كشف برنامج المواهب الذي تقدمه شبكة إم بي سي عن حجم المأساة التي يعانيها معظم الشباب في جميع أرجاء الوطن العربي، فهذا البرنامج أثبت أن الشباب الذين شاركوا فيه يعانون من ضياع هويتهم وفقدان بوصلتهم وتشتتهم في دروب الحياة المتقطعة غير المستقيمة. لا يعقل أن يضيع الشاب وقته وعمره في رقص ماجن وحركات لا أخلاقية وقفز من هنا وهناك أو تربية للثعابين وأكل للزجاج . ولا نفهم كيف أن شاباً ذو جسم وعضلات يكرس وقته في النفخ على الآلة الموسيقية من أنفه، أو أولئك الشباب الذين مازالوا يهيمون عشقاً وغراماً في مايكل جكسون ويقلدونه في الرقص والغناء حياً كان أو ميتاً. أو الذي ضيع عمره في الوقوف على ألواح تحتها أكواب الزجاج أو الذي يدخل المسرح بشكل محترم ثم يتلوى ويتمايل كالثعبان أو كالذي مسته الكهرباء، أو الأطفال الذين أقحموا في هذا المضمار دون مراعاة لطفولتهم وبراءتهم أو الذين ضحك عليهم أن أصواتهم جميلة فجاءوا إلى البرنامج مشحونين وكلهم أمل في الفوز باللقب. أمر لا يصدق أن يصل الحال بالشاب العربي إلى هذه الحالة المزرية من الضياع والتدهور، وأن يتم تبني هؤلاء وتشجيعهم سنة بعد سنة ، بدلاً من توجيههم إلى العمل النافع والعمل الصالح المثمر. إن هؤلاء الشباب لم يصلوا إلى هذا المستوى المتدني إلا بعد أن تخلى التربويون والإعلاميون والساسة وأصحاب الشأن عن مسؤولياتهم العظيمة في التربية والتعليم فخلت الساحة من الموجهين فتلقفهم أصحاب الإعلام الهابط وأصحاب الأهواء والميول المنحرفة فقادوهم إلى التهلكة باسم الفن وباسم الرقص والغناء وكلها أمور لا تسمن ولا تغني من جوع. ماذا لو تم التركيز على الشباب الراقي المتعلم النبيه الذي برع في الاختراعات والصناعات والابتكارات ، هناك الكثير من الشباب قاموا باختراعات عظيمة لماذا لا تركز الأضواء عليهم حتى يكونوا قدوة لباقي الشباب. نريد من الشاب أن يكون جاداً في تصرفاته وحركاته وكلامه لا نريد ميوعة في السلوك وليونة في الكلام أو ملاحقة للموضات أو ضياعاً للأوقات. نريد شباباً رجالاً ونساء يعرف كيف يعمل وكيف يحيا بالأخلاق الطيبة والسلوك السوي ومتسلحاً بالعلم النافع الذي يبني البلاد ويعمر الديار ، نريد أن نعتمد على أنفسنا فنزرع الأرض وننتج الغذاء ونصنع الدواء، لا نريد الاعتماد على الغرب في المأكل والمشرب حتى لا نصبح عبيداً لهم، ما نريده أن نكون أحراراً في قراراتنا وإرادتنا، فلا نستورد منهم إلا الأمور الضرورية التي لا تتوفر حالياً عندنا. عبدالجليل الجاسم