كتب- محرر الشؤون السياسية:

يثير موضوع المال السياسي، للجمعيات الأهلية البحرينية، اهتمام المراقبين، وتساؤلاتهم عن مصادر هذه الأموال، وطرق وأماكن صرفها، ويدعون في ضوء ذلك الدولة إلى ضرورة ضبط المال السياسي، في ظل ما تتحدث عنه تقارير ترد بين الفترة والأخرى، عن تلقي جمعيات سياسية ومنظمات أهلية داخل البحرين دعماً من الخارج بمبالغ مالية كبيرة وبطرق غير مرخصة. مؤكدين أن مرجعية الجمعيات السياسية يجب أن تظل وطنية، وعللوا أن من يقبل التمويل الخارجي يتغير ولاؤه.

وتدفع هذه التقارير المراقب لوضع بعض الجمعيات السياسية للتساؤل التالي: من أين لهذه الجمعيات، مع محدودية الدعم الحكومي لها، هذا المال الذي تنفق فيه يمنة ويسرة وتتصرف دون رقيب، رغم خطورة الدعم المالي الخارجي وضرورة إيقاف حركة غسيل الأموال؟. داعين إلى إصدار تشريعات للقضاء على التمويلات الخارجية المشبوهة.

ويؤكد المراقبون أن تكليف مجلس الوزراء، في جلسته أمس، مصرف البحرين المركزي بإعداد مقترح لآلية توحيد آليات الرقابة المالية على جميع المنظمات الأهلية، تأتي كخطوة قد تسهم في معالجة حركة المال السياسي.

وكان من بين المخالفات المتعلق بتمويل الجمعيات السياسية ما تمّ رصده مؤخراً ضد جمعية العمل الإسلامي، حيث جاء في دعوى وزارة العدل ضد الجمعية أنها لم تقم بالكشف عن»مواردها المالية ومصادر التمويل والوضع المالي لها، ووجهة صرف هذه الأموال»، وهو ما أثار عدة تساؤلات حول مصادر تمويل بعض الجمعيات ومدى صحة ما يشاع عن تلقيها تمويلات أجنبية من بعض دول الجوار عبر طرق ملتوية من بينها تهريب الأموال، أو قيامها بتقديم أموال لجهات مشبوهة في الخارج، كما يثير الشبهات بشأن مصادر تمويل أنشطة وفعاليات بعض الجمعيات السياسية خصوصاً تلك التي كانت تتلقى دعماً تشغيلياً من الحكومة وتوقف في أعقاب فقدها لمقاعدها في البرلمان.

ويؤرق موضوع التمويل الخارجي لبعض الجمعيات السياسية، القوى الوطنية بمختلف تشكيلاتها السياسية والشعبية، حيث أوصى حوار التوافق الوطني بـ «وضع معايير لتنظيم ومراقبة الجمعيات وزيادة وتنظيم التمويل الذي تقدمه الوزارة» إضافة إلى «تطبيق قوانين الكشف عن الذمة المالية على أعضاء إدارات الجمعيات السياسية»، ما أسفر عن إعداد مشروع تعديل للقانون 26 لسنة 2005 «المنظم لعمل الجمعيات السياسية» بما يحقق إخضاع أموال الجمعية لحكم المال العام، واعتبار القائمين على شؤونها والعاملين بها في حكم الموظفين العموميين.

كما تم وضع مشروع تعديل يلزم الجمعيات السياسية بنشر ميزانياتها السنوية وحساباتها الختامية تماشياً مع مرئية الحوار الوطني المطالبة بإلزام «نشر ميزانيات الجمعيات والحسابات الختامية».

وفي السياق ذاته طالب عدد من النواب بضرورة إيجاد التشريعات اللازمة لمكافحة تمويل الإرهاب وغسيل الأموال عن طريق التحويلات المالية التي تتلقاها بعض الجمعيات، معتبرين أن التمويل الخارجي لجمعيات وشخصيات معارضة داخل المملكة يصب في خانة دعم الأنشطة الإرهابية، وتجب مكافحته، من أجل تجفيف منابع تمويل الإرهاب في البلد.

