إذا شعرت بوخز في صدرك فلا تجعل الأمر يمر مرور الكرام، فقد يكون إشارة أو علامة إنذار بأنك تعانى من اختلال بالقلب، قد يتحول للإصابة بما يسمى بالأزمة القلبية، فهل صحيح أن كل ألم بالصدر يعنى الإصابة بهذه الأزمة؟.. الدلائل كلها تشير إلى أن الإصابة بالأزمة القلبية أصبحت سمة من سمات العصر نتيجة لضغوط الحياة اليومية، ناهيك عن أن الإصابة امتدت لتشمل كافة الأعمار والمستويات الاجتماعية بعد أن كانت في الماضي تصيب طبقة الأغنياء فقط نتيجة لنظام غذائي غير صحي يتبعه هؤلاء..فما هي الأزمة القلبية وما هي أخطارها على صحة وحياة الإنسان، الإجابات يكشف عنها لـ «الوطن» خبراء واستشاريو أمراض القلب، إذ يوضح استشاري أمراض القلب د. أحمد عادل أن «الأزمة القلبية ضيق بالشريان التاجي أو تصلب بالشرايين مع حدوث تجلط دموي أو تجمع للصفائح الدموية بكثرة، وهذا كله يؤدي إلى انسداد شبه كامل بالشريان، مما يؤدي إلى اعتلال كبير بوظائف عضلة القلب وبالتالي تنجم الآلام الشديدة بالصدر مع اضطراب بنبضات القلب وربما تتطور الحالة ويحدث هبوط بالقلب أو بمعنى آخر ضعف بالدورة الدموية»، مشيراً إلى أن «الأزمة القلبية تكون على هيئة إصابة بجلطة بالشريان التاجي وذبحة صدرية غير مستقرة، وتتعدد أسباب الإصابة فقد تكون نتيجة للتدخين أو ارتفاع نسبة الكولسترول بالدم أو المعاناة من مرض البول السكري أو ارتفاع ضغط الدم أو الإصابة بالسمنة، وكذلك هناك العامل الوراثي الذي يلعب دوراً حيوياً في الإصابة بهذه الأزمة». وتابع د.عادل «أضف إلى ذلك عوامل أخرى مساعدة كالتوتر النفسي أو فقدان وقلة الحركة وعدم ممارسة الرياضة والتلوث البيئي إلى جانب الإصابة بما يسمى زيادة تجلط الدم، وهذه العوامل كلها تساعد على حدوث خلل بالأغشية المبطنة للشريان – التي هي في الأساس واقية له – وسرعان ما يحدث ترسب على جدار الشرايين وقشور ثم تشققات وأحياناً انفجار في ترسبات الشرايين واختلاط مكونات الدم بالطبقة الداخلية للشريان وهذا يؤدي إلى حدوث التهاب وتجلط حاد بالشريان». وفيما يتعلق بأعراض الإصابة بالأزمة القلبية، قال د.عادل إنه «غالباً ما تتمثل في حدوث آلام حادة بالصدر، وقد تتخذ أشكالاً متعددة مثل حدوث ضغط أو ثقل أو ضيق بالتنفس، وقد يمتد الألم على الذراع الأيسر أو الذراعين معاً مع الإحساس بالألم في منطقة الرقبة»، لافتاً إلى أن «الألم قد يبدأ فجأة ويستمر لمدة 30 دقيقة ويصاحب ذلك فتور عام مع إفراز عرق غزير ويشعر المريض بانخفاض ضغط الدم مع قلة نبضات القلب أو زيادتها عن المعدل الطبيعي، وهنا يتم تشخيص الأزمة القلبية الناتجة عن الذبحة الصدرية غير المستقرة بواسطة رسم القلب الذي يساعد على معرفة ما طرأ من تغييرات بالقلب علماً بأن عضلة القلب تكون سليمة، أما جلطة القلب فيحدث بها تغييرات تشير إلى وجود قصور وإصابة حادة بعضلة القلب مع ارتفاع نسبة انزيمات القلب بالدم، ولهذا ينصح عند حدوث الإصابة بسرعة القيام بإرجاء التحليلات المعملية، ورسم القلب، وعمل أشع بالموجات فوق الصوتية». مضاعفات الأزمة وفيما يتعلق بمضاعفات الأزمة القلبية، أوضح د.