إبان الأزمة، أعلن الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين إضرابه العام الأول اعتباراً من 20 فبراير 2011، إذ قال في بيانه “في إطار انعقادها الدائم في ضوء الأحداث التي ألمت بالبلاد مؤخراً اجتمعت الأمانة العامة للاتحاد العام لنقابات عمال البحرين السبت 19 فبراير 2011.

وعلق الاتحاد إضرابه الأول اعتباراً من 21 فبراير، وجاء في بيانه: “في إطار انعقادها الدائم لمتابعة الأحداث في البلاد عقدت الأمانة العامة اجتماعها الأحد 20 فبراير 2011، وفي ضوء الأوضاع المستجدة ونظراً لانسحاب الجيش واحترام حق التظاهر السلمي فقد قرر الاتحاد العام تعليق الإضراب العام واستئناف العمال اعتباراً من يوم الإثنين 21 فبراير 2011، ويبقى الاتحاد العام مراقباً عن كثب وسوف يوافي قواعده العمالية بأية مستجدات...”.

وكان الاتحاد قد أعلن عن إضرابه الثاني في بيانٍ مفاده: “يعلن الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين الإضراب العام اعتباراً من 13 مارس 2011 وذلك بسبب التداعيات الأمنية والاجتماعية على السلم الأهلي على إثر قيام رجال الأمن بتفريق المعتصمين قرب المرفأ المالي ودوار اللؤلؤة باستخدام القوة المفرطة وما حدث في أماكن أخرى متفرقة في البلاد من قيام بعض الأفراد مجهولي الهوية مدفوعين من قبل بعض الجهات مما أدى إلى سقوط عدد من المصابين. إن الاتحاد العام يرى في ذلك تجاوزاً وانتهاكاً لحقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها البحرين”.

وجاء في البيان “ويؤكد الاتحاد أن الحكومة مسؤولة عن إيصال البلاد إلى هذا المأزق ومسؤولة أيضاً عن التوصل في أسرع وقت مع القوى السياسية إلى حلول جذرية تنقذ البلاد من هذا المنعطف وتصل بها إلى بر الأمان. ويطالب الاتحاد العام كافة القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني إلى التكاتف وتوحيد الصفوف من أجل التوصل إلى حل نهائي يجنب البلاد والعباد مزيداً من الاحتقان والوقوع في منزلق سقوط الضحايا ومزيداً من إراقة الدماء”.

عدم قانونية الإضراب

وأكدت وزارة العمل عدم قانونية الإضراب العام الذي دعا إليه الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين، مشيرة إلى أن مثل هذه الدعوات ستؤدي حتماً إلى الكثير من الآثار السلبية، ليس فقط على العمال ولكن على الاقتصاد الوطني أيضاً، مشيرة إلى أنها لا تشك ولو لحظة واحدة في الدور الوطني الذي يؤديه الاتحاد العام والعمال الذين يمثلهم، داعية الاتحاد إلى التروي والنظر إلى المصلحة العليا للوطن التي أضحت الهدف الأسمى الذي يتوجب على الجميع الالتفاف حوله بالذات في مثل هذه الأحوال الاستثنائية. وقالت الوزارة إنها تود أن توضح بعض الحقائق من باب حرصها على المصلحة العامة، حيث أفادت في بيانها “انطلاقاً من مسؤولياتها القانونية وحرصها على المصلحة الوطنية”، تؤكد أنه “لا يوجد في القانون ما يسمى “بالإضراب العام”، ولكن الإضراب المشروع هو الإضراب المهني الذي يمارسه العمال لحمل صاحب العمل على إجابة مطالبهم المهنية مثل المطالبة بزيادة الأجور أو تحسين ظروف العمل، وغيرها من المطالب العمالية الأخرى التي لا يتسع المجال لذكرها”. وأضافت الوزارة في بيانها أن المادة (21) من قانون النقابات العمالية 33 لسنة 2002 وتعديلاته، نظمت ضوابط ممارسة العمال لحق الإضراب، حيث يتطلب لقيام العمال في أية منشأة بالإضراب عن العمل لإجابة بعض المطالب المهنية توافر موافقة الجمعية العمومية غير العادية للنقابة على إعلان الإضراب، وإخطار صاحب العمل بعزم العمال على التوقف عن العمل قبلها بخمسة عشر يوماً لإتاحة الفرصة له، إما لإجابة مطالب العمال أو اتخاذ ما يلزم لمواجهة توقف العمال عن العمل.

