كتبت ^ شيخة العسم:

تنفق مملكة البحرين على التعليم أموالاً ضخمة، قد تفوق ما تصرفه دول متقدمة، بل إن هناك من يرى أن بعض الخدمات التعليمية في البحرين تتفوق على دول مثل أمريكا. أما في جانب الصحة، فإن وزارة الصحة تقدم التطعيمات اللازمة مجاناً وبشكل منتظم للأطفال، كما تتكفل بعمل الأشعة والكشوفات الدورية مجاناً للأطفال الصم والخرس، إلى جانب خدمات أخرى.

غير إن المشكلة بحسب –المهتمين بشؤون التعليم والصحة تتمثل في المخرجات التعليمية، ووجود مدرسين لا يتحلون بالمسؤولية، والدليل سقوط كثير من المدارس في اختبار الجودة. هذا إلى جانب عدم تنظيم خدمات الصحة، نظراً لمحدوديتها. المهتمون يؤكدون بهذا الشأن حاجة الطفل البحريني إلى مزيد من الاهتمام، سواء من جانب التعليم أو الصحة، كونه الأمل الذي يحمل مستقبل البحرين.

تلاميذ المدارس

فمن جانبه يؤكد التربوي مفتاح الدوسري أن مملكة البحرين تنفق كلفة مالية ضخمة على وزارة التربية والتعليم، كلفة تضاهي الدول المتقدمة، بل إن هناك خدمات تعليمية تقدمها مملكة البحرين لطلابها في المدارس لا توجد في مدارس أمريكا وحتى اليابان. وهناك تطور واضح مثل وجود «سبورة ذكية» في الصفوف وهي خطوة سباقة عالمياً. إلى جانب أن التكاليف الأخرى مثل رواتب المدرسين مرتفعة نسبياً مقارنة بالدول الأخرى.

لكل المشكلة التي يواجهها التعليم في البحرين ^كما يشير الدوسري^ تمثل في المخرجات التعليمية، «فلا نجد نسبة وتناسباً بين التكاليف الضخمة التي تصرفها الدولة وبين المخرجات التعليمية لدى الطالب، فهي لم تصل حتى إلى ربع المستوى المطلوب. أما السبب فهو عدم تحلي المعلم بالمسؤولية، فهو لا يقوم بدوره، لأنه يعتبر هذه المهنة طريقاً لنيل الراتب وحسب، في حين إن المعلمين في السابق ورغم ضآلة الراتب، كانوا يبذلون أكثر، وكانت طريقتهم التعليمية وأسلوبهم أفضل. كما نجد أن كثيراً من المدارس تسقط في اختبار مشروع الجودة الذي تقوم به الوزارة، لأن الاختبار يكون بنسبة 80% منه على عملية التعلم ومستوى الطالب، في حين يكون بنسبة 20% على الجوانب الأخرى.

الرسالة التعليمية

أمر آخر يشير إليه الدوسري وهو وجود معلمين مسيسيين، يحرضون الطلاب على الخروج في مسيرات، بينما يجب على كل مدرس ذي وجهة نظر أو انتماء لجانب معين، أن يتخلى عنها في حرم المدرسة، لأنه مكان حيادي. كما يجب على الوزارة انتقاء المدرسين الحقيقيين الراغبين في نشر رسالة التعليم السامية. ويعرب الدوسري عن تفاؤله بتخريج 200 طالب وطالبة من الفوج الأول من كلية المعلمين، بعد انتقائهم بنسب مرتفعة، مؤملاً أن يحدثوا التغيير المطلوب.

تطعيمات مجانية

من جهته يؤكد جراح واستشاري الأنف والأذن والحنجرة وزراعة القوقعة بمجمع السلمانية الطبي د. أحمد جمال، على أهمية التطعيمات التي تقدمها الوزارة، مبيناً أن الأسباب المؤدية للصمم هو إصابة الطفل بالحصبة وغيرها من الأمراض والجراثيم، وتقديم وزارة الصحة التطعيمات اللازمة بشكل منتظم ودوري لأطفال البحرين يقف عائقاً بوجه هذه الأمراض والجراثيم وإصابة الطفل بها.

ويبين د. جمال: تقوم الوزارة بتكاليف علاج أطفال فاقدين للسمع والنطق، كما تتكفل بعمل الأشعة والكشوفات الدورية المجانية للطفل، كما تقدم جهاز «القوقعة الإلكترونية « بالمجان، وتقدر قيمتها بـ10 آلاف دينار بحريني، وهي خدمة لا تقدمها الدول الأخرى. كما إن زراعة القوقعة يقوم بها فريق جراحي بحريني في مجمع السلمانية الطبي. وقد قمنا بعمل 117 عملية جراحية ناجحة للأطفال منذ العام 2001.

