الحدود الأردنية السورية - محمد لوري:
«ضُربت برصاصة من مضاد للطائرات “دوشكا” لتقطع يدي وتفصلها عن بقية جسدي” لكني أبداً لم أفقد كرامتي، هكذا يبتدر أبو كرم قصته المحزنة مع نظام الأسد الذي تركت قواته في مدينة حمأة ذاكرة على جسده لتظل شهادة للتاريخ تفضح الممارسات اللاإنسانية ضد المدنيين العزل.
ويحكي أبو كرم من مدينة حماة، لـ«الوطن”، قصته مع النظام ويتحدث عن معاناته مع الإصابة وكيفية دخول قوات الأسد إلى مدينة حماة على أنهم منشقون ومنضمون للجيش الحر ولكنهم بدؤوا بقتل أبنائها العزل.
وقال “صباح 31 يوليو العام الماضي دخل الجيش مدينة حماة بحجة الانشقاق وأنهم تابعون للجيش الحر حتى وصلوا لدوار حافظ الذي انتزعنا منه تمثاله.
يقول أبو كرم “دخل الجيش برتل دبابات بحجة الانشقاق واستقبلهم أهالي حماة بالورود والفرح والغناء وعبروا عن فرحهم بانضمام هؤلاء الجنود للجيش الحر وأخذوا يغنون ويهتفون “الله حي الجيش الحر”، وبعد أقل من 10 دقائق من هذه الفرحة وقيام الأهالي برش الورد على الجنود أتت سيارتان للأمن مسرعتين وأخذا بتصوير مقطع مدته 30 ثانية وانصرفوا بعد ذلك بصورة مريبة وبشكل سريع غير مسبوق وكل هذا لنقل صورة أن أهل حماة فرحين بدخول الجيش فالإعلام السوري هنا أخذ “يكذب ويصدق كذبته”.
ويضيف أبو كرم “بدأ الناس بالانسحاب بعد هذا المشهد المريب وفجأة بدأت محركات الدبابات بالعمل ووجهت فوهات مدافعها على الجموع مباشرة مما أسقط ما يقارب 60 شهيداً خلال وقت قياسي وهذا باستخدام المدافع والأسلحة الخفيفة والرشاشات، لتمتزج الورود والعطور التي استقبلهم بها الأهالي بالدماء وتحول الورد الأبيض لورد أحمر بسبب حمامات الدماء التي تسبب بها الجيش الأسدي”.
ويقول أبو كرم بغضب “الجيش تحول من حامٍ للشعب إلى قاتل للشعب، فالجيش يقاتل كل من يقول الله أكبر”.
ويضيف أبو كرم “أصبح عدد الجرحى كبيراًً وانسحبوا فبدأنا بلم الجرحى وأخذهم إلى المستشفى، أخذت أحد المصابين بطلق فصلت له الكتف ليبقى متعلقاً بالشرايين فقط، أخذت هذا المصاب على دراجتي النارية وتوجهت به إلى المستشفى الميداني لأن سيارة الإسعاف ممنوعة من نقل المصابين وأي مصاب يدخل إلى مستشفى حكومي يتم القضاء عليه فلا يخرج حياً من المستشفى، فأخذ أي جريح إلى مستشفى حكومي يعتبر حكماً بالإعدام”.
ويكمل “توجهت بهذا المصاب إلى أحد المشافي الميدانية الخاصة ويوجد حول كل مشفى ميداني عدد كبير من رجال حماة يحمونه ويتبرعون بالدماء، وصلنا لأحد المستشفيات ولكنهم اعتذروا بسبب ضعف الإمكانات فتوجهنا بالجريح إلى مستشفى آخر يبعد 10 دقائق وكل هذا بدراجة نارية، وكان أهالي المنطقة قاموا بعمل درع بشري حول المستشفى وبادروا بنقل المصاب إلى داخل المستشفى”.
وكان عدد المصابين وصل إلى 500 شهيد حينها لهذا السبب يعتذر عدد من المستشفيات عن استقبال المصاب الذي معنا.
ويكمل “بعد إيصال الجريح توجهت مرة أخرى إلى الساحة لحمل جريح آخر وفي الطريق رأيت رتل دبابات يتوجه تجاه المستشفى فعدت أدراجي لأحذر الناس الذين حول المستشفى ليأخذوا حذرهم وبدأت بالصراخ عليهم حيث فتحت الدبابات النار عشوائياً.
وبحمد الله تمكن كل الشباب المحيطين بالمشفى من الاختباء عن الهجوم ما عدا شاب تعرض لطلق ناري وأصيب بنوع من الهيستريا فحاولت مساعدته وبدأت بالتلويح رافعاً يدي وإذا برصاصة من مضاد للطائرات “دوشكا” وهذه الرصاصة تعد “حارقة خارقة ومتفجرة وتستخدم لضرب الطائرات لمسافات مداها 3 كيلو متر لتقطع يدي وتفصلها عن بقية جسدي، وقعت أرضاً وبدأت بالصراخ، وإذا بشخص قادم من الجهة المقابلة على دراجة نارية يصاب بطلقة نارية تسقطه أرضاً أمام إحدى الدبابات القادمة وإذا بقائد الرتل يقول لسائق الدبابة “اسحقو ولاك اسحقو” وبدأ بدعسه وبعد مروره عليه عاد القائد ليقول له “وقف وقف ليكو ما مات، ارجع عليه ولاك”، فرجع عليه مرة أخرى حتى سمعت صوت عظامه تتكسر وتنسحق تحت جنازير الدبابة وآخر كلمة نطق بها وهو تحت الجنازير هي “يا الله”.
وأضاف “حملوني الشباب إلى داخل المستشفى ووقفنا مذهولين نرى المجرمين وهم يتحركون وعند تحرك الدبابات بدأت أشلاء الشاب الذي سحق تتطاير من جنازير الدبابة في مشهد لم نر له مثيلاً من قبل”.
حاولوا إسعافي في المستشفى ولكنهم لم يستطيعوا بسبب قلة الإمكانات وكان نقل الدم يتم عن طريق النقل المباشر وليس عن طريق أكياس الدم، فعندما صحوت من أثر الضربة وفقدان الدم وجدت نفسي في غرفة العمليات وقد عادت يدي إلى مكانها فارتسمت ابتسامة على وجهي لأني كنت قد فقدت الأمل في استرجاعها، وإذا بالدكتور يدخل الغرفة ويقول لي الحمدلله على السلامة ولكن لديك أمل 1% فإذا مر الدم في عرق يدك ستبقى ولكن إن لم يمر فسنضطر لبترها، وفي النهاية هذا ما حدث وتم تهريبي إلى خارج سوريا لفعل اللازم.
وقال إنه أجريت له 4 عمليات وكل عملية يعملونها يكتشفون وجود شظايا بفعل الانفجارات التي وقعت بجانبي لحظة سقوطي.
وأضاف “حتى الإسرائليين لم يفعلوا ما فعله نظام الأسد المجرم بمشاركة حسن نصر الله والزعيم الطائفي مقتدى الصدر إضافة للإيرانيين.