الحدود السورية الأردنية - محمد لوري:
“بأم عيني شاهدت مجموعة من الإيرانيين، الذين أصبحنا نميزهم من لغتهم غير العربية، كيف يدخلون منازلنا، ويدقون أعناق الأطفال كالخراف، وينتهكون أعراضنا، ويقطعون أجساد شبابنا، دون أي ذرة من الإنسانية والرحمة، بهذا الوصف بدأت الطبيبة السورية أم ثائر التي تقوم بمعالجة الجرحى في المشافي الميدانية، برواية بعض من مشاهدتها ومعاناتها، جراء الممارسات والانتهاكات، التي ارتكبها نظام الأسد خلال قمعه لطلاب الحرية في سورية.
تقول أم ثائر في بداية حديثها “أنا بحييكم وبحيي جهودكم، والشعب السوري، لن ينسى وقفتكم ووقفة المملكة العربية السعودية، والكويت والأردن، مع مطالب الشعب السوري، واستنكارهم للمجازر التي لا تعد ولا تحصى، فما ترونه من قتل من خلال ما ينشر عبر الجهات الإعلامية، ما هو إلا عينة بسيطة مما يحدث على أرض الواقع، فالكفار وإسرائيل أرحم بنا من شبيحة النظام ولكننا مع الثورة لآخر لحظة ولن نهرب وسنبقى صامدون بعون الله”.
تقول أم ثائر “إيراني يدخل بيتنا ويقتل أطفالنا وبدون أي إحساس، يسقط رأس الطفل أمام مرأى والديه من دون أن يستطيعا القيام بأي شيء مما سبب شللاً للعديد من الآباء والأمهات”.
وتروي أم ثائر مشاهد نوعية حصلت أمام عينيها لتسرد لنا منها قصة الدروع البشرية، التي لم تتحدث عنها أي من وسائل الإعلام وتقول “يقتحم الشبيحة والإيرانيون كل بيت ويخرجون منه الشباب ويقوموا بتعريتهم وإلقائهم على وجوههم ومن ثم يربطونهم على مدرعاتهم ليحتموا بهم من هجمات الجيش الحر والمجاهدين، ذلك أنه في هذه الحالة لن يستطيع المجاهد مهاجمة الشبيحة وهو مختبئ خلف جسم أحد إخوته من الثوار”.
وتضيف “بعد عملية الجر في المدينة والاحتماء بأجساد الشباب يقوم الشبيحة بأخذ هؤلاء إلى المقصب ووضع رؤوسهم تحت “المهدة”، (بفتح الميم والهاء وتشديد الدال) وهي عبارة عن مطرقة كبيرة يتم هد وطحن الرؤوس بها وتهشيم الجمجمة وتطشير المادة الدماغية من الرأس”.
وعن “المهدة” والدرع البشري تروي أم ثائر قصة شاب يقطن قريباً منها وتقول “هذا شاب متزوج منذ فترة قصيرة، وزوجته حامل، وعند خروجه للمسجد لأداء إحدى الصلوات هجم عليه الشبيحة، وعملوا على ربطه وتعريته ومن ثم تعليقه في واجهتهم للاحتماء من رصاص الجيش الحر”.
أما ما يحدث للأطفال من عملية قطع للأطراف وتشويه فتقول أم ثائر”لا نعرف الطفل عندما يأتينا.. هو من أو ابن من، فلا نجد غير أشلاء منثورة هنا وهناك وكأنها شيء عادي، عظاماً هنا، وعظاماً هناك، بعضها مكسو باللحم وبعضها لا”. ومن كثرة الجثث الملقاة على الأرض، كنا نرش بعض السموم، للتخفيف من رائحة الجثث المتفحمة، وللحد من انتشار الرائحة وتسببها بأمراض للأحياء، الذين مازالوا على قيد الحياة، ويناضلون من أجل نيل حريتهم وكرامتهم.
وعن تخلي جيش النظام والشبيحة عن إنسانيتهم تروي أم ثائر قصة لأحد العجائز القاطنات في عمارتها وتقول “تقطن في نفس المبنى الذي أعيش فيه عجوز كبيرة في السن، قد بلغ منها الكبر ما جعلها تهذي كالخرفة أو كما نقول نحن “مجنونة”، خرجت هذه العجوز من العمارة بسبب القصف الجوي الذي كان يدور حول المدينة للشارع في حركة غير موزونة بسبب خفة عقلها لتجد رصاصة القناص طريقاً لرأسها أوقعتها حيث هي”.
وتقول أم ثائر “هناك العديد من الجثث التي لم نستطع الوصول إليها بسبب القناصة، فكلما حاولنا الخروج لتطبيب الجرحى أو مساعدتهم يتم إطلاق النار علينا لنرجع إلى الداخل ويتحول المصاب من جريح إلى شهيد في شوارع المدينة ليبقى ما يقارب 15 يوماً ملقياً، ليأتي الدود والطيور ويأكلوا لحم جثث الشهداء التي لم نستطع إكرامها ودفنها”.
وعن التدخل الإيراني في سوريا تقول أم ثائر “الأشخاص الذي يدخلون على بيوتنا ليسوا بالسوريين فهم فعلاً إيرانيون، فهيئتهم ولغتهم تبين ذلك، كذلك هناك بعض من عناصر حزب الله وجيش المهدي العراقي تقتحم البيوت”.
وفي قصة شهدت أم ثائر أحداثها تقول “بينما كنا جالسين في أحد البيوت وإذا بنا نسمع صريخاً وعويلاً من الشقة المجاورة اختلط بذلك لغة غير مفهومة هي الإيرانية، بدأ الإيرانيون بتجميع الشباب الموجودين في البيت وربطهم في أماكنهم، بعد ذلك أحضروا كل النسوة اللاتي كنّ في البيت وبدؤوا باغتصابهن وانتهاك أعراضهن واحدة تلو الأخرى أمام مرأى رجال البيت وهم لا يملكون أي شيء سوى دمع العين، فاليدان مقيدتان واللسان مربوط”. تقول أم ثائر “من شدة المشهد سقط أحد الرجال في مكانه لتصيبه جلطة من بشاعة ما رأى، فلقد تم انتهاك عرضه أمام عينيه وهو لم يحرك ساكناً”.
أما عن القناصين المنتشرين في المدينة فتؤكد أم ثائر أنه “لا يمكننا الخروج من شارع لآخر بسبب القناصين فهم يقنصون كل ما يتحرك، فالرصاصة إما تكون قاتلة في الرأس أو مسببة لعاهة مستديمة في الظهر والقدم”.
وتكمل “لو اقترب أحدهم من المصاب، فسيلقى نفس المصير مما اضطرنا لعمل “غزازات” نربطها بالحبال ونرميها لتنغرز في جسد المصاب ونسحبه لنكمل علاجه، وهذا أفضل من أن يموت بفعل النزيف”.