^   في فضائهم الإلكتروني كتبوا يوم أمس بصريح العبارة أن ثورتهم الطائفية لم تقف معها دولة مثلما وقفت إيران. وبالأمس أيضاً كان “الصراخ على قدر الألم” -كالعادة- في قناة “العالم” الإيرانية، وكان ملاحظاً بأن “هلوسة” و”توتر” المذيعة الإيرانية أكبر بأضعاف مضاعفة من ضيوفها المتحدثين من أقطار مختلفة بشأن الوصول لإجابة حول ماذا ينبغي فعله الآن لتغيير النظام في البحرين. سؤال طرحته بعدما بات واضحاً بأن الوضع تحول من سعي لتحقيق هذا الهدف، إلى وضع “لعق الجراح” بعد معركة نتيجتها “فاشلة” بامتياز بالنسبة لهم. خيبة الأمل جلية في القناة الإيرانية التي تمثل الدولة الوحيدة الداعمة لمخططهم الانقلابي، إذ حتى العراق كتبوا عنه في فضائهم الإلكتروني بأن أطيافاً فيه تؤيدهم فيما يفعلونه في البحرين بخلاف قيادة العراق التي لم تقدم الموقف المطلوب في القمة العربية الأخيرة. حينما كان المعارض من لندن يتحدث بشأن عدة نقاط ومر مرور الكرام على “ملف الأطباء” وقال إن هذا الملف لم يستغل بشكل صحيح ولم يبرز بطريقة صحيحة رغم أنه كفيل وحده بـ”إسقاط النظام”، أوقفته المذيعة من الانتقال لنقطة أخرى وسألته بـ”إلحاح واضح” حول كيفية إسقاط النظام البحريني باستخدام هذا الملف! فقط حساب كم مرة رددت كلمة “كيف” كان أمراً مثيراً، يوضح تماماً كيف أن القناة الإيرانية مازالت مستميتة لرؤية الانقلاب في البحرين ينجح، وباتت تبحث اليوم عن خطط وابتكارات لكن هذه المرة من جانب الطوابير الخامسة التابعة لطهران، بعد أن كان التخطيط لهذا يتم لديهم ويوجه لعملائهم هنا بالداخل. إيران تعاني من أكبر نسبة تضخم مالي في العالم، تعاني من حالات فقر مدقع، وأموال الجمهورية توجه للخارج لضرب دول معينة ولخدمة مشروع التمدد الصفوي، وتركز في جهود تقوية الترسانة العسكرية والنووية، بينما حقوق الإنسان “خرافة” لا توجد في أرض المرشد الأعلى، وشنق المعارضين في الشوارع وقتل وقمع المسلمين من المذهب السني هواية محببة. رغم تلك المعاناة الكبيرة للإيرانيين في الداخل إلا أن قناة العالم تفتح في برنامج واحد مجموعة اتصالات عبر أدواتها الصناعية المكلفة في نفس الوقت لعناصر “مبعثرة” في دول معينة فقط للحديث عن البحرين و”التفكير بصوت عال” من قبل المتداخلين بحثاً عن إجابة للسؤال الذي رددته المذيعة أكثر من مرة: “ماذا نفعل الآن؟!”. نترك إيران تتساءل عبر قناتها “عما تفعله الآن”، ونتركها “تلعق جراح” خسارة مخطط انقلابي راهنت عليه عبر أدواتهم لضم البحرين لها، سابقاً عبر الحلول العسكرية واليوم عبر التبعية المذهبية، ونرصد في المقابل أهم العوامل التي باتت تبرز هذا الصراخ الذي يأتي بالفعل على قدر الألم. من المهم التذكير بأنك تستطيع نسج أي سيناريو تريد وتسويقه على مؤسسات حقوقية أو قنوات أجنبية أو شخصيات غربية عبر اللعب على الأوتار العاطفية والبكاء وأنت تقول: “مجزرة، يقتلون الناس في الشوارع.. الخ”، مما يولد بالضرورة نوعاً من التعاطف لو كان “الكذب” بصورة “احترافية”، لكن المهم هنا أن كل ذلك لن يمكنه تغيير الواقع الحقيقي على الأرض، ولن يغير حقيقة أن ما حصل في البحرين حركة انقلابية عنصرية طائفية بحتة. هذا ما قاله مجلس الثورة المصري في بيانه الأخير، حينما أكد على أنها ثورة طائفية شيعية، وأنها امتداد لمخطط التوسع الصفوي في المنطقة العربية ومرحلة من مراحل مشروع تصدير الثورة الإيرانية، وأعلنوا تراجعهم عن الدعم الذي قدموه في البداية، وكلنا نعرف بأن المصريين