عادل أن «الذبحة الصدرية تؤدي لحدوث جلطة في القلب وقصور في الشريان التاجي، أما جلطة القلب فينتج عنها قصور حاد وضعف في عضلة القلب واضطراب في نبضاته وربما تصل الحالة إلى الموت المفاجئ»، موضحاً أنه «لذلك يجب عند الشعور بألم بمنطقة الصدر واستمراره لأكثر من ربع الساعة وخصوصاً إذا ما صاحب ذلك إعياء أو عرق غزير أو ضيق بالتنفس بالتوجه بسرعة إلى أقرب مستشفى، لأن عامل الوقت له أهمية كبرى في إسعاف المريض وإنقاذ حياته». وحول علاج الأزمة القلبية، لفت د.عادل إلى أن «العلاج عادة ما يكون عبارة عن أدوية لتسكين الألم وتحسين الدورة الدموية، وكذلك موسعات للشرايين التاجية وتقليل جهد القلب للحد من احتياجه للأكسجين وأيضاً أدوية لتخثر الدم وتشمل الأسبرين ومضادات التجلط، أضف إلى ذلك ضرورة إعطاء المريض عقار مذيب للجلطة وخصوصاً الثلاث ساعات الأولى من بداية الجلطة لأنه يساعد على فتح الشرايين في 60 إلى 70% من حالات الانسداد، كما يمكن أيضاً عمل قسطرة للقلب خلال الساعات الأولى لمحاولة فتح الشريان ميكانيكياً وتركيب دعامات شريانية، وهي بذلك تعتبر العلاج الأمثل ونسبة نجاحها كبيرة. وهذا بفضل التطور التقني لعملية القسطرة واستخدام الأدوية التي تمنع تجلط الدم وإمكانية التعامل مع أية عواقب أثناء فتح الشريان، أما إذا كان العلاج دوائياً فإن ذلك يتطلب إبقاء المريض تحت الملاحظة بالرعاية المركزة لعدة أيام مع عمل الفحوص الطبية لتقييم حالة القلب». قسطرة قلبية إلى ذلك، نصح د.عادل بأن «عند وجود آلام متكررة بالصدر بعد الجلطة، أو وجود بقايا قصور شديد بالشريان التاجي، أو اعتلال بعضلة القلب، أو غيرها، فيجب إجراء قسطرة قلبية أو نقل المريض لمركز قلب متخصص، أما إذا كانت الجلطة صغيرة ولم تصاحبها مضاعفات أو تكررت الأعراض، فهنا يجب عمل فحوصات لبيان مدى القصور بالدورة التاجية مثل رسم القلب بالمجهود أو المسح الذري بعد أسبوعين أو 4 أسابيع، وإذا تبين أن هناك احتمالاً للإصابة بقصور متوسط أو شديد بالدورة التاجية لابد من إجراء قسطرة وعن طريقها يمكن تحديد مدى احتياج المريض إلى توسيع الشرايين أو إرجاء جراحة لتوصيل الشرايين، ثم بعد الخروج من المستشفى يعطى المريض أدوية تخثر الدم لتقليل البصاق والصفائح الدموية وخصوصاً بعد توسيع الشرايين، كما يتحتم إعطاء المريض أدوية لخفض نسبة الكولسترول ومثبطات «بيتا» وأحياناً موسعات للشرايين التاجية مع ضرورة تجنب التدخين وعلاج ضغط الدم المرتفع وتنظيم البول السكري إذا كان المريض يعانى منه، كما إن إنقاص الوزن وممارسة الرياضة والمشي يعدو من الأمور المهمة عند استقرار الحالة». أسباب متعددة من جهته، قال استشاري أول الأمراض الداخلية والقلب د.علي مراد أن «هناك أسباباً متعددة للإصابة بالأزمة القلبية، منها المكتسب ومنها الموروث، فأما الأسباب المكتسبة، فمنها البدانة وتناول الدهون والمكسرات والأكلات المشبعة بالدهون وبالأخص المقلية، إضافة لقلة الحركة وعدم ممارسة الرياضة، والجلوس لساعات طويلة، والقلق والاضطراب النفسي، والانفعالات، واستخدام الملابس الضيقة، والإصابة ببعض الجراثيم والفيروسات والزيادة في نسبة بعض الأملاح الضارة، أما الأسباب الموروثة فمنها زيادة الكولسترول والدهون الثلاثية وبعض أنواع الدهون المتجانسة مع البروتينات والتدخين المباشر وغير المباشر وارتفاع ضغط الدم والإصابة بداء السكري». ولفت د.