عمليات جراجية

ويلفت د. جمال إلى أنه بفضل مجهودات الوزارة الكبيرة في هذا الجانب، ينقل الطفل من عالم الصمت واللانطق إلى عالم السمع والنطق. كما إن الأطفال الذين يخضعون لهذه العملية يرسلون لمركز تأهيل لمدة سنتين مثل مركز شيخان الفارسي، بعدها يرسلون إلى مدارس حكومية للانخراط مع المجتمع والأطفال السويين، هذا إلى جانب قيام الوزارة باستيراد ما بين 20 و30 جهازاً سنوياً، إلا أنه يؤكد أهمية تعاون المؤسسات المجتمعية لجمع التبرعات لتغطية وشراء أجهزة إضافية.

خلل في التنظيم

أما النائب خالد عبدالعال، فيشير إلى أن الخلل في التنظيم وليس في الخدمات المقدمة، مبيناً أن الخدمات التي تقدم للطفل في المملكة من تعليم وصحة خدمات مجانية، لكنها ليست كافية وغير منظمة. «فمثلاً نجد في الجانب التعليمي أن 60 أو 70% من الخريجين تتراوح نسبتهم التعليمية بين 60% و70% وهذا ليس جيداً، ودليل على وجود قصور من قبل المدرسين وتدن في مستوى المناهج، لذلك نجد كثيراً من أولياء الأمور يفضلون إرسال أولادهم لمدارس خاصة طلباً لمناهج حقيقية، والملاحظ أيضاً أن طلاب المدارس الحكومية عند تخرجهم من المدرسة لا يجيدون اللغة الإنجليزية».

أدوية رخيصة

ويتابع عبدالعال: أن الخدمات الصحية جيدة وتقدم مجاناً، إلا أن هناك سوء تنظيم من قبل الوزارة في استخدامها، فمثلاً عندما يريد ولي أمر إدخال ابنه للمدرسة، يجب عليه أن يأخذ موعداً من المركز للتطعيم، هذا بناء على طلب وزارة التربية، لكننا نجد الموعد يتحدّد بعد سنة، لأن المراكز تستقبل عدد 6 أطفال فقط في اليوم الواحد ضمن ثلاثة أيام في الأسبوع. كما إن الأدوية بشكل عام سيئة لأنها رخيصة، لهذا يلجأ كثير من المواطنين لشراء الأدوية اللازمة من الصيدليات. ويضيف عبدالعال: «شخصياً وأنا مسؤول عما أقوله، هناك وزراء غير كفوئين لأنهم غير متخصصين، ويجب وضع متخصصين لهذه الوزارات لتطوير التعليم والصحة في البلد».

تعليم الطفل والحفاظ على صحته من أولويات حكومة البحرين

إن كلفة تعليم الطفل الواحد في إندونيسيا هي 4 دولارات سنوياً، كما إن 62% من المدارس في إندونيسيا عاجزة عن استيعاب الطلاب، في حين بينت وزارة الزراعة الأمريكية في تقريرها السنوي حول كلفة إنجاب وتربية الأطفال، إن الطفل الواحد للأسرة الأمريكية الطبيعية (من زوجين شرعيين) يكلف أكثر بقليل من 160 ألف دولار سنوياً.

أما في مملكة البحرين فإن متوسط كلفة وزارة التربية والتعليم على الطفل الواحد على مدى 12 سنة تقارب الـ21 ألف دينار بحريني للطفل، وقد قدرت موازنة وزارة التربية والتعليم بمملكة البحرين لعام 2010 بـ225 مليون دينار بحريني ^حسب الموقع الإلكتروني للوزارة^ منها كلفة القوى العاملة والخدمات والصيانة والمنح والأصول وغيرها، في حين بلغ عدد الطلاب حتى العام 2012، 126981 طالب وطالبة.

من ناحية أخرى حققت مملكة البحرين على الصعيد الصحي والتعليمي لدى الطفل إنجازات كبيرة على مستوى الدول، ومن دلائل الإنجازات الناحية التعليمية، فقد ارتفع عدد الطلبة في التعليم الحكومي بمختلف المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية إلى 126981 طالباً وطالبة في العام الدراسي 2011^2012 ويقدر عدد الإناث 64023 طالبة، وذلك في 2154 فصلاً دراسياً. ويشكل الذكور 62958 طالباً بـ2186 فصلاً.

هذا بخلاف عدد من رياض الأطفال المنتشرة في جميع أنحاء البحرين، هذا إلى جانب احتلال مملكة البحرين المركز الأول عربياً ضمن الدول ذات الأداء العالي في مجال تحقيق أهداف التعليم للجميع وفقاً لمنظمة ‘’اليونسكو’’، والاهتمام بدمج الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة في المدارس الحكومية، إضافة إلى جهود الجمعيات ومن بينها ‘’جمعية رعاية الطفل والأمومة’’، وجمعية البحرين للأطفال ذوو الصعوبة في السلوك ودار رعاية الطفولة.