^ حين أطلق الفنان السوري القدير دريد لحام (غوار) يده الخفية في مسلسل (حارة كل مين إيدو إلو)، هناك حين استغل فرص الشقاق والفرقة القوية والتشرذم بين أبناء الحارة الواحدة، فقام ببث الشائعات المغرضة لإضعاف ما يمكن له إضعافه في أوساط مجتمع الحارة، حتى كان له ذلك. إن كل ما نشاهده اليوم في البحرين، يشي (بحارة كل مين إيدو إلو)، وبحسب المثل الدارج في حال التهديد والوعيد (إللي ما تطاله بيدك وصله بريولك)، فلا شيء يجري وفق القانون والنظام، والجميع اليوم يستطيع أن يخترق جدار هذا القانون، إما بيده أو برجله. ما الذي يحدث في البحرين؟ وكيف تسير الأمور؟ من يحكم الواقع؟ هل هي الدولة أم الناس؟ فإذا كان الناس هم من يملك قرار الواقع، فلماذا تتقلص صلاحيات الدولة أمام ناسها؟ وإذا كانت الدول هي الحاكمة على سلوك الناس عبر فرض القانون، ما هو تفسير ما يجري من انفلات أمني وأخلاقي في غالبية مناطق البحرين؟. لماذا لا يريد الناس أن يستقروا؟ لماذا الفوضى والقبول بشريعة الغاب، في كونها منهجاً لسلوكيات هذا الشعب الكبير؟ ما هي نقطة التحول في مسار القيم الإنسانية النبيلة لأبناء البحرين الأعزاء؟. منذ متى (رغم مرور البحرين بأزمات سياسية جارفة في السابق) والمجتمع البحريني يتحول إلى مجاميع طائفية تهدد غيرها أو تحمي نفسها، عبر قوانين طائفية خاصة؟ لماذا يريد الناس بإرادتهم أن يحكموا أنفسهم من دون الرجوع إلى العقل الذي أطلقوه في نزهة طويلة حتى ضلَّ طريق الرجوع إليهم مرة أخرى؟ لماذا يصر الناس على تتبع الهم والحزن والألم، بينما هناك عشرات الفرص الجميلة للحب والمودة والتعقل والالتقاء على الخير؟ ولماذا لا نستثمرها لصالح هذا الوطن؟. لا يمكن لنا ونحن من عاش على أرض الخلود كجسد واحد ومجتمع واحد وبقلب واحد، أن نصدق ما يدور حولنا من تباغض وتباعد، وفي عدم احترام القانون أو الاحتكام إليه، بل لم نكن نتوقع بأن يأتينا هذا اليوم الذي انفلت فيه العقال من العقل إلى الجهل، ومن الحكمة إلى الحماقة، ومن الرشد إلى الغي، ومن سلطان الحب إلى شيطان الكراهية!!. لا أصدق أن ما يجري أمامي من فوضى إنما يجري في البحرين، هذا الوطن الخيّر الوادع الآمن. إن فرصة العقلاء تضاءلت اليوم، حين غابوا عن الواقع، تاركين المجال للدهماء أن يحوِّلوا البحرين إلى حارة اسمها (كل مين إيدو إلو)، ولن يعود الوضع إلى طبيعته إلا إذا أخذنا بيد كل معتدٍ أثيم من كل الأطراف والأطياف، لا يريد الخير لهذا الوطن. استيقظوا أحبتي، فإن فرصاً مرَّت علينا مر السحاب، وبقت لدينا القليل من الفرص المتاحة في الوقت القاتل من زمن الحماقات والعنتريات، إذ لا يمكن للطائش أن يراها، فإنها فرص مضيئة لا يراها إلا العقلاء والمبصرون ومحبو البحرين فقط. لا «المولوتوفات»، ولا قطع الطرق، ولا العنف، ولا تكسير المحال التجارية، ولا تخريب الممتلكات العامة والخاصة، ولا الشتائم، ولا الفوضى، ولا كل شيء غير مسؤول، يمكنه أن يضعنا على سكة الحل السياسي، بل كل ذلك سيُعَجَّل انهيار المجتمع المدني بأيدٍ مجنونة، وهذا أخطر ما في الأمر. اللهم احفظ البحرين من كل سوء يراد بها، واحفظ أحبتي وناسي وترابي وكل عشق جمعته في عاطفتي مع بني جلدتي منذ طفولتي.. اللهم آمين.