عندما سمعت التصريحات الإيرانية المتكررة الكاذبة والملفقة عن الرئيس المصري محمد مرسي تيقنت أنهم يستحلون الكذب ويتحرونه ويقصدونه حتى أصبحت تلك عادتهم، فلا يكاد يكون كلامهم إلا كذباً، وتذكرت ما أورده الزمخشري في (ربيع الأبرار) : “ أنه كان بفارس محتسب يعرف بـ«جراب الكذب” أي كيس الكذب ، فكان يقول: إن مُنِعْتُ من الكذب انشقت مرارتي، وإني لأجد فيه، مع ما يلحقني من عاره، ما لا أجد بالصدق مع ما ينالني من نفعه”، وهكذا إلى هذا الحد يبلغ تحري الكذب بصاحبه أن يتنفس الكذب ويصبح غير قادرعلى ممارسة الحياة من غيره، بل يجد في الكذب متعته، ويمرض إذا مرّ عليه وقت لم يكذب فيه!
وهكذا في إصرار وبلا خجل و لاحياء وفي محاولة منها لتحقيق مآرب خبيثة لإثارة البلبلة وبث الفتنة بين الأشقاء العرب والإيحاء للشعب الإيراني بالخروج من العزلة الإقليمية والدولية، تستمر وسائل الإعلام الإيرانية في اختلاق الكذب والترويج له في سلسلة من التصريحات التي تنسبها إلى الرئيس المصري الجديد. ففي التصريح الأول نسبت وكالة أنباء فارس إلى مرسي قوله إنه سيسعى إلى تقوية العلاقات مع إيران من أجل إقامة توازن استراتيجي، وفي رد مخزٍ لإيران وأبواقها خرجت الرئاسة المصرية تكذب هذا التصريح قائلة إن الرئيس لم يدلِ بتصريحات لأي وسيلة إعلامية بل وقالت إن هذه التصريحات أوهام وافتراءات لا أساس لها من الصحة كما أكد خبراء قاموا بفحص التسجيل أنه ليس لمرسي.
ويوم الثلاثاء 3 الحالي ذكرت الوكالة الإيرانية نفسها أن الرئيس محمد مرسي سيقوم بزيارة إيران أغسطس المقبل، وإذا بالدكتور ياسر علي، المتحدث المؤقت باسم رئاسة الجمهورية يؤكد: “إن ما بثته وكالة “فارس” الإيرانية عن زيارة الرئيس محمد مرسي لإيران غير صحيح، وإن الرئيس لم يتلقَ أي دعوات لزيارة إيران .
إن هذا الأمر يؤكد للعالم الكذب والافتراء والسقوط المهني المخزي الذي أدمنه الإعلام الإيراني فهو يتفنن من قبل وعلى الدوام في اصطناع الأخبار والادعاءات الملفقة صباح مساء ضد البحرين ودول الخليج .
وهاهو الآن يلفق تصريحات كاذبة وينسبها للرئيس مرسي والهدف من ذلك في نظري الإيحاء للشعب الإيراني بخروج نظامه من عزلته التي يعيش فيها في محيطه الإقليمي والدولي خصوصاً بعد احتدام الثورة السورية واحتمال سقوط الأسد قريباً بإذن الله ، كما تسعى لإثارة البلبلة والفتنة بين دول الخليج ومصر.
وهنا يتضح أن تخوفات البعض من تقارب قد يحصل بين مصر وإيران في المرحلة المقبلة يصب في خدمة ما تسعى له إيران من شق الصف العربي.. خصوصاً ونحن بحاجة ماسة في هذه المرحلة لتعزيز العمل العربي المشترك لما من شأنه درء الأخطار التي تهدد الأمن القومي العربي في ظل التهديدات الإيرانية المستمرة. مع أن هذه التخوفات لا مبرر لها فكل المؤشرات والدلائل تشير إلى أن الرئيس مرسي لا يريد التقارب مع إيران، ففي خطاب التنصيب أكد وقوفه مع الشعب السوري وأنه لابد لنزيف الدم هناك أن يتوقف كما أكد أنه سيقف ضد كل من يهدد الأمن القومي العربي، وكان قد رفض استقبال السفير الإيراني من قبل احتجاجاً على دعمهم للنظام السوري، وفي حملته الانتخابية أكد أن تقوية العلاقات مع دول الخليج من أولوياته وهاهو يقول إن أول دولة سيقوم بزيارتها هي السعودية، كما قامت جريدة الحرية والعدالة الذي يتبع له مرسي بشن هجوم قوي على إيران متهمة إياها بالعمل على إقامة مشروع صفوي توسعي في المنطقة وأنه يجب العمل على إيقافه.
إن العلاقات التاريخية المصيرية والروابط العقائدية والقومية التي تربط مصر بدول الخليج لا يمكن التفريط والتضحية بها لصالح المشروع الإيراني البغيض، وعليه فإنه ينبغي للأطراف المعنية أن لاتسمح لأحد بتعكير هذه العلاقات والروابط الاستراتيجية التي تجعل العرب أكثر قوة باجتماع القوة البشرية مع القوة الاقتصادية ،فلنكن إذاً اكثر تفاؤلاً بتقوية هذه العلاقات لما فيه صالح الأمة جمعاء.
جلال أحمد الحطام