^  لا ننكر على أي طرف حقه في المعارضة، من حقنا جميعاً أن نعارض سياسات الحكومة ومشاريعها وننتقد ونحارب الفساد؛ فنحن ارتضينا الديمقراطية الكاملة ولا يمكن بأي حال أن نجزئها وفق الأهواء، من ناحية المبدأ يجب أن نتفق أن المعارضة لا تعني العداء وتدمير الآخر، الكل يعمل وفق رؤيته لمصلحة البحرين والاختلاف يجب أن يوظف لهذا الهدف. لكننا نتفق بالتأكيد على أن ديمقراطيتنا لن تكون كديمقراطية الغرب؛ لأن منظومتنا قائمة على عوامل كتداخل الدين والفتاوى والتعددية مع عدم القدرة على فهم هذه التعددية، وهذا مرجعه الجهل والتعصب وهما أيضاً من الأسباب التي تعيق تحقيق ديمقراطية مثالية كالتي نحلم بها. عندنا مثال صارخ في معارضة تدعي كونها مدنية خالصة، لكنها توجه في معظم الأحيان بفتاوى مرجعيات دينية، وربما هذا أحد الأسباب الرئيسية لحالة عدم الثقة بالمعارضة الشيعية في البحرين، الناس لن تسلم زمام مستقبلها لمرجع أو لشيخ دين ولا تريد أن ترى نموذج حكم المرشد الإيراني أو نموذج الكنيسة أيام سطوتها في مجتمعات أوروبا، الإصلاح يجب أن يتقدم للأمام لا أن يعيد الأمم قروناً للوراء. بمجرد أن بدأت المعارضة في ممارسة إرهابها السياسي والميداني أثبتت أن هذه النظرة لم تكن متشائمة بما يكفي، فقد تداخلت الممارسات السياسية بالدينية المذهبية بشكل صارخ، وبمجرد أن صدرت فتوى بسحق رجال الأمن طبقت بأعنف ما يكون ووجدنا أنفسنا أمام حالة غير موجودة أمامنا على الورق، كل ما نعرفه عن الحقوق وأساليب الدفاع عنها لا يتعامل مع منطق السحق؛ خصوصاً وأنه في ظروف كثيرة صدرت عن المعارضة نفسها تصريحات وتضمينات بمسألة إيمانية المعارضة مما زاد الطين بلة وجعل الناس تتوجس أكثر من فكرة التكفير التي هدمت أسس مجتمعات كثيرة وأوقدت صراعات وحروب، حتى لو لم نعتد بما سمعناه ورأيناه فإنه ليس كلاماً ينسى ببساطة. سحق رجال الأمن من النقاط السوداء في سجل تلك الحركة التي اجتاحت شوارع البحرين، فلو بررناها بأن قاسم قد حددها بمن يعتدي على المؤمنات فسنجد أن السحق قد تعدى المحدد والمسبب وعم كل شخص يرتدي زي شرطة وأحياناً زي الجيش دون أن يكون في حالة تلبس بالاعتداء على “مؤمنة”، عربات الشرطة التي أحرقت على الطريق السريع ورآها كل مستخدمي شارع الشيخ خليفة بن سلمان وغيرها عشرات العربات التي أحرقت وأحياناً وهي في حالة هروب، يعني لا تعدي ولا هجوم أصلاً ونعلم أن من فيها لا يحملون سلاحاً للدفاع عن أنفسهم، رجال الأمن السبعة الذين تم تفجيرهم في العكر لم يكونوا في حالة تعدٍ على “المؤمنات”، مصور الداخلية الذي نفذ سيخ حديد في رقبته وغيرهم كثير من حالات لا تعد، لم تكن في حالة تستدعي السحق لو سلمنا بكلمة السحق ومفهومه العدائي الخطير، السحق يتم بمجرد أن تكون رجل أمن ولو في مهمة مراقبة.. ولو من بعيد ودون أي سلاح. عندما أختلف مع من يسمون بمعارضين -ممن يدعمون ويؤيدون العنف- لا أختلف مع حقهم في الحلم.. في الرغبة بالتغيير.. في الإصلاح السياسي..، لكن نقطة الخلاف الأساسية هي كيف نتعامل مع الحلم، وهل يجب أن نحيل حياتنا ووطننا إلى كابوس حي؟ هل يجب أن نقتل ونحرق ونخرب؟ نطفش الاستثمارات ونلغي السباقات الدولية على أراضينا ونقتل سمعة البلد ونجعلها في الحضيض وأدنى من الحضيض؟ إنه واقع محير فعلاً؛ بدلاً من أن نواجه مشكلات معقدة تمر ببلدنا ها نحن نعيش في دوامة عنف لا أرى فيها أي مصلحة تذكر للبحرين، لا الآن ولا في المستقبل، مع ذلك لايزال المولوتوف وفتاوى السحق يسودان المشهد.