ودعوا إلى تشديد الرقابة على التبرعات والتحويلات الخارجية للجمعيات من أجل قطع الطريق أمام المال الخارجي الذي تتلقاه بعض الجمعيات في البحرين.

وأشاروا إلى أنه صار لزاماً على البحرين بعد انضمامها للاتفاقية الدولية لمكافحة تمويل الإرهاب، إصدار القوانين والتشريعات التي تمنع تمويل أنشطة الإرهاب وغسيل الأموال، سواء كان ذلك من قبل الجمعيات أو الأفراد.

وحذر نواب من خطورة التمويل الخارجي للجمعيات مؤكدين أنه يصب في خانة دعم الأنشطة الإرهابية.

ورغم أن مجلس النواب مرر مشروع قانون بشأن حظر ومكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، خلال الدور الماضي، إلا أنه لم يتجاوز عتبة مجلس الشورى بسبب خلافات حول بعض مواده.

إلى ذلك دعا الأمين العام لجمعية الميثاق محمد البوعينين إلى تطبيق قانون الجمعيات السياسية على جميع الجمعيات بالمملكة، وليس على جمعية «أمل»، وحدها والتي سجل عليها العديد من المخالفات، سواء من جهة عدم الكشف عن ميزانيتها أو أوجه صرفها والمبالغ التي دخلت إلى ميزانيتها.

وأوضح أن القانون المنظم لعمل الجمعيات السياسية واضح في توقيع العقوبات على من يتلقى تمويلاً من الخارج.

وقال البوعينين» يجب أن ندرك جيداً بأن من يدفع التمويل لابد أن تكون له أجندات خاصة به، كما إن من يقبل التمويل الخارجي سيضطر لأن يكون تابعاً لمن يموله، ومنفذاً لأجنداته التي يريدها».

وأضاف أن» من هذا المنطلق، جاء قانون الجمعيات السياسية، مشدداً على تحريم أي تمويل خارجي لأي جمعية سياسية، وأوضح أن الهدف من ذلك هو أن تظل منطلقات هذه الجمعيات السياسية ومرجعياتها وطنية».

وأشار إلى أنه من واقع أبسط تحليل ما تقوم به بعض الجمعيات السياسية من أنشطة سواء داخلية أو خارجية، والصرف عليها يتأكد أن هناك من يقوم بتمويل هذه الجمعيات وأنشطتها».

وأوضح أن مجلس النواب الروسي، يصف في مشروع قانون، أصدره مؤخراً، المنظمات التي تستفيد من تمويل خارجي وتمارس نشاطاً «سياسياً» بأنها «عميلة للخارج»، ويفرض عليها رقابة مشددة، متسائلاً: ما هي الصفة المناسبة للجمعيات السياسية التي تتلقى الدعم الخارجي بالبحرين؟. وهل الدولة ملزمة بفرض الرقابة على تحويلاتها المالية ؟.

ويفرض القانون الروسي على تلك المنظمات الإعلان بأنها «عميلة للخارج»، في أي اتصالات أو أنشطة عامة، كما يضعها تحت رقابة مالية مشددة.

جدير بالذكر، أن مشروع تعديل قانون حظر ومكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب جاء نتاج تقييم قطاع الخدمات المالية «FSAP» من قبل صندوق النقد الدولي عام 2005، بخصوص القطاع المالي في البحرين الذي انتهى إلى التوصية بمراجعة قانون حظر ومكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب وتضمينه الجرائم الواردة في التوصيات الصادرة عن مجموعة العمل الدولية، تفادياً لإدراج اسم المملكة ضمن قائمة الدول غير المتعاونة والتي تشكل مخاطر على المجتمع الدولي.