كتب – عادل محسن:
شُيع صباح أمس الشاب محمد إلى مقبرة الحنينية بعد أن وافته المنية مساء أمس الأول نتيجة مضاعفات المرض النادر الذي يعانيه مع أشقائه الثلاثة في مشهد حزين آزر فيه العشرات عائلته التي وقفت حائرة تجاه مرضه ومحاولة علاجه في الخارج إلا أن القدر قال كلمته وانطوت حياته بعد 21 ربيعاً عاشها في معاناة مع مرضه الذي بدأ معه وهو في سن الثالثة من عمره.
رحل محمد وحيداً في غرفة العناية القصوى مخلفاً وراءه 3 أشقاء يسيرون على درب مأساته وأصيبوا بصدمة نفسية بوفاة شقيقهم، وانتظار أن يخطفهم الموت في أي لحظة وبمعاناة مريرة مع المرض.
قبل ساعات من وفاة محمد تلقت “الوطن” اتصالاً من أحد البنوك التجارية طلب فيه التقارير الطبية لمحمد بعد أن نشرت الصحيفة نبأ تدهور حالته وتزويده بصفائح الدم كل 6 ساعات، ولكن الموت خطفه قبل أن يدرس البنك حالته، ورغم الأمل الذي يؤمن به محمد والتوكل على الله إلا أنه رأى أن الموت سيختطفه لا محالة بعد تضاعف الآلام واستمرار تدهور صحته، فبعث، قبل دخوله إلى غرفة العناية القصوى، برسالة إلى والدته يقول فيها: “سأدخل غرفة العناية القصوى وقد لا أخرج منها”، وصدق ظنه، فبعد نقل الدم إليه أصيب بتلوث أدى إلى تضاعف حالته ووفاته بفعل جرثومة أضيفت إلى قائمة طويلة من أمراضه وهي تضخم في الطحال والكبد وزيادة في تدفق الدم، وفقر الدم المنجلي وإصابته بحرارة مرتفعة جداً مع آلام قوية بالمفاصل، ولم يقف الأمر عند ذلك إذ اكتشف المستشفى العسكري إصابته بسرطان الغدة اللمفاوية، وحاول الحصول على العلاج في الأردن إلا أن الظروف المادية حالت دون ذلك.
«محمد” ومنذ سن 3 شهور عانى من المرض ولازمه حتى في المدرسة وجعله يختبئ دائماً هرباً من الشمس التي كانت عدوه اللدود.
وفي آخر لقاء له مع “الوطن”، قال إنه حين يتعرض للشمس ينتفخ جسمه وتزيد الحرارة في دمه وكأنه يغلي ويبحث عن أي شي يجعل جسمه بارداً، ولم يكن الماء لينفع، بل يزيده حرارة، وأحياناً لا يحتمل ويصرخ من الألم ويترقب اللحظة التي يرجع فيها إلى المنزل، وكانت أصعب لحظات عمره انتظار الباص عند العودة إلى المنزل، كان يكره المدرسة كثيراً وينتظر عطلة الأسبوع بفارغ الصبر كي يستريح من الألم، وأحياناً لا يتمكن من النوم فيضع على جسمه منشفة مليئة بالماء البارد ويحاول تبريد جسمه طوال الليل بعدها لا يشعر بنفسه وينام.
وقال حينها، أيضاً: “لا آكل كالآخرين وأعاني من حساسية القمح ويمنع عني أكل أي وجبة تحتوي على القمح أو الجيلاتين وعندما أتركه أصاب بالإمساك وعندما آكله أصاب بالإسهال الشديد، وفي العام 2007 لم أستطع تحمل الآلام في المدرسة وبدأت أصرخ منها وتم نقلي إلى المستشفى وعلموا أن لدي نقصاً في البوتاسيوم والصوديوم والكالسيوم وفقر الدم المنجلي وتم تزويدي بـ10 أكياس دم و24 كيس بلازما، ودرجة الصفار فيّ عالية تحول عيني إلى اللون الأصفر”.
معاناة ما بعدها معاناة والمحزن أكثر أن أبناء العائلة كلهم مصابون بالمرض نفسه ومصير الطفلين كمصير أخويهما محمد وخلف.
وناشدت أمهم أهل الخير والجهات المعنية أن يوقفوا معاناة أبنائها الذين يعانون من مرض لم تعرفه العائلة قط ولا تستطيع حتى لفظه فكيف بتحمله؟.