مراد إلى أن «الأسباب الخلقية للإصابة بالأزمة القلبية يبدأ الكشف عنها في سن مبكرة»، موضحاً أن «أبرز أعراض الإصابة بالمرض هي ضيق في التنفس، والعرق والغثيان والتعب الشديد، والشعور بألم حاد في القفص الصدري»، مشيراً إلى أنه «عند شعور المريض بالأعراض السابقة يجب عليه الامتناع عن الحركة وطلب الإسعاف فوراً ليتم إعطاؤه علاجاً للتخلص من الألم واستعمال الأوكسجين فوراً والمهدئ إن وجد». وأوضح د.مراد أن «إمكانات علاج الأزمات القلبية متوفرة في جميع المستشفيات الحكومية والخاصة»، مشيراً إلى أن «مركز الشيخ محمد بن خليفة بن سلمان آل خليفة لجراحة القلب بالخدمات الطبيبة الملكية بقوة دفاع البحرين متخصص في تشخيص وفتح وزرع الشرايين وعمليات الصمامات وتثبيت الدعامات في البحرين». وتطرق د.مراد للحديث عن الوقاية من الأزمة القلبية، مشيراً إلى أن أهم «الطرق تكمن في تفادي أسباب الإصابة بالمرض، وإذا شعر الشخص بألم في الصدر أو تحت القفص الصدري أو ضيق في التنفس مع المجهود فعليه مراجعة الطبيب أو اقرب مركز صحي، حيث إن جميع أنواع العلاج الحديثة متوفرة بالبحرين». وتشير تقارير إلى أن «70% من حالات الأطفال الذين يعانون من مشاكل صحية في القلب يتم علاجها بمركز الشيخ محمد بن خليفة بن سلمان آل خليفة لجراحة القلب، بينما 30% منها يتم علاجها بالخارج». ونصح د.مراد «بضرورة تناول الغذاء الصحي المتزن الذي يحتوي على مقادير من النشويات، والبروتينات ومشتقات الألبان والفيتامينات والمعادن الضرورية لحركة الحياة والموجودة في الخضراوات والفواكه»، مشدداً على «ضرورة ممارسة الرياضة بانتظام وتجنب الغذاء الذي يحتوي على الكولسترول والدهون المشبعة، مع ضرورة الإقلاع عن التدخين، وتجنب السلبي منه». ضغوط نفسية وفي السياق نفسه، فإن كثيراً ما يشعر شخص بآلام في القلب دون أن يكون مريضاً به وهذا الشخص يكون من الشخصيات الهيستيرية، وهو ما أكده طبيب الأمراض النفسية د.أكمل كمال، مشيراً إلى أن «ألم الإصابة عادة ما يكون بالجهة اليسرى تحت موضع القلب ويرتبط بموقف معين أو التعرض لمشكلة ما أو لضغط نفسي لا يستطيع أن يتحمله الإنسان مع عدم وجود شخص يستمع إليه أو يبوح له بما يشعر به، وهو ما يؤدي لإحساس الشخص المريض بالوهم بأعراض جسمية لا وجود لها، وفي نفس الوقت عند إجراء الفحص الإكلينيكي وعمل الأشعة والتحاليل تكون النتيجة سلبية، ويصبح العلاج في هذه الحالة علاجاً نفسياً عن طريق عمل جلسات معرفية للتعامل مع المريض وتدريبه على كيفية التأقلم مع ضغوط الحياة المحيطة به، كي يتغلب على ما يشعر به من وهم يشعره بألم إضافة إلى أن الطبيب قد يلجأ أحياناً إلى إعطاء المريض جرعات بسيطة من مضادات الاكتئاب أو القلق حتى لا تسوء الحالة».