسل يومياً من هذا المرفأ. وأعلن المسؤول الكبير في مرفأ الهروج، ميلاد محمد علي أمس أن “الوضع هو نفسه منذ الليلة قبل الماضية”، مؤكداً أن أنصار الفيدرالية طلبوا منهم وقف العمل 48 ساعة. وأضاف “على الحكومة فعل شيء ما في هذا الموضوع. هذه هي طريقتهم للفت الانتباه إلى مطالبهم”. ودعا أنصار الفيدرالية الذين ينتقدون توزيع المقاعد في المؤتمر الوطني العام الذي سينتخب اليوم (100 مقعد للغرب و60 مقعداً للشرق و40 مقعداً للجنوب) إلى مقاطعة الانتخابات وهددوا بنسفها. وحرصاً منه على تهدئة غضبهم، عمد المجلس الوطني الانتقالي إلى نزع واحدة من أبرز صلاحيات المؤتمر الوطني المقبل، وهي تعيين أعضاء اللجنة المسؤولة عن صياغة الدستور الجديد. وأكد المجلس الوطني الانتقالي أن انتخاباً جديداً سيُجرى لتشكيل اللجنة، وأن كلاً من المناطق الثلاث سترسل إليها عشرين عضواً، معلناً عن تعديل في هذا الصدد للقانون الانتخابي. وستقتصر مهمة “المؤتمر الوطني العام” الذي سيُنتخب أعضاؤه اليوم، على اختيار حكومة جديدة وإدارة مرحلة انتقالية جديدة وخصوصاً إعداد القانون الذي سيُجرى بموجبه انتخاب اللجنة التأسيسية. وستتألف الهيئة التأسيسية من ستين عضواً “على غرار لجنة الستين التي شكلت لإعداد دستور استقلال ليبيا عام 1951”. إضافة إلى أنصار الفيدرالية، يعارض بعض المجموعات الإسلامية في الشرق الانتخاب أيضاً، معتبرة أن القرآن يجب أن يكون دستور البلاد. وكرر المجلس الوطني الانتقالي القول يوم الخميس الماضي إن الشريعة ستكون المصدر “الرئيس” للتشريع في ليبيا، لكنها لن تكون المصدر الوحيد. وعلى غرار ما حصل في تونس ثم في مصر المجاورتين، قد تحمل أول انتخابات بعد تنحي الرئيس السابق الإسلاميين إلى السلطة، حتى لو أن الليبيراليين الذين يتزعمهم مهندسو الثورة الليبية يعربون عن ثقتهم بالفوز. وعدا عن أشكال المعارضة هذه، تشكل المواجهات الدامية التي دائماً ما تندلع بين مجموعات وميليشيات مسلحة غالباً ما تتألف من قدامى المقاتلين المتمردين، وخصوصاً في جنوب وغرب البلاد، مصدر قلق أيضاً. وسجل حوالي 2.7 مليون ليبي من أصل عدد السكان البالغ ستة ملايين نسمة، أي ما يناهز 80% من الهيئة الناخبة، على اللوائح الانتخابية لاختيار ممثليهم من بين 3707 مرشحين. ومن المتوقع صدور النتائج الأولية ابتداء من التاسع من يوليو الجاري. ودعا المتحدث باسم الحكومة الانتقالية ناصر المانع “كل الليبيين، رجالاً ونساء إلى المشاركة في هذه الانتخابات وحمايتها والافتخار بها لأنها تشكل مرحلة نحو الاستقرار والتنمية”. وذكرت السلطات أنها وضعت خطة أمنية يشارك فيه 40 ألف عنصر من الأجهزة الأمنية، يؤازرهم 13 ألف رجل من الجيش الليبي الجديد الذي يُجرى تشكيله. من جهتها، أعلنت المحامية الأسترالية ميليندا تايلور، التي أفرج عنها في الثاني من يوليو بعد احتجازها قرابة شهر في الزنتان في غرب ليبيا، أمس أن حق موكلها سيف الإسلام القذافي بمحاكمة عادلة “لم يعد مضموناً”. وقالت تايلور في مؤتمر صحافي في لاهاي “بغض النظر عن كل الأسئلة المتعلقة بسلوكي الشخصي الخاص، فإن حقوق موكلي سيف الإسلام تأثرت بشكل دائم خلال زيارتي إلى الزنتان”.