كتب - محرر الشؤون السياسية: تستخدم جمعيات المعارضة المسيرات ورقة ضغط للحصول على مكتسبات والضغط للدخول في حوار جديد ينسجم مع رؤيتها، ورغم خروج التظاهرات عن المعدلات المقبولة إلا أن الداخلية تتعامل بنفس طويل وتحاول عدم منع أي مسيرة إلا في حدود القانون . ويرى رئيس المكتب السياسي لجمعية ميثاق العمل الوطني الديمقراطي أحمد جمعة أن زيادة المسيرات في بلد صغير يمتلك مشروعاً إصلاحياً مثل البحرين تعود إلى انكشاف الغطاء الدولي عنها وفقدانها شارعها الداخلي نتيجة الضرر من الوضع الذي وصلت إليه القرى. ويقارن جمعة بين المسيرات التي ينظمها الأمريكيون والتي هي في غالبها دفاع عن مكتسبات وظيفية ومهنية قائلاً: إبان الغزو الأمريكي للعراق نظمت 3 مسيرات فقط أمام البيت الأبيض للاحتجاج على السياسة الأمريكية (..) إحداها تم فضها باستخدام القوى، لافتاً إلى السقف الكبير من حرية التعبير في البحرين. وأعلن رئيس الأمن العام اللواء طارق الحسن أمس الأول عن منح 88 ترخيصاً لمسيرة وتجمعات موافقة للقانون من مطلع العام ما يعني أن المسيرات فاقت أربع مسيرات أسبوعياً خلال 193 يوماً. وينص الدستور في مادته «28 ب» على أن «الاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات مباحة وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون، على أن تكون أغراض الاجتماع ووسائله سلمية ولا تنافي الآداب العامة». ويعتبر جمعة أن ادعاء المعارضة أن الدولة تضيق عليها في حرية التعبير بمنع بعض المسيرات غير صحيح ويقول إن تنظيم 88 مسيرة مرخصة فضلاً عن غير المرخصة يدل على عدم صدقية هذه الدعوى». ويعتقد جمعة أن أغلب هذه المسيرات لو قيست بمعايير الدول الكبرى التي تدعي الديمقراطية لمنعتها لمخالفتها أهداف المسيرات التي ينبغي أن تكون ذات مغزى وليست للاستهلاك الإعلامي. ووفقاً للقانون فإن من يرغب بتنظيم مسيرة أو اعتصام يجب عليه إخطار وزارة الداخلية، وأن يتم تحديد اللجنة المشرفة وأن تلتزم اللجنة بالمحافظة على النظام وتعمل على منع كل ما من شأنه الإخلال بالأمن والنظام العام. ورغم أن غالب المسيرات تختتم بمخالفات أمنية وخرق للنظام العام واعتداء على رجال الأمن إلا أن وزارة الداخلية تحاول قدر الإمكان عدم منعها إلا في حالات قد تتسبب بالإضرار بالسلم الأهلي أو إرباك الحركة المرورية في الأماكن الحيوية. وتعد التجمعات والمسيرات حقاً كفله الدستور وفقاً للمادة «23» التي نصت على أن «حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما، وذلك وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون، مع عدم المساس بأسس العقيدة الإسلامية ووحدة الشعب، وبما لا يثير الفرقة أو الطائفية». وتنظم المادة «178» من قانون العقوبات (فصل 3 الخاص بالتجمهر والشغب) الحالات التي يجوز للأمن التدخل فيها إذ نصت المادة على أن «كل من اشترك في تجمهر في مكان عام مؤلف من خمسة أشخاص على الأقل، الغرض منه ارتكاب الجرائم، أو الأعمال المجهزة أو المسهلة لها، أو الإخلال بالأمن العام ولو كان ذلك لتحقيق غرض مشروع، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تجاوز مائتي دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين». ووفقاً لمسؤول وفاقي فإن الداخلية رفضت ترخيص 35 مسيرة وتجمعاً في الفترة الماضية. ودائماً ما ترفض الداخلية المسيرات في الأماكن الحيوية التي تتسبب بإغلاق الشوارع وإعاقة الحركة المرورية وهو ما تكرر فعاليات اقتصادية ومواطنون ومقيمون المطالبة بها حفاظاً على المصلحة العامة. وتنص المادة «180» من قانون العقوبات على أنه إذا «رأى أحد رجال السلطة العامة أن خمسة أشخاص أو أكثر قد تجمهروا بقصد إحداث شغب، جاز له بصفته هذه أن يأمرهم بالتفرق، وله بعد ذلك أن يتخذ التدابير لتفريق الذين خالفوا الأمر بإلقاء القبض عليهم واستعمال القوة في الحدود المعقولة ضد من يقاوم، وكل من بقي متجمهراً بعد صدور الأمر بالتفرق وعلمه بذلك يعاقب بالحبس وبغرامة لا تجاوز ثلاثمائة دينار أو بإحدى العقوبتين». ويرى جمعة أن قوات الأمن استطاعت أن تضبط نفسها بصفة كبيرة في التعامل مع المخالفات التي تقع في المسيرات مقارناً بين ما ينشر في وسائل الإعلام عن أعداد الجرحى وربما الوفيات التي تنتج عن التظاهرات في الدول المتقدمة. ورغم أن الدولة لا تمنع المسيرات إلا في ظروف معينة فإن الأكاديمي في القانون الدستوري والعلوم السياسية المستشار محمد بن أحمد آل بن علي يرى أن تنظيم المسيرات في الطرق الرئيسة والميادين العامة لا يستند للشرعية الدولية لقانون حقوق الإنسان وإنما ينظم من خلال التشريعات الداخلية. وهو ما أرجعه إلى أن المسيرات في الطرق الرئيسة أو الفرعية تتناقض مع المبادئ الفلسفية للحريات والحقوق الإنسانية في مصادرها الدولية التي تستند عليها في حماية حقوق الإنسان بصفتها حقوقاً فردية.