يبدو أن سماء لندن أصبحت ساحة منافسة لناطحات سحاب تظهر بين الحين والآخر، فبعد أن شهدت في العقدين الماضيين بروز أبراج مثل مجمع كناري وورف والغركين، افتتحت الأربعاء الماضي رسمياً أعلى ناطحة سحاب في أوروبا الغربية كلها وأحد المباني الأكثر إثارة للجدل في بريطانيا، برج شارد. ويتميز برج شارد بموقعه الاستراتيجي المُطل على الضفة الجنوبية لنهر التايمز، كما يعد الأطول في أوروبا الغربية ليبلغ ارتفاعه 310 متراً (1.017 قدم) وهو بذلك يتيح أعلى مشهد بانورامي للعاصمة البريطانية.

ويتسم تصميم البرج بطراز هندسي فريد لما يضمه من المرافق المتنوعة التي تقع جميعها تحت سقف واحد، ويشمل مطاعم وشققاً سكنية سيتم بدء الإعلان عن تأجيرها أو بيعها في الأشهر المقبلة، كما سيوفر مساحات مخصصة للمكاتب، وفندق شانغريلا فئة الخمسة نجوم ويصل عدد الغرف فيه إلى نحو 200 غرفة، إضافة إلى الأجنحة الفندقية. ورغم أن الحجوزات لزيارة المبنى وخاصة الشرفة العليا التي يمكن من خلالها رؤية معالم لندن الكبرى بدأت الأسبوع الماضي بالفعل، إلا أن دخول المبنى فعلاً لن يتم قبل نهاية الربع الأول من العام المقبل. وتزامن منح الضوء الأخضر لبناء المشروع مع بداية الأزمة المالية التي أثارتها أزمة الرهن العقاري بالولايات المتحدة 2008 ما أدى لسحب عدد من البنوك تمويلها للمشروع الذي تقدر كلفته بأكثر من 650 مليون دولار، وعلى إثرها لجأت مجموعة “سيلر بروبرتي” المشرفة على المشروع للبحث عن مصادر تمويل أخرى، ووجدت في قطر الشريك الأمثل لها. إذ أعلنت هيئات قطرية سيادية استعدادها لتمويل تكاليف المشروع بنسبة 95% ما جعل هذا الاستثمار من أكبر الصفقات التي تعقدها قطر في بريطانيا. وأثارت صفقة برج “شارد” جدلاً حول الجدوى الاقتصادية له في وقت تمر فيه بريطانيا وأوروبا بمرحلة كساد اقتصادي، إلا أن المخططين القطريين يأملون تعافي الاقتصاد وعودة الطلب على العقارات والخدمات الفندقية لمستوياتها السابقة.