الإضراب سياسي لا مهني

وقالت الوزارة “إضافةً إلى الشروط الأخرى التي أشارت إليها المادة (21) المذكورة وعلى الأخص حظر الإضرابات العمالية في المنشآت الحيوية التي تضر بمصالح المواطنين والخدمات المقدمة إليهم، وأضافت أنها “إذ تقدر للاتحاد مواقفه الوطنية التي ظهرت في أكثر من موقف، إلا أنها من واقع حرصها على المصلحة الوطنية توضح أن الإضراب العام الذي دعا إليه الاتحاد العام لا يعد إضراباً مهنياً وفقاً للمادة (21)، ومن شأنه أن يؤدي لإثارة البلبلة بين العمال مع التأكيد على أهمية التنسيق والتعاون مع وزارة العمل باعتبارها الجهة المعنية تجنباً لأية آثار سلبية تتمثل في تعطيل الإنتاج في هذه المنشآت وما يصاحب ذلك من آثار اقتصادية واجتماعية ضارة، وهو ما ينعكس على صورة البحرين التي يحرص الجميع على إظهارها في أحسن وضع”. وقالت الوزارة إنه يحدوها الأمل في أن يستطيع العمال والإدارات في الشركات التعاون لضمان توفير بيئة العمل الصالحة والمنتجة التي تضمن سير العمل والحفاظ على مصالح العمال والمنشآت دون تعكير أو تعطيل لمصلحة الجميع والوطن”.

خرق لقانون النقابات

وتباينت آراء النقابات بين مؤيد ومعارض للإضراب، إذ أيدت معظم النقابات المنضوية تحت مظلة الاتحاد العام الإضراب وأقرته دون الرجوع للجمعية العمومية، وهو ما يعتبر خرقاً لقانون النقابات، مما تسبب بانسحاب العديد من العاملين من نقاباتهم ومقاضاتها.

ورفضت نقابة عمال شركة الخليج لصناعة البتروكيماويات الدعوة للإضراب العام، معتبرة أن أسباب إعلان الإضراب تجافي الحقيقة والواقع. كما إنه لا يوجد في القوانين البحرينية ما يسمى بالإضراب العام، وأن قانون النقابات العمالية (33) لسنة 2001 قد نص في مادته (21) على ضوابط ممارسة العمال لحق الإضراب من وجوب موافقة الجمعية العمومية غير الاعتيادية للنقابة على إعلان الإضراب وإخطار صاحب العمل على التوقف عن العمل قبلها بـ15 يوماً، كما إن الإضراب يمارسه العمال لحمل صاحب العمل للاستجابة للمطالب العمالية المشروعة، بعيداً عن الغايات السياسية”. وأنهى الاتحاد إضرابه بعد 10 أيام من إعلانه، وجاء في بيانه: “بناءً على التطمينات والتأكيدات التي تلقاها الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين من جهات رسمية عليا بوقف مظاهر التعديات على العمال التي تؤدي إلى إعاقة وصول العمال من وإلى مواقع عملهم وتعرضهم للضرب والإهانات وتوفير سلامة العمال والمواطنين والمقيمين، وحرصاً من الاتحاد على مصالح العمال وحقوقهم واستمرار عجلة الاقتصاد الوطني، يعلن تعليق الإضراب العام والعودة إلى العمل في جميع القطاعات اعتباراً من الأربعاء 23 مارس 2011.

وحث الاتحاد جميع العمال للتنسيق مع نقاباتهم وإدارات مؤسساتهم لتوثيق أية تعديات عليهم في طريق عملهم أو عودتهم وتقديمها للاتحاد لتأكيد سلامتهم في ذهابهم وإيابهم ومناطق سكنهم. كما أهاب الاتحاد بجميع العمال المحافظة على النسيج الاجتماعي واللحمة الوطنية ورص الصفوف. ودعا جميع الإدارات في الوزارات والمؤسسات لتفهم الظرف الاستثنائي في البلاد والمحافظة على حقوق العمال، وإلى تهيئة الأجواء لحوار جاد يخرج البلاد من أزمتها ويقودها لبر الأمان.