تم “خداعهم” عندما صور الانقلابيون لهم بأن ما يحصل في البحرين جزء من ثورات “الربيع العربي”، واتضحت نية الاستغلال في تصريحات عضو الوفاق خليل مرزوق في برنامج “الاتجاه المعاكس” عندما أهان المصريين واعتبرهم شعباً “مأجوراً” تم دفع المال لهم ليقفوا موقفاً مضاداً لوفد الوفاق الذي ذهب ليغازل المصريين ورجع خائباً. اليوم في مواقعهم يشتمون المصريين، وينتقدون مجلس الثورة المصري بعدما كانوا يتغزلون في مصر وثورتها ويتغنون بها. هؤلاء قللوا ليس من شأن المصريين بل من شأن العالم بأسره حينما ظنوا أنهم بـ “الكذب” و”النفاق” و”التقية السياسية” سيقنعون الجميع بأن ثورتهم نزيهة ونظيفة وليست ثورة طائفية عنصرية تؤيدها إيران بكل قوة عبر نظامها وقنواتها مثلما يعترفون هم أصلاً في مواقعهم الإلكترونية، ومثلما شهق علي سلمان باسمها مستنجداً بها حينما دخلت قوات درع الجزيرة لتصد هجوماً محتملاً من نظام المرشد الأعلى. من العوامل الأخرى التي ولدت حالة “اللطم السياسي” و”الهلوسة” بالأخص في القناة الإيرانية، بأن كل محاولات عرقلة سباق الفورمولا واحد باءت بالفشل، وبعدما كان التغزل ببيرني إيكليستون وفرق الفورمولا واحد بعد إلغاء سباق العام الماضي باتوا اليوم يشتمون بقوة لأنهم قرروا المضي في إقامة السباق باعتبار أن ما يحصل في البحرين أعمال تخريب تقوم بها مجموعات من المراهقين، كما قال إيكليستون الذي بات سهلاً عليه اليوم عبر مقارنة خطابهم السابق والحالي وإدراك أنهم كانوا يريدون التأثير عليه بالكذب وتزوير الحقائق حتى يلغي السباق وتتضرر البحرين اقتصادياً وتشوه سمعتها إعلامياً. إضافة لخيبة الأمل في قضية عبدالهادي الخواجة وافتضاح حقيقة أن وضعه أصلاً مخالف لقانون الجنسية في الدنمارك، وبيان البحرين لموقفها الصارم برفض تدخل الدنمارك أو أي دولة أخرى في شؤونها الداخلية خاصة ما يرتبط بتطبيق القانون بحق أشخاص يحرضون الناس على الانقلاب ويدعمون الإرهاب، فإن حادثة العكر الإرهابية جاءت بمثابة “طعنة نجلاء” في صدر من مازال يريد إيهام العالم بأن حراكه “سلمي” بحت. في برنامج قناة العالم بالأمس حصل شيء مثير، عضو وفاقي من البحرين اتهم قوات الأمن بأنها “فبركت” الواقعة، بينما المعارض في لندن قال إنه حدث صغير لا يحتاج لتضخيم، أي أنه يعترف بحصوله من قبل الانقلابيين. في جانب آخر ومن على الأرض وفي “كذبة أبريلية جديدة” يقول علي سلمان إنه يدعو للتمسك بـ”السلمية” ويدعو لعدم استخدام المولوتوف. وهنا نسأله: إن كنت تقول إنكم لستم من يقود العمليات الإرهابية، وعضو جمعيتكم في قناة العالم يقول إنها أفعال مفبركة من قبل أجهزة الأمن، فلمن توجه الكلام بعدم استخدام المولوتوف؟! هل هو توجيه يأتي في نفس السياق الذي قاله خليل مرزوق في أحد التجمعات السابقة بأن “يا جماعة المولوتوف لا يخدمنا في هذه المرحلة”؟! الحدث الإرهابي في العكر بحد ذاته خلخل جميع الموازين، وصدمهم أيما صدمة، خاصة عبر رد فعل البريطانيين والأمريكان على وجه الخصوص، وجعل قناة “العالم” تصرخ بأعلى صوتها لأن الحلم بدأ يتبخر، وبات من ينفذون مخطط الاستيلاء على البحرين “معزولين” ليس فقط في الداخل بل حتى على الصعيد الخارجي، وبات ما يحركونه فقط ملفات وحالات بسيطة لا ترتقي لمستوى يحرك المجتمع الدولي لإسقاط نظام دولة بأكمله لأجل “خاطر عيون” من هم بامتياز “عملاء إيران”. إنه حدث مهم جداً ما حصل بالأمس، حينما تسأل قناة العالم الإيرانية عملاءها “ماذا نفعل الآن؟!”.