قيـــس محمـــــد معمـــر

[email protected]

تأتي العطلة الصيفية وما يصاحبها من تغير برامج الأسرة والأبناء، والأصل عند غالبية الأُسَر أن الأبناء أحرار في قضاء أوقات فراغهم، وهذه الأوقات غالبًا ما تُقضى في اللعب والفسح والزيارات والاصطياف والسهر طوال الليل والنوم عند السادسة صباحاً، وقليل منها يُقضى في النافع؛ حيث القراءة الحرة، ومساعدة الأب والأم في أعمال وقضايا خاصة بالأسرة.

أكبر السلبيات هي أن يستسلم الأبناء للتلفاز والقنوات الفضائية وما تُلقيه في عقولهم، دون وعي أو تمحيص، فالملاحظ أن غالبية هؤلاء الأبناء يستسلمون وهم يستقبلون كل ما يُلقى أمام أعينهم وما يدخل عقولهم، دون السؤال والتمحيص في محتوى ما يشاهدونه من قبل الآباء لأنهم نائمون ولا يعلم ما يعمل أبناؤهم طوال الليل، حيث إرسال القنوات يتنافس بمزيد من برامج الإثارة والسطحية، والكارثة أن هناك قطاعًا من أبنائنا ـ في غياب دور الأسرة التربوي ـ يضبط طبق الاستقبال على القنوات الغربية والشرقية التي تعرض الأفلام المشبوهة.

إذا كانت مشكلة الفتيات أقل، فإن مشكلة المراهقين والشباب أكبر، فكثير منهم يقضي وقت الفراغ في الشارع، وهؤلاء هم حزب السائرين بدون هدف، وحزب الجالسين، وهم يجلسون على المقاهي يُدَخِّنون النرجيلة «الشيشة» التي انتشرت كالوباء في مجتمعاتنا، أو يصحبون بعضهم ويشجعون بعضهم على معاكسة الفتيات، في المجمعات وغيرها.

وإذا كان جهاز الكمبيوتر قد حل جزءًا من المشكلة، حيث يستهوي هذا الجهاز معظم الأبناء في قضاء ساعات ممتدة أمامه، ورغم أن في هذا الجهاز العجيب خير كثير؛ في البحث عن المعرفة وتنمية الثقافة، والمساعدة في البحث العلمي، وتسهيل الأعمال الدراسية، وإعداد الجداول والبحث في القواميس، إلا أن فيه سماً قاتلاً أيضاً؛ إذا اتجه المستخدم الصغير الذي لم يُحَصَّن دينيًّا بما فيه الكفاية للبحث والتصفح في المواقع الإباحية التي تيسر الرذيلة وتزينها للناس.

إن أضرار الفراغ على النشء والمجتمع، وما قد يسببه من جنوح وانحراف لهؤلاء الفتية ـ واضحة غير خفية، فالفراغ ينعكس على صورة الفرد عن ذاته، حيث يرى نفسه وقد أصبح بلا جدوى ولا منفعة، أصبح إنسانًا بلا هدف، وحياة بلا روح، ولا معنى لوجوده؛ مما يجعله يبحث عن الهروب والميل إلى الحيل النفسية، بعيدًا عن المواجهة وتحمل المسؤولية، فنجده قد يستخدم المسكرات والمخدرات والبحث عن الرذيلة، عله يجد متعة أو لذة.